فجرت الهزيمة القاسية التي حصدها فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم مساء الأحد بمركب محمد الخامس أمام اولمبيك آسفي برسم تصفيات كأس العرش لموسم 2012-2011، غضبا عارما وسط جمهوره ومحبيه الذين لم يترددوا في المطالبة بتغييرات على مستوى التسيير، محملين الرئيس عبد السلام حنات ومن معه مسؤولية البداية المتعثرة للفريق البطل. فقد خلف هذا التواضع المفاجئ قاريا ووطنيا صدمة كبيرة وسط القاعدة الجماهيرية للرجاء، التي لم تستوعب ما يحدث لفريق كان من المفروض أن يكون في قمة عطائه، إذ من غير المسموح لناد كبير تصل ميزانيته السنوية إلى 5 ملايير ونصف سنتيم، الظهور بمظهر العاجز على المحافظة على نفس الإيقاع الذي أنهى به بطولة الموسم الماضي، والذي أهله ليرصع قميصة بالنجمة العشارية. فمن يتحمل المسؤولية إذن في كل هذا الذي يحدث داخل الرجاء؟ - هل هو عبد السلام حنات الذي حمله جمهور المركب مسؤولية إخفاق البداية، وطالبت برئيس جديد؟ - هل هو أمحمد فاخر الذي رحل بصورة مفاجئة عن الإدارة التقنية للفريق، مخلفا وراءه، فراغا تقنيا مهولا؟ هذه الأسئلة، وغيرها هي ما تشغل حاليا بال الرجاويين، وبدون أدنى شك، فان تحمل المسؤولية لأي جهة كانت دون غيرها، يعتبر إجحافا وخروجا عن النص، تضيع معه إمكانية الوقوف على حقيقة الأزمة التي تمر منها الرجاء، ما دامت الأزمة هي أزمة مزمنة وليست وليدة اليوم، وملامحها كانت دائما بادية للعيان، حتى والفريق يحقق نتائج ايجابية قادته إلى تحقيق اللقب العاشر في تاريخه. فكل من يتابع أداء الفريق الأخضر خلال السنوات الأخيرة، يخرج بقناعة راسخة وهي أن المستوى التقني غير مقنع تماما، والتفوق لا يعود إلى قوة استثنائية للرجاء، بقدر ما يعود إلى تواضع مهول للخصوم. الرئيس حنات وبعد سنوات من الابتعاد عن المركز المباشر لمصدر القرار، لم يتردد في قبول دعوة العودة، لكن في ظروف مغايرة لما سبق، ومع ذلك تحمل من جديد مهمة الرئاسة و«جاب الله التيسير» حيث تحقق اللقب، وهو إنجاز يحسب له، لكن السهولة التي قادت إلى هذا الانجاز، لم تتوفر بداية هذا الموسم، وهذه مسألة عادية وطبيعية، خاصة وأن كل من يواجه الفريق البطل يستعد بما فيه الكفاية، ويسعى للظهور بمستوى لافت بمركب العاصمة الاقتصادية. التساهل الذي تعامل به حنات مع مسؤولية التسيير، ساهم بدرجة كبيرة في حدوث الفراغ الحالي على مستوى الإدارة التقنية، فبدون عقد ملزم فضل فاخر مصلحته قبل أي شيء آخر، إذ لم يتردد في الرحيل بعدما تبين له أن الرجاء ستجد صعوبة في المحافظة على مركز الريادة وطنيا، فبالأحرى قاريا وهو يلاقي صفوة القارة الإفريقية. الواقع، أن لا حنات ولا فاخر يتحملان وحدهما مسؤولية الأزمة المتفجرة حاليا داخل الرجاء، فأية نظرة موضوعية للأمور، تقود إلى عمق المشكل، فالرئيس الحالي عاد لمنصب المسؤولية كحل متوفر في غياب بديل جاهز، والمدرب ابن الفريق تعامل مع الموضوع من زاوية خاصة بصفته مدرب محترف، تفرض عليه المهنة التعامل مع المعطيات وليس العواطف. وسواء انتبهت عائلة الرجاء أم لم تنتبه، فان النادي يعاني منذ سنوات من انغلاق فظيع على الذات، والدليل أن هذه العائلة التي يضرب بها المثال من حيث التضامن ووحدة الصف، سقطت في احتكار غير مقبول، والدليل هو غياب وجوه جديدة داخل هذا العائلة الرياضية، التي يبدو أنها تتعامل بروح غير رياضية مع أي وافد جديد. فكل الأسماء التي سعت إلى تعزيز الفضاء الرجاوي، وجدت نفسها فجأة خارج التغطية، وهنا نحيلكم عن لائحة الأسماء التي تشكل الدائرة الخاصة بالتسيير داخل الرجاء: (أحمد عمور، عبد الله غلام، حميد الصويري، عبد السلام حنات) إذن هم أربعة رجال يحتكرون التسيير منذ عشرين سنة خلت، ومن خلفهم يقف أمحمد أزوال الرئيس الأبدي للمكتب المديري، نفس الأسماء تجدها دائما في تشكيلة مكتب فرع كرة القدم، مما كرس نوعا من التسيير أفقد الرجاء خاصية كانت معروفة عنها من قبل، وتتجلى في اعتماد التدبير الحداثي المبني على الأساليب العلمية. وكمثال على الأسماء التي لفظتها الدائرة الضيقة للرجاء نذكر على سبيل المثال لا الحصر، جواد الزيات، منصف لبيض، سعيد وهبي، المهدي البلغيتي وغيرهم، إلا أن المؤكد هو أن الحصار المفروض على التسيير داخل الرجاء لا يشجع الأطر العليا على الرغبة في تحمل المسؤولية داخل هذا النادي الكبير صاحب الشعبية الجارفة، وإعطاء تلك الإضافة النوعية التي تحدث الصدمة الايجابية داخل مكونات النادي، دون التفريط في ضمان الاستمرارية المطلوبة. عائلة الرجاء عائلة كبيرة، ولا يمكن أن تكون عاقر، عاجزة عن إنجاب وجوه جديدة...