مسابقة السيناريو تسفر عن شريط أنتج بالتضامن والتطوع وفجر مفاجأة الملتقى تضع، الدورة الثامنة من الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء، أوزارها، مساء اليوم، وكانت تحت شعار «السينما والبيئة»، وكما جرت بذلك العادة تم تسجيل حضور العديد من الوجوه الفنية والثقافية المغربية من مخرجين نذكر من بينهم فريدة بليازيد التي تترأس هذه الدورة لجنة تحكيم السيناريو، المخرج داود أولاد السيد والمخرج أحمد بولان والمخرج وكاتب السيناريو محمد الكغاط بمناسبة عرض شريطه الجديد «نهار تزاد طفا الضو» الذي يقوم ببطولته الممثل رشيد الوالي، وحضور الممثل والمخرج عبد الكبير الركاكنة بمناسبة عرض فيلمه بلاستيك وهو من بطولة رشيد الوالي ولطيفة أحرار. إضافة إلى العديد من الممثلين المغاربة كرشيد الوالي، بشرى أهريش ومحمد الشوبي الذي كرمه المهرجان خلال اليوم الأول رفقة الناقد المغربي محمد سكري الذي حال المرض بينه وبين الحضور لتسلم درع التكريم، إضافة إلى لفيف من الإعلاميين، ومن بين الوجوه المألوفة التي غابت عن الملتقى هذه الدورة الإعلامي المتميز ياسين عدنان، والرئيس السابق لجمعية الفيلم عبر الصحراء وأحد أبرز مؤسسيها الأستاذ محمد علي الهلالي، وإذا كان غياب ياسين عدنان مر تحت تبرير انشغاله بتصوير برنامجه مشارف، فإن غياب محمد علي يطرح أكثر من علامة استفهام. أما بالنسبة للجنة تحكيم مسابقة السيناريو لهذه الدورة، فتتكون من المخرجة فريدة بليازيد السيناريست يوسف فاضل، والروائي الميلودي شغموم، المخرج السينغالي ماما كايتا والمخرجة الفرنسية آن كلود لومي وتنحصر مهمة اللجنة في انتقاء ثلاثة سيناريوهات للفوز بالجوائز الثلاث المقررة في إطار هذه المسابقة وهي جائزة أحسن سيناريو التي تبلغ مكافأتها سبعة آلاف درهم، وجائزة أحسن حوار(خمسة آلاف درهم)، ثم جائزة لجنة التحكيم (ثلاثة آلاف درهم)، والأمر لا يقف عند الجوائز النقدية التشجيعية فقط، ولكن يضمن مواكبة للسيناريو الفائز وتحويله إلى فيلم كما حصل مع السيناريو الفائز السنة الماضية الذي تحول إلى فيلم جميل يفيض بالصدق، وبملامسة العديد من التجليات الاجتماعية، فيلم قصير بمضمون كبير وإشارات تنم عن استيعاب كبير لمضمون معاناة البسطاء من الناس في المدارات النائية، وصعوبة التمدرس بالنسبة لأطفالهم، الذين لا يشفع لهم تفوقهم ونبوغهم ورغبتهم في التعلم أمام فقرهم وجهل محيطهم الذي يحتاج في الكثير من الأحيان لأياديهم الغضة كمجهود عمل إضافي بغرض التغلب على متطلبات المعيش اليومي القاسي، الفيلم مليء بالإشارات والدلالات الهادفة والانتقادات الساخرة أحيانا، لكنه شريط مفتوح على جمال الأفق الصحراوي الرحب، و مع ما يقدمه من مشاكل واقعية صعبة ليس سودويا ولكنه مشبع بالأمل الأمل الذي ينتصر في الأخير، تجدر الإشارة إلى أن الطفل الذي لعب دور البطولة تألق بشكل كبير في دور أيوب، وهذا هو الأمل الذي يقدمه الشريط حول ما يختزنه أولادنا من طاقات ومواهب وجب الانتباه إليها ودعمها، و هو ما يمنح الثقة والاطمئنان إلى المستقبل. «صندالة أيوب» أو « Sandales