في صيف سنة 2008 وهي بالكاد أكملت ربيعها الحادي عشر، دحرجت إيناس لقلالش أول كرة للغولف على مسالك النادي الملكي للغولف أنفا-المحمدية، قبل أن تصبح بعد زهاء عقد من الزمن نجمة صاعدة تضيء سماء رياضة الغولف الوطنية. لم تكن تعي إيناس حينها أن العطلة المدرسية لذاك الصيف ستكون فاتحة لدخول عالم الغولف ومجاورة أبرز لاعبات الكرة البيضاء على بعض من أشهر المسالك عالميا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا وفرنسا والسويد وبلجيكا والمملكة العربية السعودية وغيرها. فالأب لاعب الغولف أيضا، قرر اصطحاب إيناس، بعد انتهاء موسم دراسي حافل، إلى نادي أنفا حيث كان يمارس هوايته المفضلة حتى تكتشف نوعا جديدا من الرياضات غير تلك التي كانت تمارسها. وقالت عن ذلك "في أول شهرين من تلقي المبادئ الأولى للغولف كان علي اللعب يوميا قبل أن أتقن ضرب الكرات والشعور بمتعة اللعب". وعلى مسالك ذات النادي التي تعلمت فيه أبجديات رياضة الغولف، حققت إيناس أول فوز لها وكان في إحدى البطولات التي نظمها، ومنذ ذلك الحين ظفرت بالعديد من الألقاب من بينها البطولة العربية. لكن، تقول إيناس "ما أشعرني بالفخر حينئذ هو احتلالي للمركز الثاني في أول دوري احترافي للسيدات أخوضه وكان ذلك ببلجيكا سنة 2019. كنت من الهاويات القلائل من بين حوالي مائة محترفة. أعتبر هذا الإنجاز مجزيا معنويا بالنسبة لي أكثر من فوزي بالبطولة الوطنية". بعد نيلها شهادة الباكالوريا، غادرت إيناس لقلالش، مدينة الدارالبيضاء حيث كانت تقيم أسرتها، صوب الولاياتالمتحدةالأمريكية لتتابع دراستها لمدة سنة بجامعة "ويك فورست". وتقول البطلة المغربية "هناك مارست الغولف بدوام كامل تقريبا. غادرت المغرب لأنني لم أستطع التوفيق بين الدراسة وممارسة رياضتي المفضلة في نفس الآن". لم تكن لقلالش تتوقع يوما أن تتخلى عن "الصولجان" وأن تهجر مسالك أندية الغولف "اضطررت بعد قضاء سنة بالديار الأمريكية إلى الانتقال إلى لندن حيث تابعت دراستي في مجال الإدارة والتسيير وتوقفت عن ممارسة رياضة الغولف لمدة ثلاث سنوات". إيناس عاشقة للرياضة حتى النخاع، فهي لعبت كرة القدم عندما كانت طفلة صغيرة وتهوى رياضة كرة المضرب ومتيمة برياضة التزلج، لكن على حد تعبيرها "البحر والجبال هما أكثر شيئين أحبهما. عندما يجتمع الاثنان، فذاك منتهى الكمال". تمكنت البطلة الشابة من الفوز بخمسة عشر دوريا كلاعبة هاوية، لكن أجمل ما تحقق في مشوارها الرياضي دخولها عالم الاحتراف في دجنبر من سنة 2021، لتبدأ مرحلة جديدة عبدت أمامها الطريق نحو التألق. كانت أول مشاركة لإيناس كلاعبة محترفة في مارس من سنة 2022، في بطولة أرامكو الدولية للسيدات في المملكة العربية السعودية، وباتت بالتالي ثاني لاعبة عربية تشارك في الجولة الأوروبية للسيدات بعد مواطنتها مها حديوي. ولم تمض سوى ستة أشهر على هذا الحدث الذي طبع بكل تأكيد مسارها الرياضي بل وحياتها ككل، حتى حققت إيناس يوم 16 شتنبر الجاري، إنجازا تاريخيا وغير مسبوق في تاريخ الغولف المغربي، بعد نجاحها في انتزاع لقب بطولة فرنسا المفتوحة للغولف للسيدات المدرجة ضمن منافسات الجولة الأوروبية للمحترفات بمدينة دوفيل الفرنسية. والأكيد أن التتويج بمسابقة عريقة للغولف يحمل أكثر من دلالة بالنسبة لإيناس، حيث تقول "تتويجي بهذه البطولة في أول سنة لي كلاعبة محترفة يعد مبعث اعتزاز لي، وفخورة أيضا لكوني أول عربية ومغربية تتوج بهذا اللقب". طموح إيناس لقلالش لن يقف حتما عند هذا التتويج المستحق، بل تحذوها إرادة قوية في السير على خطى حديوي، والمشاركة في أكبر حدث رياضي كوني وهي دورة الألعاب الأولمبية. وتقول "سيكون من الرائع جدا أن أضمن مشاركتي في الألعاب الأولمبية المقبلة المقررة في باريس 2024، والصعود إلى منصة التتويج وتكرار إنجازات أبطال مغاربة آخرين".