قال الكاتب المصري جمال الغيطاني، إن «الواقع الافتراضي هو الذي فجر الثورة في مصر، ولعبت فيها الصورة دورا أساسيا خاصة الصورة التلفزيونية». واعتبر الغيطاني في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن «ثورة 25 يناير خلقت وسائل جديدة في صناعة الثورات». وبالرغم من ذلك يشدد الغيطاني على أنه «لا يمكن القول بأن دور الأدب انتهى أو مات، لأن الأدب هو الذي مهد طول الخمسين سنة الماضية للثورة لكنه لم يشعلها»، مذكرا في هذا السياق بروايات لنجيب محفوظ، من قبيل «اللص والكلاب» و»ثرثرة فوق النيل» وغيرهما، ثم إلى كتابات معارضة للواقع، والتي نجد فيها «هدما للأنظمة الفاسدة وللدكتاتورية ولأجهزة القمع»، التي انهارت -حسب الغيطاني- بفعل الثورة. وعن مواكبة الأعمال الأدبية لهذه الثورة، قال الغيطاني إنه ينبغي انتظار الأعمال الأدبية الكبرى التي ستنتج عن ثورة 25 يناير، مستطردا أن «ما نقرأه في المرحلة الراهنة هو اليوميات، التي كتب معظمها بسرعة « فضلا عن قصائد شعرية، «لا يرقى معظمها إلى المستوى»، لكنه يضيف أ، «هناك خطابا سياسيا للشعر». وأبرز في هذا الجانب حالة الشاعر عبد الرحمان الأبنودي، الذي كتب نصين «في منتهى الخطورة من ناحية المضمون» وسم الأول ب»سقطت دولة العواجيز» والثاني ب «لسه النظام باقي». ورجع الغيطاني قليلا إلى التاريخ، وفي عملية مقارنة، قال إن الثورات الأقرب إلى «ثورة 25 يناير، التي ولدت منها روح جديدة» هي ثورة 1919 التي فجرت بدورها طاقة روحية هائلة، والتي يعد نفسه من «نتاجها»، رغم أنه لم يعشها، إلا أنه تأثر بها عن طريق نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيى حقي، مشيرا إلى أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، «مثلا قرر القيام بالثورة بعد قراءته لرواية عودة الروح»لتوفيق الحكيم. وهنا يسجل صاحب «كتاب التجليات» و»أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، أن «للثورة المصرية ظروف خاصة تتصل خاصة بالميراث الثقافي». وبعيدا عن الأدب والواقع الافتراضي، اعتبر مؤلف «شطح المدينة» و»متون الأهرام» و»حراس البوابة الشرقية»، أن ثورة 25 يناير كانت «لحظة إبداع إنساني» وليست مجرد ثورة، وقد كشفت عن «جيل جديد مذهل وعن قوة كامنة في الناس»، وما ساعد على ذلك هو «الانهيار السريع للنظام وموقف الجيش المصري الذي انحاز للناس». فالثورة، في نظر الغيطاني، «قامت لما نضجت الظروف فالتحمت نخبة الشعب بالكتلة»، مفسرا أن «عدد المتواجدين يوم 25 يناير بميدان التحرير يعد على الأصابع، إلا أن أبوابا لا مرئية» انفتحت فجأة بتدفق الألوف، وهي اللحظة التي قال إنه تيقن فيها أن «الحالة المصرية بدأت». وبعد تأكيده على تفاؤله بالثورة على المدى البعيد بالرغم من مواجهتها لصعوبات، قال الغيطاني إن مشكلة الثورة المصرية تكمن في «عدم وجود قائد لها في مستوى سعد زغلول وجمال عبد الناصر»، وكانت نتيجة ذلك ظهور «فئات انتهازية تحاول سرقة هذه الثورة، مما يستوجب الانتباه إلى أعدائها»، إلا أنه يؤكد أن لدى المصريين وعيا كبيرا بهذه المسألة. وبالرغم من الروح الجديدة السائدة حاليا في مصر، عبر الغيطاني عن الأسف لعدم ظهور مرشح للرئاسة يليق بالثورة، معربا عن أمله في أن يحكم مصر شخص لا يتجاوز سنه خمسين سنة، معتبرا أن «المسألة العمرية ليست مسألة شكل بل مسألة تكوين ورؤية»، ولا بد للنظام «أن يتجدد على كل الستويات». ويعد جمال الغيطاني، الذي ازداد سنة 1945، صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري العربي ليخلق عالما روائيا خاصا، وله بالإضافة إلى الأعمال سالفة الذكر «أرض.. أرض» و»الزويل» و»الزينى بركات» و»وقائع حارة الزعفراني».