d'Ayoub « هو الشريط المغامرة، باعتباره أول تجربة سينمائية للجمعية يتم تصويره بالاستوديوهات الطبيعية لزاكورة منذ منتصف أكتوبر الجاري ومن خلال عرضه، أفرجت الجمعية عن مفاجأتها لهذه الدورة، وللتذكير فان سيناريو هذا العمل هو من كتابة الشاب أحمد آيت العربي الفائز بجائزة أحسن سيناريو خلال الدورة الأولى من مسابقة السيناريو المنعقدة في إطار ملتقى الفيلم عبر الصحراء السنة الماضية، وأنجز بمساهمات متنوعة وبالكثير من المحبة والتضامن. وتدور قصة الشريط حول شروط التمدرس في المدارات القروية المعزولة بالنسبة لأبناء الأسر الفقيرة مثل أيوب الذي يتمزق نعله ويحتاج إلى نعلين جديدين، فتبادر الأم بتقديم الطلب إلى الوالد الذي يرفض في البداية الإذعان إلى طلب طفله لكن ومع توالي أحداث الشريط سيتوضح للوالد مدى نبوغ ابنه في الدراسة وينتهي الأمر بان يحقق له طلبه بشراء نعل جديد وهو فخور به، كما يطرأ تغير ايجابي على نظرة الولد للعملية التعليمية التي كان إلى حين يعتقد في لا جدواها، الفيلم الذي تسنت لنا مشاهدة عرضه الأول خلال يوم افتتاح الدورة الثامنة من ملتقى زاكورة الدولي للفيلم عبر الصحراء، إضافة إلى عرض فيلم الجامع لداود أولاد السيد، و نهار تزاد طفا الضو للمخرج محمد الكغاط. من جهة أخرى تمكن الحضور من متابعة العديد من الانتاجات السينمائية المسطرة في البرنامج بغية خلق شروط الاستفادة والمتعة، إذ لا يبرمج الملتقى أي مسابقات بين الأفلام المشاركة، لكنه يمنح الجمهور مجموعة منتقاة من الأعمال السينمائية لها علاقة بموضوع الصحراء، وشهدت الدورة التي نودعها مساء اليوم مشاركة أفلام من فرنسا، الجزائر، تونس، تشاد، بلجيكا، ألمانيا، هولندا، المكسيك من أبرزها فيلم «الرجل الذي يصرخ » للمخرج التشادي، محمد صالح هارون وفيلم «المحيط الأسود» للمخرج البلجيكي، ماريون هانسي بالإضافة إلى أفلام من المغرب. هذا، ويختتم الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء، بعد دورة غنية بالمفاجآت وعلى إيقاع مد جسور التواصل بين السينمائيين من دول الصحراء وإتاحة الفرصة للشباب المغربي الهاوي والممارس للسينما الاستفادة من خبرات المخرجين والممثلين الذين يستضيفهم الملتقى وإشرافهم على الورشات التكوينية المنتظمة ضمن فعالياته، كل هذا من أجل حب السينما ومن أجل حب هذه الرقعة ذات المعطيات الجمالية الهائلة، ومن أجل خلق نهضة سينمائية بربوعها ولعل هذا هو شعار الجمعية وهدفها من تنظيم هذا الملتقى متعدد الأهداف، ويمكن القول بالنسبة لي شخصيا وأنا أعود إلى الملتقى في دورته الثانية وكنت من بين الصحافيين الذين تابعوا منذ سنوات خطواته الأولى، فوجئت للحجم الكبير الذي اكتسبه خلال سنوات معدودة، والطموحات التي مافتئ يهدف الوصول إليها. معلوم أنه بمناسبة الحفل الختامي الذي سينعقد هذا المساء سيتم الإعلان عن السيناريو الفائز هذه الدورة والذي سيتحول إلى فيلم سيتسنى لضيوف الدورة التاسعة مشاهدته، نتمنى أن يشكل مغامرة مثمرة كسالفتها وتجربة سينمائية تشاركية وتضامنية تتجاوز ما حصل مع شريط «صندالة أيوب».