في ذروة العطلة الصيفية التي تعتبر فرصة للراحة والاستجمام، يتجدد الاحتقان في صفوف أسرة التعليم بسب استمرار الاقتطاعات من الأجور على خلفية مشاركة الأساتذة في الإضرابات الاحتجاجية خلال الموسم الدراسي الفارط. وكان الأساتذة قد استبشروا خيرا بتراجع وزارة التربية الوطنية عن الاقتطاع من أجرة شهر يونيو 2023، بسبب تزامن توقيت صرف الأجور مع عيد الأضحى المبارك، وبالحديث عن قرار بعدم الاقتطاع من أجرة شهري يوليوز وغشت، ليفاجأ العديد منهم بالاقتطاع من أجرتهم لشهر يوليوز المنصرم، مما أثار غضبا شديدا في صفوفهم، حيث أكدوا على عدم مشروعية الاقتطاع وعلى حقهم في الإضراب دفاعا عن مطالبهم المهنية والاجتماعية. وفي هذا الصدد، عبرت الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) عن احتجاجها القوي على استمرار ما أسمته بالاقتطاعات غير القانونية من رواتب الأساتذة بسبب خوضهم لإضرابات عن العمل. وعبر المكتب الوطني للجامعة، في بلاغ اطلعت بيان اليوم على نسخة منه، عن استيائه من "تراجع الوزارة عن التزامها بوعدها"، مطالبا بإيقاف الاقتطاعات وإرجاع كل المبالغ المقتطعة للمعنيين والمعنيات. كما أكد البلاغ على حق الشغيلة التعليمية في ممارسة حقها في الإضراب. وتطال هاته الاقتطاعات مختلف فئات الشغيلة التعليمية المنخرطة في الإضرابات، وخاصة فئة الأساتذة المتعاقدين أو أطر الجهويات الأكاديمية للتربية والتكوين، الذين يعتبرون أن الاقتطاعات من أجورهم الهزيلة، والمستمرة منذ شهر مارس الماضي، تنضاف إلى سلسلة من الانتهاكات المتمثلة في حملة اعتقالات ومحاكمات وإحالات على المجالس التأديبية، في إطار "هجمة انتقامية شرسة تشنها الوزارة على الأساتذة المتعاقدين"، بعد خطوة مقاطعة تسليم نقط المراقبة المستمرة في الدورة الأولى من الموسم الفارط، كما جاء في بلاغ للمجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، صدر في 30 يوليوز الفارط وتوصلت بيان اليوم بنسخة منه. ودعت التنسيقية بدورها إلى إرجاع كل المبالغ المقتطعة "دون وجه حق" إلى أصحابها. وأفاد مصدر من التنسيقية، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الاقتطاعات التي تتراوح بين 500 و1500 درهم، طالت جميع الأساتذة المتعاقدين على مستوى الأكاديميات الجهوية عبر التراب الوطني، وأنها لم تستثن حتى الأساتذة الذين لم يشاركوا في الإضراب، مما يطرح تساؤلا، حسب قوله، حول "الكيفية العشوائية" التي يتم بها إعداد لوائح الأساتذة المعنيين بالاقتطاع. ودعا نفس المصدر إلى وضع حد لهاته لانتهاكات بحق الأساتذة المتعاقدين، مشيرا أن يد هؤلاء "ممدودة للحوار" مع الوزارة حول ملفهم المطلبي. ويعد موضوع الاقتطاعات من أجور الأساتذة واحدا فقط من الملفات الشائكة التي تزرع الشحناء في قطاع التربية الوطنية منذ سنوات، على الرغم من الحركات الاحتجاجية التي تواصلها الشغيلة التعليمية، وكذا جولات الحوار المستمرة بين نقاباتهم وتنسيقياتهم التمثيلية وبين الوزارة الوصية التي ما فتئت تعلن بدورها عن أنها تشتغل "بسياسة اليد الممدودة" من أجل تجاوز الخلافات، حرصا على السير الجيد للعملية التعليمية. وتعتبر الوزارة، في ذات الوقت، أن الإضراب يضر بهاته العملية وبمصالح المتعلمين، وبالتالي فقد لجأت (الوزارة) إلى الاقتطاع، عملا بمبدإ "الأجر مقابل العمل" كما سبق أن جاء على لسان الوزير بنموسى في مناسبات سابقة. ويشغل مشروع "النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية"، الحيز الأكبر ضمن جولات المفاوضات بين الوزارة والنقابات، بحيث تقدمه الوزارة كحل لجميع مشاكل القطاع، بينما تعتبره النقابات نظاما بمضامين تراجعية "تكرس الهجوم على المدرسة العمومية والوظيفة العمومية" و"تعزز الفئوية" و"تمهد لضرب" مكاسب وحقوق الشغيلة التعليمية، بفئاتها المختلفة.