ترددت كثيرا في طرح هذا الإشكال الذي تعيشه الرياضة المغربية من دون تحديد لنوع الممارسة الرياضية لأن الظاهرة عامة وكما تقول العامة «إذا عمت هانت» وهي بالذات والصفات أهم أسباب التخلف الرياضي بالمغرب عموما. قد يبدو للبعض أن هذا العنوان فيه كثير من التحامل على الوسط الرياضي المغربي، وأن هذا الوسط فيه خيره وشره، ولا يمكن أن نضع السمك في سلة واحدة حتى لا تتعفن باقي أنواع السمك، مع العلم أن السمك تفوح رائحته بعد يومين، وأن من بيده زمام التسيير الرياضي بالجامعات والأندية تجاوز الأربعة عقود ولا تزال لديه الرغبة في الاستمرار، وهذا هو عين الصواب لأن الجميع يتلذذ حين يجد نفسه على نفس الموائد. لكن الأمر بخلاف ذلك ليس هناك أي تحامل على أي مسؤول مهما صغر أو كبر شأنه، لأنهم يعرفون ذلك ومتأكدون من أنهم خارج التغطية، وقد أثقلوا كاهلنا بوجودهم ولم نجد لهم بدا لإزاحتهم، بحكم أنهم قد أصبحت لهم حظوة وسلطة ونفوذ وأبواق دعاية وسماسرة ومهرجون إلى غير ذلك من الأوصاف والمواصفات التي تخدش الحياء وتبعث على القرف حتى... وبعيدا عن التجني الذي قد يعتبره البعض هكذا من دون سبب، يجب الاعتراف: أن مسؤولا رياضيا في أي نوع رياضي استطاع أن يقدم نموذجا يليق بالتطور السياسي الذي يعيشه المغرب، لأننا في الحقيقة، والحقيقة أم العجائب، كنا ننتظر كفاعلين رياضيين وجمعويين وإعلاميين أن الانتقال الديمقراطي الذي يعيشه المغرب سيوازيه انتقال ديمقراطي في الرياضة بظهور نخب جديدة من الفاعلين الرياضيين في الأندية والجامعات الرياضية واللجنة الأولمبية، لكن لا شيء من هذا قد حدث أو قد يحدث في حالة الجلوس في قاعة الانتظار، انتظار من سيحترم نفسه ويفضل الرحيل تاركا المهمة للجيل الشاب الطموح الغيور على بلده وعلى شباب بلده وخيراته. فمنذ بداية الاستقلال إلى اليوم لازالت العديد من الوجوه في الحقل الرياضي جاثمة فوق صدور الرياضيين المغاربة تفشل فتسقط فتنهض فتفشل ويتكرر المشهد من دون خوف ولا وجل، تتقمص أدوارا مختلفة وهي بارعة في كل الأدوار والسيناريوهات في محاولة للتخلص من رواسب الماضي، أما نحن فلنا ذاكرة تحتفظ بآلاف الصور والذكريات من العبث، إنهم يعتقدون أنها قابلة للإلغاء إلى حين وهو اعتقاد خاطئ ليس إلا.!! ومن الغرابة الشديدة فإنهم يتوهمون أننا نسايرهم في أطروحاتهم التي لا تتجاوز الافتراء في أسمى تجلياته فالنتائج واضحة والصور جلية ولا تكفي معها لحظات تجميل إعلامية. لكن السؤال الأهم، والجوهري، لماذا يصرون على البقاء والاستمرار في الحقل الرياضي: - هل يعتقدون أنهم على درجة عالية من الذكاء، ودونهم الرياضة المغربية آيلة إلى الزوال والاندثار، وأننا سنرجع القهقرى من دونهم سنوات إلى الوراء، مع العلم أننا بعكس ما يتوهمون أنهم صانعوه أو شبه لهم، وأن أدوات التنفيذ على درجة كبيرة من الغباء ممارسة وتدبيرا وتسييرا، ليست لها الكفاءة لتحمل هذا العبء، لكن الواقع بخلاف ذلك وهم على هذا النمط من التفكير والممارسة قد أحكموا قبضتهم ولهم في ذلك تاريخ طويل. - هل يعتقدون أنهم الأجدر بل الأولى بممارسة الوصاية وحتى الحجر علينا من دون تفويض أو إنابة من أحد ومن بعدهم الطوفان. - هل يصطدم ما هو رياضي بما هو سياسي فتدخل المصالح السياسية وأخواتها من المصالح فتضيع الرياضة. - هل العبث في التسيير وتكوين لوبيات متماسكة ومتراسة حمل العديد من الرياضيين على الابتعاد «ليفلت بجلده على الأقل» والأمثلة كثيرة ولا يحصيها عد. إن الحديث عن تخليق الحياة السياسية بالمغرب يجب أن يوازيه تخليق الحياة الرياضية، لأنه لا ارتقاء ولا تطور من دون رحيل من ساهم في عفونة الرياضة المغربية بجميع أنواعها أما المساحيق التجميلية فقد فقدت فاعليتها. وسأقدم مثال حيا لما ألت إليه الرياضة بالمغرب «لقد كشف وزير الشباب والرياضة الخميس الماضي في لقاء بالدار البيضاء في لقاء أطلق عليه الحملة الانتخابية السابقة لأوانها، بأن تنظيم دورتي 2013 و2014 لكأس العالم للأندية في كرة القدم ستكلف المغرب خسارة تقدر ب 14 مليار سنتيم، بحكم أنه ملزم بأداء ضمانة غير قابلة للاسترداد بقيمة 64 مليار سنتيم، وأضاف بأن المغرب سيتكبد خسارة عن كل دورة ينظمها ما قيمته 32 مليار سنتيم عن كل دورة، لكن المثير للانتباه وهو أن الوزير أكد بأن الحكومة المغربية وافقت في اجتماع للمجلس الحكومي على تحمل الخسارة المذكورة. ألا يعتبر هذا الموضوع قمة في الاستهتار ننظم لنخسر «وكأننا دار العرس مرحبا بالضيوف وإخوانهم وجيرانهم...» هل المغرب في الظروف الحالية في غنى عن أمواله حتى يتم تبذيرها، والأولى أن يتم توظيفها أو إيجاد حلول للمعطلين من خريجي معاهد الشباب والرياضة وما شابهها. 14 مليار خسارة تنظيم دورة رياضية واحدة وقبلها 90 ألف درهم إيجار شهري لكراء سيارة فاخرة. آخر الكلام: وقتاش تغني يا قلبي إلى ما غنتي اليوم.