تشرع محكمة جنايات القاهرة يومه الأربعاء، في محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه وعدد من رموز نظامه بمقر أكاديمية الشرطة شرق القاهرة، وهي المحاكمة التي يطلق عليها الإعلام المصري «محاكمة القرن». ومهما يكن الوصف المناسب لهذه المحاكمة، ففي كل الأحوال تعد السابقة الأولى في تاريخ مصر التي تحاكم فيها رئيسها حيث سيكون عليه ومن معه في القضية وهم نجلاه، علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من قيادات وزارة الداخلية ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، إبراء ذمتهم من تهم قتل المتظاهرين وإهدار المال العام. وبرغم حرارة الطقس في مصر وأجواء صيام رمضان إلا أن الرأي العام ينتظر بشوق تلك المحاكمة التي سينقلها التليفزيون المصري على الهواء مباشرة وتتم وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، تحسبا لأية محاولات للإخلال بالأمن، خاصة بعد إعلان مؤيدين لمبارك حضورهم لمقر المحاكمة لمؤازرته، بينما يعتزم ممثلو تيارات سياسية وائتلافات ثورية تنظيم مسيرات للمطالبة بالقصاص. وإزاء تلك المخاوف الأمنية، اتخذت وزارة الداخلية إجراءات مشددة بالتنسيق مع القوات المسلحة حيث سيقوم ثمانية آلاف ضابط وجندي بحراسة مقر المحكمة فضلا عن 16 دبابة و36 مدرعة وطائرات حربية تجوب سماء المنطقة بالإضافة الى وضع كاميرات على أسوار الأكاديمية، وحواجز حديدية وبوابات إلكترونية على مداخل القاعة. وهناك تناقض في الروايات حول امكانية حضور مبارك لجلسة اليوم نظرا لتردي حالته الصحية والنفسية بعد إصابته بالاكتئاب والامتناع عن تناول الطعام طيلة الأيام الماضية ومعاناته من هزال شديد وزيادة حدة التوتر النفسي بعدما أخطرته النيابة، حسب الصحافة المصرية بضرورة حضوره جلسة المحاكمة، اذ زادت حالته النفسية سوءا وكذلك زوجته سوزان مبارك التي ترافقه بالمستشفى. وقد انتهت الأجهزة الأمنية من وضع خطة نقل مبارك الى مقر اكاديمية الشرطة للمحاكمة، وتعتمد تلك الخطة، وفقا لمصادر أمنية، على نقله للقاهرة بطائرة هليكوبتر أو إسعاف طائر تابع للقوات متعددة الجنسيات، حيث تهبط الطائرة الليلة داخل مستشفى شرم الشيخ ليستقلها مبارك والحراسة الخاصة به، وتتجه إلى القاهرة لتهبط داخل أكاديمية الشرطة مع إعادته بنفس الأسلوب أو نقله إلى سجن مزرعة طره حسب قرار هيئة المحكمة. ويواجه مبارك (83 عاما)،الذي سيلتقي في قفص المحكمة لأول مرة بنجليه عقب حبسهما قبل شهرين بسجن طرة،عقوبة الإعدام إذا ما أدين بتهم فساد والأمر بإطلاق النار على أكثر من ثمانمائة شخص قتلوا بأيدي قواته الأمنية أثناء الثورة وهو ما سيحاول 50 محاميا تطوعوا للدفاع عنه نفيه. ولا تقتصر التهم الموجهة لمبارك ومرافقيه في القضية على قتل الثوار وإنما تضمن صك الاتهام كذلك حصول مبارك ونجليه على عطايا ومنافع عبارة عن قصر على مساحة كبيرة و4 فيلات بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه (نحو 7 مليون دولار) بأسعار صورية وتسهيل حصول رجل الأعمال حسين سالم على قرارات تخصيص وتملك مساحات شاسعة من الأراضي مملوكة للدولة بمحافظة جنوبسيناء. كما يواجه مبارك تهمة ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على الملياري دولار بإسناد شراء الغاز الطبيعي المصري للشركة التي يمثلها ورفع قيمة أسهمها وتصديره ونقله إلى إسرائيل بأسعار متدنية أقل من تكلفة انتاجه.