لحظة التقاء طبيعيي وتفاعل جدلي بين السياسي والفني تكريم كبير لمبدع كبير لحظة استثنائية، صنعها حزب التقدم والاشتراكية ليلة أول أمس الاثنين بقصر القباج بالرباط .. بتكريمه لمبدع المغرب الكبير الفنان الحاج أحمد الطيب لعلج، هي لحظة التقاء طبيعي بين الفني والسياسي وكأن أحدهما حامل للأخر ومعبر عنه.. لحظة بوح واعتراف حقيقي لرجل السياسة على محراب الفن والإبداع الذي طالما ترجم هواجس وتطلعات الشعوب والمجتمعات، مثلما يفعل رجل السياسة، لكن بصيغة أخرى. هي لحظة حميمية في حضرة الكاتب المسرحي والشاعر الزجال الحاج أحمد الطيب لعلج، اعترافا له، وتكريما لمساره الذي طبع الحياة الفنية المغربية منذ أزيد من نصف قرن، ولازال يواصل العطاء دون ملل ولا كلل وبكل سخاء... كان الحضور في مستوى اللحظة.. وفي مستوى الرجل الهامة الكبيرة الشامخة.. وفي مستوى العلاقة المفترضة بين السياسة والفن ضمن علاقة التأثير والتأثر، والفعل والانفعال، أو بلغة فلسفية، في إطار من العلاقة الجدلية بين الفن والسياسة. نخبة من نساء ورجال الفن والإبداع رسموا عقد اللحظة التاريخية بامتياز، وكان وسيطة هذا العقد الرجل الكبير أحمد الطيب لعلج الذي وصفه محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في كلمة له بالمناسبة ب «الرجل العظيم» مؤكدا على أهمية اللحظة، وأهمية المحتفى به بالنظر إلى إسهاماته في مجال الفن والإبداع الذي ظل يعبر عن قضايا الإنسان المغربي من خلال اشتغاله على الثقافة والتراث المغربي بما يحمله من قضايا جوهرية تشكل الطموح الجماعي المشترك لكل المغاربة في رفع مظاهر الظلم والحيف، والتطلع للعيش في حرية وكرامة، وهي كلها مواضيع شكلت هاجسا للحاج أحمد الطيب العلج منذ إبداعاته الأولى سواء في المسرح أو في مجال الأغنية. ومن ثمة قال نبيل بنعبد الله «إن مبادرة حزب التقدم والاشتراكية بتكريم الفنان أحمد الطيب لعلج هي مناسبة للاعتراف بالجميل، والتأكيد على أدواره النضالية في الواجهة الفنية لأزيد من نصف قرن، كان من الضروري لرجل السياسة الاعتراف بها»، مشيرا إلى أن تكريم الفنان أحمد الطيب لعلج، هو دليل على اهتمام حزب التقدم والاشتراكية بما يعتمل في المشهد الثقافي الوطني وتأكيد على انفتاحه على النخب الوطنية في مختلف المجالات، ومن بين هذه النخب أسرة المبدعين والفنانين عموما. من جانبه، أكد خالد الناصري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة على أن تكريم أحمد الطيب لعلج هو تكريم لرجال ونساء الفن، من مبدعين وشعراء وملحنين ومغنين وكتاب كلمات ومسرحيين وإعلاميين. وذكر الناصري بشهادة نقلا عن الراحل علي يعتة، مؤسس الحزب، التي أكد فيها أن لعلج، وقبل أن يكون فنانا وهرما ثقافيا، فهو «وطني كبير تجري الوطنية في عروقه»، وفي هذا الصدد، قال الناصري إن المغرب، الذي يمر بمفترق طرق، في حاجة إلى فنانيه وإلى الجميع، كل من موقعه، الاجتماعي، والمهني، والسياسي، والشخصي ليربح، مع قواه الديمقراطية الحية، رهان الانتقال إلى الديمقراطية حتى يظل منارة في العالم العربي. أما الملحن أحمد العلوي، رئيس النقابة المغربية للمهن الموسيقية، فذكر بجميل هذا الفنان الكبير على الأغنية المغربية، مشيرا إلى أن «ثلثي الأغاني المغربية التي تزخر بها الإذاعة الوطنية هي من كلمات أحمد الطيب لعلج» الذي انتصر للدارجة المغربية باعتمادها في جل كتاباته. ومن جانبه اعتبر المخرج المسرحي جمال الدين دخيسي في شهادته أن أحمد الطيب لعلج الذي كتب مسرحية «الأكباش» ومسرحية «النشبة» في عز سنوات الرصاص، يعد بحق مثقفا وفنانا ملتزما بقضايا شعبه ومجتمعه.. وأنه إذا