الدينامية، التكامل، الالتزام وعلاقة رابح-رابح، هي العناوين البارزة المحددة للعلاقات الاقتصادية القائمة بين المغرب وإسبانيا، والتي ما فتئت تتطور وتزداد تنوعا على مر السنين، لتصبح نموذجا لتعاون يتجه نحو المستقبل. وعلى الرغم من الصعوبات المتعلقة بالظرفية السياسية أو بوباء "كوفيد-19″، نجح البلدان في إضفاء دينامية جديدة على مبادلاتهما التجارية، التي يحفزها القرب الجغرافي، حضور نسيج مقاولاتي إسباني قوي في المغرب يستفيد من المناخ الإيجابي للاستثمار في المملكة ومن تنوع التدفقات التجارية الثنائية. وقد مكنت الشراكة الاقتصادية الثنائية، المدعومة بعلاقة سياسية إستراتيجية، البلدين من الحفاظ على دينامية مستدامة للمبادلات التجارية وتنفيذ مشاريع للتنمية المشتركة ذات قيمة مضافة قوية. وقد تضاعفت المبادلات التجارية بين الرباط ومدريد خلال السنوات العشر الأخيرة، مع معدلات نمو تفوق 10 بالمائة في السنة منذ 2011. والدليل على ذلك، أن إسبانيا تعد منذ 8 سنوات، أول مزود وزبون للمغرب. وفي العام 2021، كان المغرب قد صدر نحو 7,3 مليار يورو نحو إسبانيا، بارتفاع قدره 14,6 بالمائة مقارنة مع السنة الماضية، بحسب المعطيات التي كشفت عنها سفارة إسبانيا بالرباط. وفي المقابل، استورد المغرب من البلد الإيبيري ما قدره 9,5 مليار يورو، مسجلا نموا قدره 29,2 بالمائة. وتمثل هذه الأرقام القياسية، على التوالي 3 بالمائة و2,1 بالمائة من من الحصة العالمية للصادرات والواردات الإسبانية. وكان منحنى المبادلات التجارية بين البلدين في اتجاه تصاعدي منذ العام 2016، حيث أظهر انخفاضا طفيفا في العام 2020 مع بلوغ الصادرات نحو إسبانيا 6,37 مليار يورو (مقابل 6,96 مليارا في 2019)، بينما ارتفعت الواردات إلى 7,35 مليار يورو (مقابل 8,45 مليار يورو في العام 2019). وعلى هذا الأساس، فإن إسبانيا التي تدرك المكانة المميزة للمغرب كشريك اقتصادي موثوق وبوابة للقارة الإفريقية، تثني على أهمية التكامل بين البلدين وخلق الثروات، بما يعود بالنفع على كلا الشعبين. وبالنسبة لمدريد، فإن استقرار وازدهار البلدين "مرتبطان ارتباطا وثيقا". فقد أكد وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، مؤخرا، أن "إسبانيا والمغرب يجمعهما التاريخ والجغرافيا. فالبلدان مرتبطان بأزيد من 16 مليار يورو من المبادلات التجارية، والمغرب هو ثالث شريك اقتصادي لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي"، موضحا أن هذه المبادلات واصلت تطورها على الرغم من وباء "كوفيد-19". وشدد على أن "الصادرات الإسبانية إلى المغرب زادت بنسبة 29 بالمائة في 2020/2021، حيث تربط 17 ألف مقاولة إسبانية علاقات تجارية مع المغرب و700 شركة تستقر في البلد الجار، ويعيش أزيد من 800 ألف مغربي في إسبانيا مندمجين بشكل كامل ويساهمون في تحقيق ازدهارنا". وبالنسبة للسيدة هدى بنغازي، المديرة العامة للمجلس الاقتصادي المغربي-الإسباني، فإن المبادلات التجارية بين البلدين تتميز بثلاثة عناصر أساسية، هي التناغم، الجودة والتوازن. وقالت بنغازي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن كون إسبانيا تعد المورد الرئيسي للمغرب ليست وضعية منتظمة، لكنها استمرت لأكثر من ثماني سنوات، موضحة أنه من خارج الاتحاد الأوروبي، يعد المغرب ثالث أكبر زبون بالنسبة لإسبانيا، تفوقه فقط الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة. إلى جانب ذلك، فقد أضحى البلدان حليفين في شراكة قائمة على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، مضيفة أن التكافؤ المتعلق بالواردات/الصادرات أصبح متوازنا أكثر فأكثر.