الأحزاب تشترط تضمين مقترحاتها في صيغة مشروع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة لم تتمكن الأحزاب السياسية من التوقيع على الميثاق الوطني لأخلاقيات الممارسة السياسية، وأرجأت التوقيع عليه أسبوعا آخر، بينما اكتفت في اجتماعها لأول أمس السبت بإصدار بيان مشترك. وأكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عبد السلام أبودرار، أن المنظومة القانونية الحالية في مجال مكافحة الفساد تتضمن مجموعة من المكتسبات على مستوى التجريم والتمويل وحالات التنافي والمراقبة السياسية والمالية، إلا أنها تعاني من بعض النواقص على مستوى نظام العقوبات والحماية القانونية للمبلغين والمراقبة الإدارية والمالية والجمع بين المهام التمثيلية. وقال أبودرار في افتتاح اليوم التواصلي الذي عقدته الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة صباح أول أمس بالرباط، إن مشروع الميثاق الوطني لأخلاقيات الممارسة السياسية الذي تقترحه الهيئة يتوخى تحقيق أهداف محددة لتحصين العمل السياسي والتمثيلي من جميع الممارسات والانحرافات غير الأخلاقية. مشيرا إلى أن الميثاق يتمحور حول مضامين مدققة مستمدة من المرجعيات، وتستجيب لمتطلبات المرحلة، وقادرة على المساهمة الفعلية في تحسين مستوى الحكامة السياسية. وأبرز رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أن المشروع يتضمن العديد من المقترحات والتوصيات تهم أولا إعادة تأهيل المنظومة القانونية والمؤسساتية المرتبطة بتحسين الحكامة وتخليق الحياة السياسية، من أجل تدعيم الحكامة الحزبية وتعزيز نزاهة وشفافية الانتخابات والنهوض بالحكامة التمثيلية، وثانيا تعزيز الحركية التشريعية والتنظيمية بمقاربة أخلاقية موازية تستنهض جميع مكونات المجتمع السياسي لترسيخ الدلالات العميقة للمقاصد الدستورية على أرض الواقع، وتشيع في الوعي الوطني أن كل تساهل مع الفساد السياسي أضحى ممارسة منبوذة. وفشلت الأحزاب الحاضرة في اليوم التواصلي، والبالغ عددها 26 حزبا سياسيا، في التوقيع على مشروع الميثاق الذي أعدته الهيئة، بسبب اختلاف وجهات نظرها حول مضامين المشروع، ولكن أيضا بسبب ما أسمته عدة مصادر حزبية حضرت اللقاء «غياب الإشراك الفعلي للأحزاب في بلورة هذا المشروع». واتفقت الأحزاب السياسية على أن تتضمن صيغة مشروع الميثاق الوطني لأخلاقيات الممارسة السياسية مقترحاتها وتوصياتها. وفي خضم ذلك، قررت الأحزاب السياسية تأجيل التوقيع على الميثاق أسبوعا آخر، واكتفت بإصدار بيان مشترك تؤكد من خلاله على خطورة الفساد السياسي والانتخابي وآثاره السلبية على الاستقرار السياسي ومصداقية الانتخابات ومشروعية المؤسسات، وتقر بضرورة مواصلة تأهيل المنظومة القانونية والمؤسساتية المرتبطة بتحسين الحكامة وتخليق الحياة السياسية، وتعزيز هذه المنظومة بمقاربة أخلاقية موازية. وتجمع الأحزاب السياسية، حسب البيان المشترك، على ضرورة انخراط الطبقة السياسية في مكافحة مختلف السلوكات والممارسات غير الأخلاقية على مستوى الحكامة الحزبية والانتخابية والتمثيلية. وأعلنت الأحزاب السياسية المشاركة في اليوم التواصلي التزامها بالانخراط الفعلي في جميع المبادرات الجادة الهادفة إلى تخليق العمل السياسي، مشددة على تجندها لتحسين الحكامة الانتخابية عبر اعتماد برامج انتخابية تستجيب لانشغالات المواطنين، واختيار مرشحيها على أساس المبادئ الديمقراطية والنزاهة والشفافية والكفاءة، والامتناع عن اللجوء إلى المناورات التدليسية، والتقيد بالشفافية في التدبير المالي لنفقات الحملة الانتخابية، والتعاون مع ملاحظي الانتخابات المعتمدين. وتلتزم الأحزاب السياسية وفق البيان المشترك الذي وقعت عليه بالعمل من أجل تعزيز الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان، في مجال مكافحة الفساد، والالتزام بمواصفات التدبير الجيد للموارد البشرية للجماعات المحلية، واحترام قواعد الشفافية وحقوق المواطنين في الولوج إلى المعلومات، مع العمل على التنسيق والتعاون مع هيئات المراقبة والحكامة الجيدة. ويتضمن المشروع كما أعدته الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة 41 التزاما تتوزع على سبع التزامات تتعلق بالحكامة الحزبية، و22 التزاما تتعلق بالممارسة الانتخابية، و10 التزامات تتعلق بالحكامة التمثيلية، إضافة إلى إجراءين مواكبين تتعهد من خلالهما الأحزاب السياسية بالقيام بها لضمان تفعيل جميع الالتزامات، من خلال وضع آليات داخلية تمكن من استحضار وتملك مضامين الميثاق إبان الممارسة السياسية، وتنظيم حملات تواصلية للتعريف بها، وتشكيل لجن مشتركة يعهد لها بمهمة تتبع تفعيل تحيين الالتزامات وفق مستجدات الحياة السياسية. أما الالتزامات التي تتعلق بالحكامة الحزبية فتتضمن الاضطلاع بمهمة التأطير والتكوين السياسي للمواطنين وتشجيع انخراطهم في الحياة السياسية، والتقيد بالمبادئ الديمقراطية وقواعد الحكامة الجيدة في التسيير الداخلي للأحزاب، والإمساك عن تشجيع الترحال بين الأحزاب بمناسبة الانتخابات وخارجها. أما على مستوى الممارسة الانتخابية فتتضمن على الخصوص اعتماد برامج انتخابية تتوخى الواقعية وتستجيب للانشغالات الحقيقية للمواطنين، واختيار مرشحين على أساس ديمقراطي وشفاف، والامتناع عن اللجوء في الحملات الانتخابية إلى المناورات التدليسية واستغلال الوظيفة وتسخير الوسائل والممتلكات العمومية، أو الاعتداء على حقوق الأحزاب الأخرى.