فتح المغرب وإسبانيا خلال سنة 2022 صفحة جديدة في تاريخ علاقاتهما العريقة. وبفضل شراكة متعددة الأبعاد، وضع البلدان، اللذان يتقاسمان العديد من المصالح المشتركة، أسس علاقة موجهة نحو المستقبل. ومكنت الرغبة الراسخة للرباط ومدريد في إضفاء بعد أكثر شمولية وصلابة وتكاملا على علاقتهما الثنائية التي كسرت كل الحواجز. فعلى الرغم من الصعوبات، أكد المغرب وإسبانيا دائما عزمهما على إقامة علاقة نموذجية، من أجل الاستجابة المشتركة للتحديات الراهنة وضمان مستقبل مزدهر يليق بالشعبين الصديقين والجارين. وكما أثبت ذلك التاريخ، لم يتلاشى الطموح المشترك بين البلدين لتوطيد شراكتهما. وقد تجسد هذا الطموح من خلال خارطة طريق تم وضعها بين البلدين خلال زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب في أبريل الماضي بدعوة من جلالة الملك محمد السادس. وتقوم خارطة الطريق الجديدة، الطموحة والمستدامة، على أسس أكثر صلابة تعتبر بموجبها إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي للصحراء المغربية، التي قدمتها المملكة سنة 2007، "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف". وعلى هذا الأساس، تعهد البلدان بمعالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك "بروح من الثقة والتشاور، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع"، مع تفعيل مجموعات العمل القائمة بين البلدين من أجل إعادة إطلاق التعاون الثنائي متعدد القطاعات. وفي هذا السياق، يعكف البلدان على تنفيذ إجراءات ملموسة في إطار خارطة الطريق التي تشمل جميع مجالات الشراكة والقضايا ذات الاهتمام المشترك، في مناخ يتسم بالثقة والشفافية. وفي عام استثنائي على جميع المستويات، واصلت العلاقات بين البلدين مسارها المألوف بالحفاظ على الاتصالات الدائمة بين المسؤولين الحكوميين وتبادل الزيارات والتنسيق على أعلى المستويات، علاوة على تنويع مجالات التعاون والتضامن الفعال. هكذا، ظلت قنوات التواصل والحوار والتعاون بين المغرب وإسبانيا في جميع المجالات مفتوحة وتم تعزيزها بشكل أكبر. وفي هذا الصدد، وعلى الرغم من الصعوبات المرتبطة بالظرفية السياسية وتداعيات جائحة "كوفيد-19″، نجح البلدان في ضخ دينامية جديدة في مبادلاتهما التجارية بفضل تقاربهما الجغرافي، ووجود نسيج مقاولاتي إسباني قوي في المغرب، والذي يستفيد من مناخ الاستثمار الملائم في المملكة وتنويع التدفقات التجارية الثنائية. ومكنت الشراكة الاقتصادية الثنائية، المدعومة بعلاقة سياسية استراتيجية، البلدين من الحفاظ على دينامية تجارية مستدامة وتنفيذ مشاريع تنموية مشتركة ذات قيمة مضافة عالية. وتضاعفت التجارة بين الرباط ومدريد على مدى السنوات العشر الماضية، مع معدلات نمو تجاوزت 10 بالمائة سنويا منذ 2011. والدليل على ذلك هو أن إسبانيا أصبحت منذ العام 2012 المورد والزبون الأول للمغرب. هكذا، فإن الاجتماع المغربي- الإسباني رفيع المستوى المقرر عقده في بداية العام المقبل، سيعكس هذه الروح الإيجابية الموجهة اليوم نحو احترام الالتزامات التي تقوم عليها العلاقات المغربية- الإسبانية.