أصبح هوس تكبير العضلات والأجسام يدفع بعض الشباب وممارسي رياضة كمال الأجسام على الخصوص، إلى اتباع طرق محظورة بعيدة عن أخلاقيات الرياضة ولها أضرار على صحتهم، قد تؤدي إلى الوفاة. فما بين الحاجة الصحية والهوس الرياضي انتشرت المكملات الغذائية والمنشطات والهورمونات بالمغرب، بدعم من المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي وتسويق بعض الشركات، وبشكل يصفه كثيرون بالعشوائي. ويعرف المتخصصون المكملات الغذائية على أنها أغذية تكميلية تؤخذ من طريق الفم وتحتوي على المواد الأساس التي يحتاجها الشخص بهدف زيادة الوزن أو إنقاصه، وتحسين الأداء وتغذية العضلات وبناء شكل الجسم، لكنهم يحذرون من استخدامات خاطئة من قبل بعض الرياضيين، مثل تناول الهرمونات أو مولدات الهرمونات التي تكون على شكل حقن أو كبسولات. ويقول مهدي مدرب كمال الأجسام بأحد النوادي بالدارالبيضاء، أنه " من الصعب أن تجد مسابقة سواء على المستوى العالمي أو المحلي أو الإقليمي خاصة برياضة كمال الأجسام، لا يأخذ المتسابقون والمشاركون فيها الهرمونات كي ترفع من كثلتهم العضلية أضعاف المرات، بالرغم من الندوات واللقاءات التي ينظمها القائمون على تلك الفعاليات، للتعريف والتوعية بخطر الهرمونات على صحة المتسابقين والإنسان عامة، غير أن هذه الرياضة ستتوقف في حال عدم استخدام تلك الهرمونات على حد قوله. وأضاف أنه طيلة مشواره كممارس ومدرب لهذه الرياضة، لاحظ أن غالبية لاعبي كمال الأجسام يعتمدون على الهرمونات لاكتساب الكتلة العضلية المطلوبة قبل المشاركة في أي مسابقة بشكل أسرع وأكبر، وهذه العملية تتطلب شهورا من التحضير لدرجة أن عملية الحقن بالهرمونات الصناعية قد تستمر حتى آخر ربع ساعة من بدء المسابقة، ويستمرون باستخدامها بعدها خوفا من فقدان الكتلة العضلية، بحسب ما رصده خلال سنوات عمله الطويلة في النوادي الرياضية. أما بالنسبة للمكملات الغذائية فهي الأكثر انتشار بين الرياضيين سواء المحترفين أو من يرتادون الصالات والنوادي الرياضية، وأوضح المهدي أن هذه المكملات تبقى أمنة مقارنة بالهرمونات والمنشطات حيث تدخل ضمن النظام الغذائي لمجموعة من الرياضيين في كل الأصناف الرياضية ليس فقط كمال الأجسام، بل حتى لاعبوا كرة القدم والسلة وألعاب القوى يدخلونها ضمن نظامهم الغذائي. وأوضح المهدي أن بالرغم من أن هذه المكملات غير مؤدية نسبيا، إلى أن مجموعة من الشباب لا يجدون هذه المكملات لدى الصيدليات مما يدفع العديد منهم إلى شرائها عبر طرق غير أمنة وهنا تكمن الخطورة حيث أن العديد منها يعدل تاريخه أو غير موافق عليه من اللجنة، مضيفا بأن من يريد شراء المكملات الغذائية أن يشتري فقط منتوجات المشهورة ومن المتاجر المخصصة والمصرح لها بالبيع لأنهم يقومون بفحص المنتجات قبل السماح ببيعها غير. أما بالنسبة للمنشطات كالديكا وما غيرها يقول المتحدث ذاته إنها مخصصة لأمراض وليس للأشخاص السليمين و كلها لها أعراض جانبية وتشوه الجسم، مضيفا أن رياضة كمال الأجسام رياضة استعراضية ولا يحتاج أصحابها لطاقة لأنهم لا ينجزون عملا بدنيا كبيرا خلال المسابقات. في المقابل هناك من لا يزال متمسكاً بالمأكولات الطبيعية، وهو ما أكده محمد شاب في ربيعه الخامس والعشرين، ممارس لهذه الرياضة منذ سبع سنوات، حيث قال "منذ بداية ممارستي لهذه الرياضة لطالم فضلت أكل المواد الطبيعية والتي توفر حاجياتي من البروتينات والألياف والمواد الأخرى بدلا من ما هو مصنع أو مركز، فأفضل أكل الأسماك واللحوم البيضاء والحمراء، إضافة إلى الخضار والفواكه أعتقد أنها ألذ وأطيب وأكثر صحية، فهي