أكد مشاركون في ورشة حول «أي إصلاحات سياسية واقتصادية لمكافحة الفساد» عقدت بالرباط على ضرورة استثمار حركية الإصلاح الشامل والتحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي بشكل جماعي حتى «لا تفرغ من محتواها وتزيغ عن أهدافها الحقيقية». وأبرز المشاركون، في هذه الورشة التي نظمها المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتي تعد أولى الورشات التي ينظمها الحزب في أفق التحضير للبرنامج الانتخابي، أن محاربة الفساد، الذي يكتسي أشكالا متعددة، أصبح الآن «مطلبا مجتمعيا» باعتباره يشكل تهديدا للنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي للبلاد. ودعا المشاركون الذين يمثلون هيئات سياسية وحقوقية واقتصادية وجمعوية إلى العمل على وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة تهدف إلى تخليق الحياة العامة وبالتالي إلى «بناء ديمقراطي صلب وسليم». وأشاروا إلى أن هناك إرادة سياسية تهدف إلى القطع مع ممارسات الماضي لاسيما مع الدستور الجديد الذي نص على مبادئ أساسية منها الفصل بين السلط والحكامة الجيدة واحترام القانون والشفافية والمراقبة من أجل الرفع من جودة أجهزة المراقبة الداخلية والخارجية وتعزيز مصداقيتها. وبعد أن تطرقوا إلى مختلف الأسباب التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة الفساد كوجود الاحتكارات واتساع مجالات اقتصاد الريع والانفراد باتخاذ القرارات وشيوع حالات اللاعقاب وعدم المساءلة وعدم فعالية أجهزة المراقبة، وقف المشاركون عند انعكاسات وآثار هذه الظاهرة على استقرار وأمن المجتمع. وأشاروا إلى أن من بين انعكاسات هذه الظاهرة تقويض القيم الأخلاقية والعدالة والديمقراطية والتعارض مع ترسيخ دولة القانون وعرقلة مجهودات التنمية من خلال تقليص فرص التجارة والاستثمار وتقويض التنافس الاقتصادي. وشددوا، في هذا السياق، على أهمية وضع استراتيجية جديدة تهدف إلى إرساء اقتصاد السوق المؤطر من طرف الدولة ليكون في خدمة المجتمع وليس في خدمة السوق ب»مفهومه الاختزالي»، داعين إلى ضرورة تواجد حكامة جيدة لتقنين المنافسة والاقتصاد الوطني. وأبرزوا أن من شروط نجاح سلط المنافسة الانخراط في التحسيس بقضايا المنافسة والعمل على ترسيخ مبدأ الاستقلالية وتكريس حق الاستحقاق والتحري والاحالة الذاتية وكذا التصدي الذاتي للتصرفات اللاتنافسية في المجال الاقتصادي المتمثلة في الاتفاقيات المقاولاتية والتكتلات الاقتصادية، مشددين على أهمية تقوية دور الدولة والمجتمع المدني في محاربة الفساد وجعل القطاع الخاص ضمن أولويات محاربة هذه الظاهرة. كما ذكروا بانخراط المغرب «الفعلي والتدريجي» في مكافحة الفساد من خلال اعتماد برامج عمل للحكومة لمكافحة هذه الظاهرة منذ سنة 2005 والتصديق على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والشروع خلال العشرية الأخيرة في تطوير الترسانة القانونية عبر استكمال الآليات الزجرية والنهوض ببعض الآليات الوقائية. ومن جهة أخرى، تطرق المشاركون في هذا اللقاء إلى الاستحقاقات المقبلة ليوم 25 نونبر المقبل، مؤكدين على تطبيق الآليات القانونية للعملية الانتخابية والتي منها على الخصوص، تطبيق آليات المراقبة والملاحظة، وكذا العمل على دعم هذه التجربة في إطار تكريس الشفافية والنزاهة الانتخابية.