واصل الملتقى الدولي الأول حول العمل والتدبير الثقافيين المنعقد مساء الثلاثاء الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط, بمبادرة من معهد ثيربانتيس وعدد من المؤسسات والجهات المغربية والإسبانية, أشغاله خلال اليوم الثاني, بتنظيم حفل أحيته أوركيسترا ماستريطا والإخوة العكاف وبنات الرودانيات في مزيج فريد واستثنائي من الموسيقى التي خلبت لب المستمعين. ويعتبر الإخوة العكاف صيغة فذة ومثيرة في المغرب, حيث يتركز عملهم على المزاوجة بين الحداثة والتقليد, بغية العثور على تركيب جامع يوحد بين الجاز العالمي وموسيقى العالم, ومختلف تنويعات الموسيقى المغربية, فضلا عن ذلك, يعرف الإخوة العكاف بكونهم من أهم «صناع نهضة التراث الموسيقي المغربي». وتمتح أوركسترا ماستريطا من إبداع كبار فناني الموسيقات الشعبية: الأمريكيين (كول بورتر وغير شوين وهنري مانسيني) والبرازيليين (جوبيم) والأوروبيين (نينو روطا) بحيث تعمد إلى إدماجهم في جو الإيقاعات اللاتينية الساخنة. ويتعلق الأمر بأوركسترا ذائعة الصيت وتعد قيمة مرجعية في المشهد الموسيقي الإسباني المعاصر. أما بنات الرودانيات, فتتوفرن على أصوات صادحة وقوية, يفتن المستمع حيالها لأنها تحمله إلى أجواء الخيام الأمازيغية, وأساليب الغناء كالعيطة والشعبي, كما أن إيقاعات موسيقاهن وحركاتهن وركزاتهن ترمز إلى لا محدودية حرية التعبير فضلا عن الموسيقى التي تحفل بالحياة. واستعمل في هذا الحفل, عدد كبير من الآلات, كالعود والطبل والهجهوج والبيان والقراقب والرباب والبندير والساكسفون والكمان وآلة الإيقاع والكلارينيت والقيثارة والباص والناي وغيرها من الآلات المعروفة أو القديمة التي لم تعد تستعمل كثيرا, وأدى الدمج الموفق بين الموسيقى الأمازيغية والعربية والغربية وكناوة إلى انبثاق موسيقى تسلب العقول بألحانها المرحة تارة والحزينة أخرى, دافعة الجمهور إلى التأرجح في سفره ذاك, وكأنه راكب أمواجا تداعبه مرة بمرح راقص, وتلقي به أخرى في براثن الحزن الشفيف والتأمل الهادئ.