غنية بالفيتامينات والألياف، كما لا ثقة لي بشركات الأدوية والماركات المعروفة باهظة الثمن". وأضاف محمد أنه حتى اكبر المدربين العالميين في كمال الأجسام واللياقة فهم يتبعون برنامج عملي في التمارين وفي التغذية أيضا بعيدا عن الإبر والحبوب، فهم يعلمون جيدا أنها فقط (مكملات) لكن الكثير يتخذها رئيسيات التغذية، مشيرا إلى أن جاي كيلتر لاعب كمال الأجسام محترف بأمريكا ينصح الهواة والمحترفين بعدم استعمال الحبوب أو الإبر في البداية والاكتفاء بمشروب البروتين كما كان يفعل،لكن الاهم هو التغذية مع التمارين والتنظيم فيما بينهما. ويتفق كثيرون مع هذا الرأي إذ تقول ياسمين وهي طالبة جامعية، ومنخرطة في أحد النوادي بمدينة الدارالبيضاء "لا أثق بالمكملات الغذائية لأنني لا أعلم محتواها، ولذلك أفضل استهلاك مواد طبية وصيدلانية في حالة الضرورة، وفي حال اضطررت إلى أخذ أي مكملات فطبعاً سيكون ذلك بعد استشارة الطبيب". وتذهب دراسات عدة إلى الربط بين المكملات التي يسعى مستهلكوها إلى استخدامها لإنقاص الوزن، أو بناء كتلة العضلات أو زيادة الطاقة، وبين مشكلات صحية متعددة معقدة أحياناً على غرار احتمالية التعرض إلى سكتة دماغية ومشكلات القلب وتلف الأعضاء منها الكبد والكلى. ويكمن الإشكال هنا في أن بعض المكملات الغذائية تحتوي على عناصر معدنية وفيتامينات موجودة في جسم الإنسان أساساً، إذ قد يكون أحد العناصر مرتفعاً، ويرتفع بشكل مقلق مع المكمل الغذائي، ما قد يعرض الجسم لخطر التسمم كما تشير الأبحاث. وفي هذا الصدد كان مجلس الحكومة قد صادق، أواخر يونيو الماضي، على مشروع القانون رقم 06.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 97.12 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة، قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى. وأوضحت الوزارة حينها، أن هذا المشروع يندرج في إطار جهود المغرب الرامية إلى تنفيذ التزاماته في مجال مكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، وفي سياق اعتماد المملكة المغربية للقانون رقم 97.12 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، وإحداث الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات، فضلا عن اتخاذ جميع النصوص التطبيقية للقانون سالف الذكر. كما أبرزت أن هذا المشروع يهدف إلى مراجعة بعض مواد القانون رقم 97.12 استجابة لتوصيات الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، ولاسيما تلك المتعلقة بضرورة ملاءمة أحكام القانون الحالي مع المدونة العالمية لمكافحة المنشطات وتعزيز استقلالية مختلف أجهزة الوكالة المغربية وفقا للمبادئ المعمول بها دوليا في هذا المجال. ويتضمن هذا المشروع، حسب بلاغ سابق للوزارة، مقتضيات تهم توسيع نطاق تطبيق مجال مكافحة المنشطات، ليشمل إلى جانب الأنشطة التنافسية، الأنشطة الرياضية التي تمارس لأغراض ترفيهية في إطار منظم؛ والتنصيص على إمكانية إجراء تحليل للعينة البيولوجية أو دراستها من لدن مختبر معترف به طبقا لمقتضيات المدونة العالمية لمكافحة المنشطات، وذلك بالإضافة إلى المختبر المعتمد كما هو معمول به حاليا. كما يتضمن هذا المشروع أحكاما تهم تعزيز حكامة الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات من خلال إحداث لجنة تراخيص الاستعمال لأغراض علاجية والمجلس التأديبي كهيئات مستقلة، واعتماد الوكالة لقواعد مكافحة المنشطات كما هي واردة في المدونة العالمية لمكافحة المنشطات، التي تطبق وجوبا على الجامعات والرياضيين والمؤطرين، وكذا على الأشخاص الآخرين الخاضعين لسلطتها.