قرب الوصول إلى توافق عريض يتجاوز القضايا الخلافية قبل أن يأخذ القانون طريقه نحو مسطرة المصادقة يسود في أوساط وزارة الداخلية تفاؤل كبير في حصول توافق عريض بين الهيئات والتنظيمات السياسية حول النقط الخلافية المتضمنة في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وعلى الخصوص قضية العتبة والتقطيع الانتخابي واللائحة الوطنية. التفاؤل المعبر عنه يعزز المسعى الذي تهدف وزارة الداخلية، منذ بدء المشاورات حول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، الذي يندرج تحت شعار «تطبيع العملية الانتخابية». وعبر العامل مدير الانتخابات بوزارة الداخلية، حسن أغماري، أن المشاورات بخصوص القضايا العالقة في القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب في طريقها إلى الحل، وتحاول كل الأطراف، الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، إيجاد أرضية مشتركة للتوافق حولها. وأعلن ذات المسؤول أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في هذا الاتجاه، بدليل أن المشاورات المستمرة استطاعت تذويب الخلافات في وجهات النظر بين الأحزاب. ووصل عدد الاجتماعات، حسب مصادر من وزارة الداخلية، التي عقدت في إطار المشاورات حول مختلف النصوص القانونية منذ انطلاقتها في الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضي وارتفعت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة إلى نحو 20 اجتماعا، فضلا عن اللقاءات الفردية مع زعماء الأحزاب السياسية. هذه الاجتماعات شملت أحزاب الأغلبية الحكومية، كما شملت أحزاب المعارضة والأحزاب الممثلة في البرلمان وغير الممثلة في البرلمان، بدون استثناء. وزارة الداخلية تؤكد أن الهدف الأساسي من كل هذه المشاورات والاجتماعات هي أولا إحاطة الانتخابات المقبلة بجميع الضمانات اللازمة لإنجاح الموعد الانتخابي، الأول من نوعه في ظل الدستور الجديد، من خلال تظافر الجميع من أجل خدمة المصلحة العليا للوطن، ثم بناء أجواء الثقة بين كل الأطراف من أجل تقوية المشاركة السياسية، وأيضا الارتقاء بالإطار القانوني والتشريعي للانتخابات من خلال تحسين المقتضيات التي تتضمنها وملاءمتها مع روح الدستور. وفي الوقت الذي تبدي فيه وزارة الداخلية تفاؤلا في الوصول إلى توافق عريض حول القضايا الخلافية المتمثلة في العتبة واللائحة الوطنية والتقطيع الانتخابي، نفت أن تكون المشاورات بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية قد وصلت إلى الباب المسدود، وأن مهمتها تكمن في محاولة التقريب في وجهات النظر ومواقف الأحزاب السياسية بمختلف مشاربها، التي عبرت عن مرونة كبيرة في التوصل إلى توافق بخصوص تلك القضايا. كما نفت وزارة الداخلية على لسان مسؤوليها أن تكون بعض الأحزاب عبرت عن مواقف متشددة حيال هذه القضايا. هذه التفاؤل الواضح دفع بمسؤولي الوزارة أن يتوقعوا إحالة مشروع القانون التنظيمي بمجلس النواب على مسطرة المصادقة في الأيام القليلة المقبلة. وزارة الداخلية تصف الأجواء التي تجرى فيها المشاورات مع الأحزاب السياسية ب «الإيجابية» التي تبعث على الارتياح، وتتوقع أن تحظى الصيغة النهائية للمشروع التي ستعرض على الأحزاب السياسية بتوافق عريض وكبير. وترى أنه من الطبيعي جدا أن تظهر بعض الآراء المختلفة وذلك راجع إلى رغبة كل حزب التعبير عن قناعاته وتصوراته من أجل الارتقاء بالمؤسسة النيابية، كما أنه من الطبيعي أيضا البحث عن التوفيق ما بين هذه الآراء. مسؤولو وزارة الداخلية شددوا على مبدإ التوافق بين جميع مكونات المشهد السياسي بالمغرب، معتبرين أن المرحلة الحالية تقتضي إشراك الجميع، كما أن الظرفية تعتبر مؤسسة بكل المقاييس، وبالتالي يجب استغلال الأجواء الإيجابية التي يحس بها الجميع للوصول إلى هذا التوافق، لأن الرهان الكبير هو الوصول إلى مرحلة تطبيع العملية الانتخابية لتصبح أمرا عاديا. وثمنوا مواقف الأحزاب السياسية جميعها، والتي وصفوها ب «المواقف الوطنية» التي تعرف أن تتنازل حتى عن اقتناعاتها إذا ارتضت أن تدافع عن المصلحة العليا للبلاد وتضعها فوق كل الاعتبارات. نفس الارتياح بخصوص مشروع القانون التنظيمي لمجس النواب، سجل بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية الذي قد يحال على البرلمان في الأيام القليلة المقبلة. وزارة الداخلية ترى أنه لولا تظافر الجهود والعمل المشترك بين الوزارة والأحزاب والهيئات السياسية على اختلاف مشاربها، ما كان يمكن التوصل إلى المشروع، والذي جاء أيضا نتيجة ثمرة الوزارة في تدبير مساطر قانون الأحزاب والاجتهادات القضائية في المجال.