كانت فرنسا تعتز بموليير، وبريطانيا تعتز بشكسبير، والشعب الروسي يفتخر بتشيكوف... فإن للمغرب رجلا شامخا شموخ جبال الأطلس اسمه أحمد الطيب لعلج. وتميز هذا الحفل التكريمي بإلقاء الفنان المحتفى به لقصيدتين شعريتين بأداء فني تفاعل معه الحاضرون من رجال ونساء الفن والسياسية الذين أجمعوا على عظمة الرجل الذي كان ولازال مهووسا بالإبداع والفن المغربيين، فالجميع استشعر لحظة المثول في حضرة أحد فرسان الكلمة النظيفة بالمغرب الذي يعشق العبارات عندما يراها تسير فوق خشبة المسرح، أو بين أوتار العود والكمان تطرب السامعين ألحانا وأنغاما. واتسم هذا الحفل التكريمي الكبير بتقديم فقرات وعروض فنية رائعة من أداء مجموعة من الفنانين الذين أبوا إلا أن يشاركوا حزب التقدم والاشتراكية نشوة الاحتفاء بالفنان أحمد الطيب لعلج، ومن بينهم الفنانة نزهة الشعباوي التي أدت أغاني من ريبرتوار الأغنية المغربية ك «أمري لله»، «غاب الهلال»، و»لحن جميل».. وكذا الفنان محمد الغاوي الذي عاد بالذاكرة إلى زمن اسماعيل أحمد حيث أدى بإتقان كبير رائعته الدينية «المثل العالي»، والفنان فؤاد الزبادي الذي شنف مسامع الحاضرين بأغنيتي «يا ترى يعود» و» علاش يا عيوني». أما الفنان عز الدين الصقلي فقد كانت مشاركته مزيجا من المستملحات والقفشات الساخرة وأغاني الملحون الرائعة... وكان خلف هؤلاء المطربين جميعهم عازفون موسيقيون من مستوى احترافي عال كلهم منتظمون في فرقة ربيع الفن بقيادة المايسترو مولاي أحمد العلوي. وبالإضافة إلى لحظة التكريم التي وقف لها الجميع، تميزت هذه الأمسية باستقبال حار من طرف قيادة الحزب لمجموعة من الفنانين الذين انضموا إلى صفوف حزب التقدم والاشتراكية واختاروا أن يشاركوه نضاله من أجل قيم الحرية والديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية وترسيخ دولة الحق والقانون.. فنانون معروفون بالتزامهم وحضورهم النضالي المعلن في عدة واجهات للدفاع عن الفنان ووضعه الاعتباري وصيانة حقوقه وكرامته وعزته. وهكذا أشرف المنسق الوطني لقطاع الثقافة والاتصال للحزب، الأستاذ الحسين الشعبي، على توزيع بطائق العضوية على هؤلاء الأعضاء الجدد من الفنانين والمبدعين في جو حماسي اتسم بكثير من المودة والروح الرفاقية العالية وحرارة الاحتفاء ونشوة التقدير والتكريم. ومن بين الفنانين الجدد الذين عززوا صفوف الحزب المبدعون: الملحن والموسيقي مولاي أحمد العلوي، الممثل والمخرج عبد الكبير الركاكنة، الممثل عبد السلام البوحسيني، الكاتب والناقد محمد أمين بنيوب، الممثل سعيد أيت باجا، المخرجة فاطمة مقداد، الممثل والمخرج حفيظ بدري، الممثل والمخرج أنس العاقل. نبذة عن حياة أحمد الطيب لعلج ولد في 9 سبتمبر 1928 بمدينة فاس. اشتغل موظفا بوزارة الأنباء، كما عمل رئيسا لمصلحة الفنون الشعبية بمسرح محمد الخامس بالرباط. زجال ومسرحي، مهتم بالثقافة الشعبية. شارك أحمد الطيب العلج سنة 1960 في تدريب بمسرح الأمم بباريس. انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1986. أحرز سنة 1973 على جائزة المغرب في الآداب كما نال وسام الاستحقاق الفكري السوري سنة 1975. ألف واقتبس عشرات من النصوص المسرحية. وله مئات من القصائد الغنائية التي تزخر بها الخزانة الوطنية من أعمال المسرحية المنشورة: - دعاء للقدس: مسرحية / مصطفى القباج وأحمد الطيب العلج، الرباط، 1980. - بناء الوطن: مسرحية، الرباط، مسرح محمد الخامس، 1988. - السعد: مسرحية، الرباط، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، 1986. - جحا وشجرة التفاح: مسرحية، طنجة، منشورات شراع، سلسلة إبداع.