أعطت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في دورتها العاشرة، انطلاقة العد العكسي لموعد المؤتمر الوطني الحادي العشر المزمع انعقاده أيام 11 و12 و13 من شهر نونبر المقبل، ببوزنيقة، حيث صادقت بالإجماع على مشروع الوثيقة السياسية ومشروع القانون الأساسي. كما أقر برلمان حزب الكتاب الذي التأم بالرباط، أول أمس السبت، شعار المؤتمر الوطني الحادي عشر وهو "البديل الديمقراطي التقدمي"، الذي يختزل وبشكل مكثف تصور المشروع المجتمعي الذي يطرحه حزب التقدم والاشتراكية، ويناضل من أجله، والذي يضع الإنسان في قلب العملية التنموية وإقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، وسبل تحقيق نمو اقتصادي مطرد وقادر على الصمود ومواجهة الأزمات، وتحسين الحكامة، من خلال إعطاء الدلالات والمضامين الحقيقية لمفهوم الدولة الاجتماعية. ويقوم هذا التصور، أيضا، وفق ما ساقه محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في التقرير الذي قدمه باسم المكتب السياسي وصادقت عليه اللجنة المركزية بالإجماع، (يقوم) على تدقيق مداخل تحقيق العدالة الاجتماعية، سواء فيما يتعلق بمكافحة الفقر والهشاشة، أو فيما يتصل باستعمال الأداة الجبائية لتحقيق توزيع أفضل للثروة، أو كذلك فيما يرتبط بإعطاء الأولوية للمستشفى العمومي والمدرسة العمومية ولباقي الخدمات الاجتماعية الأساسية، وضمان مناخ مناسب للعمل والأعمال. وتحتل الأبعاد القيمية والثقافية والمجتمعية مكانة بارزة في البديل الديمقراطي التقدمي، على اعتبار أن الديمقراطية، يضيف نبيل بنعبد الله، هي أساس حمل هذا البديل الديمقراطي التقدمي، من خلال ما يتعين القيام به لإعطاء دفعة أقوى لكافة الحريات والحقوق، وللمساواة، وللثقافة والإبداع، وللأمازيغية إلى جانب كل مكونات وروافد هويتنا الوطنية، ولجميع العوامل اللامادية في التنمية، بما يتيح فضاء مجتمعيا سليماً يتطور فيه الإبداعُ والانفتاحُ وتتحرر فيه الطاقات. ووقف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في تقريره أمام الدورة الأخيرة للجنة المركزية التي ترأسها مصطفى عديشان عضو الديوان السياسي للحزب، (وقف) على السياق الدولي الذي ينعقد فيه المؤتمر الوطني الحادي عشر، والذي يتسم، بحسبه، ببروز لقوى صاعدة وتحولات في المواقع الجيو استراتيجية، مما يؤشر في نظره، على تَحَوُلِ عدد من قوى الرأسمال الصناعية إلى قوى مالية، وظهور أنماطٍ جديدة للإنتاج، مع ما يعرفه النموذج الاقتصادي الرأسمالي من هشاشةٍ وعجزٍ عن مواجهة الأزمات. وأضاف زعيم التقدميين المغاربة، أن ذلك يتأكد من خلال سقوط العالم في وضعية التضخم المصحوب بالركود الاقتصادي، وتفاقم الفقر حتى في بلدان غنية، مشيرا إلى أن هذا الوضع المضطرب الذي أنتجه الصراع حول النفوذ والهيمنة، يبقى مفتوحا على احتمالاتٍ عدة، وهو ما يُفسر حالة اللايقين، وتزايد بؤر التوتر والنزاعاتُ المسلحة. في مقابل ذلك، سجل محمد نبيل بنعبد الله، تنامي الإقرار، صراحةً أو ضمنيا، على الصعيد العالمي، بوجاهة التصورات والحلول التقدمية، ولا سيما منها الأدوار الاستراتيجية للدولة وللمرفق العمومي، والتخطيط الاستراتيجي، وغيرها من الأفكار ذات المنبع الاشتراكي، مع انبثاقَ جيلٍ جديد من الحركات النضالية عبر العالم، تتخذ طابع حركات اجتماعية مواطِنة حققت فعليا نجاحات بعددٍ من البلدان، وهي حركات تتأسس، يقول الأمين العام لحزب الكتاب "على قاعدة مطالب وانتظارات تتعلق بالسلم، والإيكولوجيا، والعدالة الاجتماعية،والديمقراطية، والكرامة، والمساواة، وغيرها من المواضيع المتصلة مباشرة بالقيم الإنسانية". وعلى الصعيد الوطني، ذكر محمد نبيل بنعبد الله، أن الأوضاع تتسم باستمرار تدهور القدرة الشرائية للمغاربة، وغلاء أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وفي مقدمتها أسعار المحروقات، بازدياد الضغط على المالية العمومية، بسبب ارتفاع المديونية والتضخم، مشيرا إلى أنه تم تسجيل مداخيل إضافية غير مسبوقة في الميزانية العامة، برسم تنفيذ قانون مالية 2022، أساساً بفعل ارتفاع الموارد الضريبية والجمركية المتأتية من المحروقات. وفي نظر الأمين العام، فإن التحديات السياسية، والتعقيدات الاقتصادية، والصعوبات الاجتماعية، تجعل الحاجة ماسةً، أكثر من أي وقتٍ آخر، إلى حضورٍ قوي وتتبع يقظ وتفاعُل متواصل للدولة، بكافة مؤسساتها، مع هذه الأوضاع، من أجل البلورة السريعة للسياسات وقيادة الإصلاحات، تفاديا لمخاطر الانزلاق والفراغ، معربا عن أسفه، لكون الحكومة غير مبالية وعاجزة عن تدبير الأزمة بتعقيداتها المختلفة، وتفتقد إلى الحِس السياسي اللازم من أجل التجاوز السليم لأعطاب المرحلة. وفي سياق آخر، شدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على ضرورة جعل المؤتمر الوطني الحادي عشر، مؤتمرا نوعيا، وبأفقٍ تنظيمي استراتيجي، يروم الحفاظ على هوية الحزب ومبادئه وقيمه ومرجعياته، وعلى استقلالية قراره، مع مواصلة الاجتهاد في استكشاف أساليب جديدة للعمل، في إطار جدلية الوفاء والتجديد، بالإضافة إلى كسب رهان تقوية الآلة التنظيمية الحزبية، ومواصلة الإشعاع الحزبي كأمر أساسي، يسبق، في نظر نبعبد الله، استشراف أي تحالفات مهما كانت طبيعتها أو نوعها. وتميزت الدورة العاشرة للجنة المركزية، بالتقرير التركيبي الذي قدمه عبد الرحيم بنصر عضو الديوان السياسي الذي يرأس إلى جانب ثريا الصقلي العلوي اللجنة التحضيرية الوطنية للمؤتمر الوطني الحادي عشر، عن حصيلة مختلف اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية الوطنية، وهي لجنة مشروع الوثيقة السياسية والبرنامج الوطني، ولجنة مشروع القانون الأساسي، ولجنة التواصل، ولجنة التنظيم والانتداب، ثم لجنة اللوجيستيك والمالية. يشار إلى أن رئاسة الدورة العاشرة للجنة المركزية قد أسندت إلى جانب مصطفى عديشان عضو الديوان السياسي الذي أدار أشغالها، إلى الرفيقات والرفاق أعضاء الديوان السياسي نادية التهامي، وعزوز الصنهاجي، ورشيد روكبان، وعائشة لبلق وفاطمة الزهراء برصات، وثريا الصقلي العلوي، وعبد الرحيم بنصر. محمد حجيوي