على مقربة من الإعلان عن مباريات الولوج إلى المراكز الجهوية للتربية والتكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يتجدد الجدل من جديد حول تسقيف سن الولوج إلى مهنة التعليم في 30 سنة. القرار الذي كانت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد أقرته السنة الفارطة، كان قد أثار الكثير من الانتقادات التي وجهت للوزارة المعنية واتهامه بخرق الدستور والمس بحقوق آلاف المواطنات والمواطنين المغاربة الباحثين عن الشغل والراغبين في ولوج مهنة التدريس. ومع اقتراب مباراة التعليم المرتقب الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة المقبلة يتجدد الجدل، وتتجدد المطالب من أجل الرجوع عن هذا القرار وفتح الباب أمام جميع من تتوفر فيهم الشروط المعمول بها بدون حاجز السن، وكذا الاعتماد على الجودة في انتقاء الأساتذة والاعتماد على المؤهلات العملية والتقنية بدل الاعتماد على إجراءات شكلية من قبيل السن وغيرها. في هذا السياق، دخل فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب على خط هذه القضية، حيث وجه رئيس الفريق رشيد حموني سؤالا كتابيا لشكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حول قرار تسقيف سن الولوج إلى مهن التربية والتكوين في 30 سنة. وقال رشيد حموني في معرض سؤاله الكتابي إن القرار القاضي بتسقيف الولوج إلى مهن التربية والتكوين، خلال الموسم التعليمي السابق، أثار جدلا واسعا على المستويات القانونية والتربوية والاجتماعية والحقوقية، وحتى الدستورية، مضيفا "وذلك ما يدفعنا إلى إعادة طرح الموضوع معكم في أفق إعلان وزارتكم عن شروط اجتياز مباريات الولوج إلى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين برسم الموسم الدراسي الحالي". وشدد حموني على أن الإصلاح الشامل للمدرسة العمومية يتطلب، فعلاً، موارد بشرية كفؤة ومؤهلة. معتبرا أن هذا الأمر يشكل مطلباً مجتمعيا ملحا، كما جاء في النموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أن هذا المعطى هو ما يضع على عاتق الوزارة المعنية مسؤولية خلق الجاذبية لمهن التربية والتكوين، وخاصة منها مهنة التدريس، مع الاعتناء بالجوانب التكوينية لأستاذات وأساتذة المستقبل، وكذا واستقطاب المتفوقين نحو هذه المهنة الأساسية في المجتمع. وعاد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إلى المبررات السابقة التي كانت قد ساقتها وزارة التربية الوطنية، ومن ضمنها مبرر مقترن بدراسات تؤكد أن الأساتذة في حاجة لمدة زمنية أطول لتطوير خبراتهم داخل المنظومة، وكذا مبرر ربط كفاءة التدريس بالسن. حيث رد المتحدث على ذلك بكون هذه المبررات مردودٌ عليها بدراسات أخرى تؤكد على أن الكفاءة والمهارة والجودة في ممارسة مهنة التدريس لا علاقة لها أبدا بالأعمار، بقدر ما هي مرتبطة بجودة الشهادات الجامعية والتكوين الأساسي والتكوين المستمر، وبالخبرة المتراكمة لدى جميع الفئات العمرية للممارسين على قدم المساواة. واستدل حموني على رده بمثال يخص مواطنة تبلغ من العمر 36 سنة حاصلة على شهادة ماستر وتحضر شهادة الدكتوراه، وتشتغل في التعليم الخصوصي حيث راكمت تجربة 13 سنة من الخبرة والتجربة الميدانية في القسم، ولها الإرادة والكفاءة والقدرة على الالتحاق بالتعليم العمومي، إلا أنها مع قرارات الوزارة ستجد نفسها مقصية تماماً من هذا الحق، متسائلا في هذا الصدد عن جدوى هذا الإجراء وما يشكله من ظلم وإجحاف وهدر للطاقات. كما تساءل حموني عن صاحب المصلحة في عدم تحقق هذه الرغبة المستحقة والمشروعة لهذه المواطنة في ولوج مهنة التدريس خصوصا وأنها تتوفر على الخبرة وشهادات جامعية مهمة تؤهلها لذلك، حيث جدد تساءله عن المسؤول عن كبح المسار المهني لهذه المواطنة. وفي نفس السياق، ساءل حموني أيضا الوزير المسؤول عن قطاع التربية الوطنية عن المعايير الموضوعية التي ستعتمدها الوزارة من أجل ولوج مهن التربية والتكوين، وعن ضرورة التخلي عن تسقيف السن بالنظر إلى عدم استناده إلى أسس علمية واضحة، كما ساءل المتحدث ذاته عن التدابير التي سوف تتخذها الوزارة المعنية من أجل استقطاب أفضل الخريجين لمهنة التدريس، وكذا حول البرامج التكوينية التي تعمل الوزارة على بلورتها من أجل ضمان جودة وكفاءة أساتذة وأستاذات المستقبل.