الأولوية للقطاعات الاجتماعية وتنمية قدرات الاقتصاد الوطني وتوزيع الثروات في إطار من العدالة الاجتماعية الاستعدادات جارية على قدم وساق بحزب التقدم والاشتراكية لوضع آخر اللمسات على مشروع البرنامج الانتخابي للحزب في أفق الاستحقاقات التشريعية المقبلة، قبل عرض المشروع على أنظار اللجنة المركزية للحزب في دورتها القادمة، التي سيحدد المكتب السياسي في اجتماعه بداية الأسبوع المقبل تاريخ انعقادها. وتنكب اللجنة المنبثقة عن المكتب السياسي على وضع المشروع، بعد مناقشات مستفيضة، خلال اللقاء التشاوري الأخير الذي عقد صباح السبت الماضي بالرباط، والذي سيضع ثمرة أعماله، بعد صياغتها وتدقيقها، على أنظار الهيئة التقريرية للحزب للمصادقة عليها. وفي افتتاح اللقاء التشاوري حول البرنامج الانتخابي للحزب، أكد الأمين العام، محمد نبيل بنعبد الله، على المقاربة التشاركية المعتمدة في صياغة الوثيقة التي تتضمن اقتراحات وتوصيات خبراء من داخل وخارج الحزب، داعيا إلى إغنائها بإجراءات ملموسة قابلة للتحقق على أرض الواقع، يسهل الترويج لها على المستوى الخارجي. وقال نبيل بنعبد الله على أن الوثيقة التي ستتمخض عن هذه المناقشات ستحال على الديوان السياسي للمصادقة عليها، ومن ثم إحالتها على الدورة المقبلة للجنة المركزية لاعتمادها لتكون إجرائية في موعدها المحدد. وشدد الأمين العام على أن الوقت لم يعد يسمح بالانتظار، مشيرا، في نفس السياق، إلى أن هذا اللقاء يعد الأخير في سلسلة الاجتماعات التشاورية الداخلية للجنة المكلفة بإعداد البرنامج الانتخابي، داعيا إلى العمل على وضع صيغتين للبرنامج / الوثيقة، صيغة تفسيرية واسعة، وأخرى إجرائية، تتضمن معطيات وأرقام. وبحسب الأمين العام، فإن الأولويات التي يضعها حزب التقدم والاشتراكية تتمثل في إيجاد الصيغ الكفيلة لتنمية قدرات الاقتصاد الوطني وتوزيع الثروات في إطار من العدالة الاجتماعية، مع إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية، من قبيل الصحة والتعليم والسكن ومحاربة الفقر والهشاشة، ومعالجة الفوارق الاجتماعية والجهوية. فضلا عن الحكامة وإصلاح الإدارة وإصلاح القضاء والانخراط في مشروع الجهوية. وعهد إلى كل من عبد الأحد الفاسي الفهري وعبد السلام الصديقي، عضوي الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بإعداد الوثيقة الأولى للمشروع الانتخابي للحزب. وهي الوثيقة التي تمت صياغتها، بحسب تعبير عبد الأحد الفاسي الفهري، انطلاقا من أدبيات ووثائق الحزب، وأيضا استنادا إلى المعطيات والمستجدات الأخيرة للوضع الراهن. كما تم إغناء الوثيقة المطروحة للنقاش بالعديد من مساهمات واقتراحات أعضاء وأطر الحزب وخبراء ومتخصصين، من جميع المجالات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منها. اللقاء التشاوري استعرض المحاور الأساسية للبرنامج الانتخابي للاستحقاقات المقبلة التي ترتكز على أدبيات وتراكمات ومرجعيات الحزب المتضمنة في الوثائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أنتجها في مؤتمراته السابقة، وأيضا في برنامجه الانتخابي خلال الاستحقاقات الأخيرة. والأولويات المسطرة للترويج للبرنامج، خصوصا ما يتعلق بتنمية الاقتصاد، والاهتمام بالعنصر البشري باعتباره المحور الأساسي للتنمية البشرية. ويولي البرنامج أهمية بالغة للقطاعات الاجتماعية من أجل تحقيق مزيد من الانسجام الاجتماعي بين جميع فئات وشرائح المجتمع، والرفع من إنتاجية العمل، ومعالجة الاختلالات الخارجية التي تتميز بتدهور ميزان الأداءات والميزان التجاري، وإقرار سياسة إدماجية تتوخى محاربة الفقر والهشاشة، وتبني سياسة جريئة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي مجال الحكامة، باعتبارها آلية مهمة في الدستور، ينخرط الحزب في تصور يتجه نحو إعادة النظر في علاقة الدولة بالجهات الترابية، وتحديد اختصاصات ووظائف كل منها، من خلال إصلاح إداري شامل وعميق للمنظومة. وأيضا إصلاح القضاء باعتباره رافعة أساسية لتشجيع الاستثمار. ويشمل البرنامج، في المجال الاقتصادي، على تصور حزب التقدم والاشتراكية لمحاربة الفساد السياسي والاقتصادي، واقتصاد الريع، من خلال ضمان نمو قوي وتشجيع فرص الاستثمار، وإعطاء الأولوية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، واحترام قواعد المنافسة الشريفة، بالإضافة إلى تحسين تنافسية الاقتصاد وتشجيع وإعادة استثمار الأرباح وتطوير وإعادة النظر في المنظومة الجبائية والتخفيض من الضريبة على الشركات. وفي المجال الاجتماعي تقترح الوثيقة توجيه القطاع الخاص ليكون قادرا على استيعاب طلبات الشغل وإعادة النظر في المخططات القطاعية ومراجعتها على ضوء أهداف جديدة، ووضع ميثاق اجتماعي للتشغيل يساهم فيه كافة الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، والدعوة إلى مواصلة سياسة الأوراش الكبرى، من خلال مخططات القرب المتعلقة بالبنيات التحتية الأساس، علاوة على العمل من أجل تقليص نسبة الأمية وامتصاص جيوش العاطلين، من خلال مناصب شغل جديدة والتخفيض من الضريبة على الدخل بالنسبة لمناصب الشغل الحديثة. وتتضمن الوثيقة إجراءات للحد من التفاوت المجالي بين العالم القروي والعالم الحضري، ودعم التأطير التقني للفلاحين، والمساواة في الحد الأدنى للأجر في القطاعين الفلاحي والصناعي، ومراجعة المخطط الأخضر لتحقيق التوازن بين دعامتيه الأولى والثانية ضمانا للأمن الغذائي.