إحداث ضريبة على الثروة في إطار تعبئة موارد صندوق التضامن الوطني تشرع مختلف الوزارات وكتابات الدولة، بداية من يومه الاثنين، في إعداد ميزانياتها القطاعية لسنة 2012، وذلك بعد توصلها، يوم الجمعة المنصرم، برسالة الوزير الأول التوجيهية، التي تعتبر الإطار المرجعي لمشروع الميزانية القادم، والمحدد لأولوياته وأهدافه. ووفق ما توصلت إليه بيان اليوم من معلومات من مصادر وزارية، حثت الرسالة التوجيهية على العمل على جعل مشروع قانون مالية 2012 يندرج في إطار استمرارية الإصلاحات الهادفة والنفقات العقلانية مع الحفاظ على مجهود دعم الاستراتيجيات القطاعية، وإصلاح التعليم، والصحة ودعم العالم القروي. من هذا المنطلق، يتوقع مشروع القانون المالي المقبل، حسب أولى تسريبات الرسالة التوجيهية، إعادة النظر في وتيرة نمو النفقات العمومية عامة، والاستثمارات في الأشغال العمومية خاصة، وذلك تفاديا لتفاقم أكبر لعجز الميزانية العمومية تترتب عنه عواقب وخيمة كتلك التي تعيش على وقعها البلدان الأوروبية التي أسرفت في النفقات على مشاريع عمومية مكلفة، مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال. كما يتوقع مشروع القانون المالي،التشديد على عقلنة نفقات التسيير بالنظر إلى الصعوبات التي تعرفها المالية العامة، خاصة مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بخصوص الزيادات في أجور الموظفين ورفع الحد الأدنى للمعاشات والتوظيف المباشر لما يناهز 4 آلاف شاب، ما جعل الميزانية الحالية تتحمل تكاليف إضافية لم تكن متوقعة في السابق، إضافة إلى ميزانية الموازنة، المخصصة لدعم بعض المواد الأساسية التي تعدت بكثير سقف 19 مليار درهم. هذا العبء محسوب العواقب، دفع الحكومة إلى إحداث صندوق للتضامن، يمول من ضرائب سيتم فرضها على الأثرياء، يحمل اسم «ضريبة الثروة»، وذلك استنادا إلى معايير مضبوطة تحدد الفئات المستهدفة وكذلك الممتلكات التي تستوجب فرض مثل هذه الضرائب، كما هو معمول به في العديد من الدول. وكان صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية قد أوضح، في تصريح صحافي الأسبوع المنصرم، أن الحكومة «بصدد بلورة تصور لإنشاء صندوق للتضامن الوطني لصالح الساكنة الأكثر عوزا”، يتم تمويله من ضريبة الثروة، بعد أن تبين أن «ميزانية الدولة لسنة 2012 ومخصصات صندوق المقاصة للسنة ذاتها لن يستطيعا تحمل نفقات الدعم العمومي المخصص للمواد الأساسية، الذي من المفترض أن يذهب إلى الفئات الفقيرة والمتوسطة من أجل مواجهة تقلبات الأسعار، والحفاظ على معدل تضخم لا يتجاوز 2 في المائة « . ولا يعارض الاتحاد العام لمقاولات المغرب السير في هذا الاتجاه الرامي إلى تخفيف العبء عن الميزانية وعن صندوق المقاصة. فقبل توصل الوزارات وكتابات الدولة بالرسالة التوجيهية للوزير الأول، سبق لاتحاد مقاولات المغرب أن دعا إلى تسريع وتيرة إصلاح الصندوق، مع التصدي في الوقت ذاته للاقتصاد غير المنظم. وسبق في هذا السياق لمحمد حوراني أن حدد مواطن الخلل في الدعم العمومي، وحدد الإطار العام لمقترحات الباطرونا في مواضيع ثلاثة هي النمو والتنافسية، والمالية العمومية، ومسؤولية المقاولة الخاصة. وعلمت بيان اليوم، من مصادر داخل الاتحاد، أن مقترحات أرباب المقاولات التي سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي قريبا، ترمي جعل قانون المالية أداة لتطوير متواصل لتنافسية الاقتصاد الوطني، وتخفيض نسبة البطالة والفقر، من خلال مراجعة التدابير العمومية التي تهم دعم المقاولة الصغرى والمتوسطة والمتعلقة أساسا باللجوء إلى جباية محفزة، وتشجيع المقاولات الناجحة، وإشراك ما لا يقل عن 30 في المائة من هذه المقاولات في مشاريع التجهيز الكبرى.