تعرف منطقة آيت قمرة الواقعة بإقليم الحسيمة اهتماما متزايدا على المستوى الاقتصادي والتنموي تجلى في العديد من الأوراش التي تم فتحها بغية إخراجها من حالة الركود التي شهدتها خلال سنوات عدة. ويؤكد العديد من الفاعلين الجمعويين والمحليين أن الموقع الجغرافي المتميز لجماعة آيت قمرة (10 في المائة منطقة جبلية، و45 في المائة سهول منبسطة، و45 في المائة هضاب)، وكذا تواجد وديان وعيون بالمنطقة، وقربها بنحو 16 كلم من مدينة الحسيمة، يسمح لها بأن تكون منطقة جذب صناعي هام. ولم تشكل المعطيات السكانية (6742 نسمة حسب إحصاء 2004، وعدد الأسر 1200، والكثافة السكانية 84 نسمة في الكيلومتر المربع) أي عائق أمام آيت قمرة من أجل تأهيل محيطها ومجالها الترابي للدخول في أوراش تناسب واقعها وتحول المنطقة إلى فضاء اقتصادي وصناعي يجذب رؤوس أموال وطنية وأجنبية. وتجلت الوجهة الاقتصادية للأوراش القائمة بجماعة آيت قمرة في إحداث منطقة الأنشطة الاقتصادية التي أشرف جلالة الملك محمد السادس، أول أمس السبت على تدشين الشطر الأول منها الذي تمت تهيئته باستثمارات إجمالية تصل إلى 170 مليون درهم. ويندرج هذا المشروع، الذي يمتد على مساحة 41 هكتارا منها 26 هكتارا تمت تهيئتها في إطار الشطر الأول، في إطار مقاربة مندمجة تروم مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمنطقة. وستمكن هذه المنطقة الاقتصادية، التي تم إحداثها في إطار المخطط الوطني للإقلاع الاقتصادي «إيمرجانس» من استقطاب 35ر1 مليار درهم وخلق 3000 منصب شغل منها 2000 منصب مباشر. وتعد هذه المنطقة مشروعا واعدا بالنسبة لساكنة المنطقة وللنشاط التجاري والصناعي الذي يحتاج إلى العديد من البنيات التحتية الضرورية من أجل إقلاعه. وقد جاءت هذه المنطقة الاقتصادية تتويجا لتظافر جهود العديد من المتدخلين والفاعلين الخواص والعموميين، من بينهم شركة «ميدز» فرع صندوق الإيداع والتدبير ووزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم شمال المملكة وولاية الجهة ومجلس الجهة والمجلس الإقليمي والمركز الجهوي للاستثمار. وتتوفر هذه المنطقة على مؤهلات هامة تمكنها من تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والرقي والازدهار مما يتطلب تظافر جهود جميع المتدخلين من مسؤولين ومنتخبين وفاعلين اقتصاديين من أجل تجاوز الإكراهات وتقديم الأجوبة اللازمة على أسئلة الاستثمار بالمنطقة. وتمتد المنطقة الصناعية على مساحة تفوق 41 هكتارا مما يؤهلها لاستقبال عدد لا يستهان به من الوحدات الإنتاجية والاستثمارية مساهمة منها في تعزيز التدابير التحفيزية وخلق فرص الاستثمار. وفي هذا السياق، أكد عبد الحميد المزيد مدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة تازة-الحسيمة-تاونات أن منطقة الأنشطة الصناعية بالجماعة ستعطي دفعة قوية للمجال الاقتصادي لكونها ستضم العديد من الأنشطة التي تهم المجالات الفلاحية والحرفية، مشيرا إلى أن تدبير هذه المنطقة سيتم بشكل متطور وحديث. وأضاف المزيد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الدراسات التي أنجزت حول هذه المنطقة أظهرت أنه من المتوقع تشغيل 6 آلاف من اليد العاملة، وأنها ستمكن من توفير صناعات لم تكن موجودة بالمنطقة مما سيحدث ثقافة صناعية جديدة بها. وأبرز عبد الحميد المزيد أن إحداث المنطقة الصناعية ستكون له آثار اقتصادية هامة على جماعة آيت قمرة التي من المتوقع أن تحقق استقلالا ذاتيا من المواد الصناعية التي كانت تستقدمها من مناطق أخرى. ويندرج إحداث هذه المنطقة الصناعية في إطار تأهيل المناطق الصناعية لضمان المواكبة والدعم اللوجيستيكي للمشاريع الاقتصادية التي ستنجز بالمنطقة استجابة لانتظارات المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين. واعتبر المزيد أن المجالات التي توفرها المنطقة ستشجع المستثمرين المغاربة القاطنين بالخارج والمنحدرين من المنطقة على الاقبال بكثافة على الاستثمار حيث عبر العديد منهم عن استعداده للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية بالإقليم. كما تعززت البنية التحتية الخدماتية بالجماعة القروية آيت قمرة بتدشين مركب متعدد الخدمات تم إنجازه بكلفة إجمالية تناهز ثلاثة ملايين درهم على مساحة مغطاة تصل إلى 350 متر مربع، وذلك بهدف تحسين إطار عيش الفئات المستهدفة ومحاربة الإقصاء الاجتماعي. ويتضمن المركب متعدد الخدمات، الذي تم تشييده في إطار شراكة بين وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية (شركة التهيئة العمران) والتعاون الوطني، قاعة متعددة الاستعمالات وورشة وقاعة للاستماع وأخرى للدعم المدرسي إضافة إلى مرافق إدارية وصحية. ويندرج تشييد هذه المؤسسة في إطار السياسة الاجتماعية للقرب الرامية إلى الاستجابة لحاجيات السكان على مستوى الإنصات والتوجيه والتضامن وتشجيع الأنشطة المدرة للدخل. كما تتوفر الجماعة على خمسة مراكز نسوية منها ثلاثة مراكز تعمل حاليا (تزاغين، بوحام، وآيت مسعود)، وكذا على مركز صحي يتضمن قسما للتوليد. وقد همت العمليات الاجتماعية بالجماعة عدة مشاريع لفائدة أفراد القوات المسلحة الملكية، منها المشروع السكني الذي ينفذ بالقرب من المدار المتوسطي الساحلي على موقع مجهز بالبنية التحتية لقنوات الماء والكهرباء، كما سيعرف خلق مرافق اجتماعية مصاحبة (مسجد ومحلات تجارية ومرافق صحية ورياضية) ومندوبية خاصة للأعمال الاجتماعية تضم مركزا للتكوين ومقتصدية وفضاءات للأطفال علاوة على كونه يمتاز بقربه من الثكنات مما سيسمح بتقريب المستفيدين من مقرات عملهم. إن ما يؤشر بالفعل رواج اقتصادي هام بالمنطقة وقدرة تنافسية كبيرة هو قربها من المدار المتوسطي ومن أهم المحاور الطرقية التي تربطها بالعديد من الأقاليم، منها الطريق المزدوج التي ستربط إقليمي الحسيمةوتازة، علاوة على تواجدها في موقع استراتيجي قريب من ميناء الحسيمة ومطار الشريف الإدريسي.