إذا كان المنتخب المغربي لكرة القدم بلغ الدور ثمن النهائي لنهائيات كأس العالم لكرة القدم في قطر، فإنه يدين بذلك بنسبة كبيرة إلى «القطعة الاستراتيجية» قلب هجومه يوسف النصيري في «رقعة» مدربه وليد الركراكي. «كل لاعب له دور محدد في الفريق، هناك لاعبون يضحون وكنت أود أن تتحدث عن المهاجم (يوسف) النصيري الذي يقوم بمجهود رائع ولا يعرف قيمته سوى المدربون من المستوى العالي في كرة القدم»، كان هذا رد الركراكي على سؤال لأحد الصحافيين حول الدور الكبير للاعبي الوسط سفيان أمرابط وسليم أملاح في إنجاز المغرب. عانى النصيري من انتقادات لاذعة هذا الموسم في ظل تراجع مستواه بعد تعافيه من إصابة. فشل في فرض نفسه مرة أخرى في تشكيلة نادي إشبيلية الإسباني حيث يفضل عليه رافامير، كما أن النتائج المخيبة للأخير الذي يحتل المركز الثامن عشر في الليغا ألقت بظلالها على «الأسد المغربي». سجل هدفين فقط في مختلف المسابقات هذا الموسم وكانا في مسابقة دوري أبطال أوروبا: هدف الشرف في مرمى الضيف بوروسيا دورتموند الألماني (1-4) في الجولة الثالثة، ثم افتتح التسجيل في مرمى كوبنهاغن (3-0) في الجولة الخامسة قبل الأخيرة. لم يهز الشباك في 10 مباريات في الليغا وواحدة في مسابقة الكأس المحلية. دافع الركراكي عن النصيري قبل المونديال بعدما ارتفعت الأصوات مطالبة باستبعاده أقله من التشكيلة الأساسية ومنح الفرصة لعبد الرزاق حمدالله مهاجم اتحاد جدة السعودي. أكد المدرب حتى قبل إعلان التشكيلة الأولية من 55 لاعبا أن النصيري سيكون في المونديال. كان الركراكي يدرك جيدا ما يقوله، فالمهاجم المولود في الأول من يونيو 1997 في مدينة فاس، أبلى البلاء الحسن حتى الآن في قطر. في المباراة الأخيرة ضد كندا، كان سببا في افتتاح منتخب بلاده للتسجيل عندما ضغط على حارس المرمى ميلان بوريان، فأرغمه على مراوغته حيث طالت عنه الكرة ليلعبها زياش ساقطة داخل المرمى الخالي (4). سجل الهدف الثاني عندما انسل خلف الدفاع الكندي إثر تمريرة رائعة من حكيمي أنهاها بتسديدة قوية من داخل المنطقة إلى يسار الحارس (23)، ثم سجل هدفا ألغاه الحكم بداعي التسلل (45+3). قال الركراكي: «لا يقدر موهبة النصيري إلا مدربون أمثالي إنه موهبة ولاعب من طراز عالمي ينفذ ما أطلبه منه، لذلك حافظ على مركزه الأساسي ليس معي فحسب بل مع من سبقني من مدربين، إنه لاعب لا غنى عن خدماته في التشكيلة». خريج أكاديمية محمد السادس التي تعني بالمواهب الصغيرة، ضرب بقوة في المباريات الثلاث ل «أسود الأطلس» في مونديال قطر، توجها في المباراة الأخيرة ضد كندا بهدف هو السادس عشر له في 53 مباراة دولية. وبات أول لاعب مغربي يسجل في نسختين متتاليتين بعدما كان هز شباك إسبانيا في الجولة الثالثة الأخيرة من دور المجموعات في نسخة روسيا 2018. وتساوى النصيري مع عبد الرزاق خيري وصلاح الدين بصير وعبد الجليل حدا «كاماتشو»، والذين سجل كل منهم هدفين في العرس العالمي بثنائية الأول في نسخة 1986، والثاني والثالث في نسخة 1998. منذ وطأت قدماه إسبانيا والنصيري يتسلق المراتب بتأن متسلحا بالتركيز والعمل الجاد حتى بات، بفضل أهدافه وجهده في الملاعب، عنصرا أساسيا في تشكيلة فريقه اشبيلية ومحط اهتمام العديد من الأندية في القارة العجوز. أكد النصيري أنه «فخور» بتسجيله في نسختين مختلفتين بكأس العالم، بعدما سجل في مرمى إسبانيا بمونديال 2018، ثم كندا في النسخة الحالية. وأضاف «أهدي هذا الإنجاز لعائلتي وكل من ساندني، كنت أول من تعرض للانتقادات والتشكيك في قدراتي، لكن الحمد لله النتيجة ظهرت وأثبتت للجميع أنني استحق اللعب للمنتخب». وتابع «بعض من انتقد انضمامي للأسود، يشيد الآن بقدراتي وفاعليتي مع المنتخب المغربي. أنا لا أكثرت بالانتقادات باستثناء البناء، لأنني أرغب في التطور والتحسن، لكنني أعمل بجد واحترافية من أجل إثبات قدراتي والرد على الانتقادات في أرضية الملعب من خلال الجهد الذي أبذله والأهداف الحاسمة التي أسجلها». وأردف قائلا «ثقة المدرب (الركراكي) أعطتني زخما كبيرا والحمدلله لم أخذله حتى الآن. سنواصل العمل بهذه الطريقة والأهم هو مواصلة تخطي الأدوار حتى نبلغ أبعدها ونكتب تاريخا جديدا للمنتخب الوطني».