لا يختلف اثنان على أن خريبكة أصبحت الآن عاصمة للسينما الافريقية، وطأت أرضها أسماء سينمائية مرموقة منذ احتضانها لمهرجان خاص بهذه السينما سنة 1977، لهذا اختار منظمو هذه التظاهرة في دورتها الرابعة عشر إقامة معرض يوثق لدوراتها السابقة. وقسم هذا المعرض الذي تنظمه مؤسسة المهرجان والمقام بالمركب الثقافي، إلى ثلاثة فقرات أساسية تهم الوجوه السينمائية المكرمة في الدورات السابقة، ورؤساء لجان التحكيم الذين تعاقبوا عليها فضلا عن ملصقات هذه الدورات. أسماء عانقها الخريبكيون، منها من أصبح مألوفا، وعاد لمرات عديدة لهذه المدينة العمالية، حتى صح أن ينطبق عليها قول الشاعر «ما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا». ومن هؤلاء من رحل عن هذا العالم، وبقيت صوره وذكريات حضوره في هذه التظاهرة الافريقية محط تقدير وموضوع أحاديث نوستالجية بين السينمائيين والمهنيين وعشاق الفن السابع بخريبكة، الى درجة أن الزائر للمدينة لابد وان يقف هنا وهناك على صور التقطت لهؤلاء مع أبناء المدينة العاشقين للسينما. إن قصة مهرجان السينما الافريقية بخريبكة بعيدة كل البعد عن أن تكون قصة عادية أو بسيطة، كما يقول رئيس مؤسسة المهرجان السيد نور الدين الصايل في افتتاحية مجلة هذه التظاهرة، فالانطلاقة كانت نضالية وتطوعية. واختيار خريبكة آنذاك لاحتضان تظاهرة سينمائية افريقية ليس اعتباطيا، فهي المدينة العمالية بامتياز، وكانت من أكثر المدن التي لا تنتشر فيها الثقافة السينمائية، لذلك يضيف نور الدين الصايل أحد مؤسسي المهرجان، كان لابد من الذهاب والمصالحة بين العامل والثقافة السينمائية. ومرت الدورات وكبر المهرجان، وراكم تجربة على الصعيد الوطني والدولي والافريقي، فخبر عمالقة الفن السابع خبايا هذا المهرجان وكرمهم بدوره تقديرا لعطاءاتهم في هذا المجال، مومن السميحي، أوسمان سيمبين، عاطف الطيب، سهيل بن بركة، يوشف شاهين، محمد بركات، حميدو بن مسعود، الطاهر شريعة، محمد الركاب، صلاح توفيق، وغيرهم . كما يتذكر متتبع مهرجان السينما الافريقية أسماء أخرى كانت شاهدة على الأفلام التي تعرض ضمن برامجه، خاصة في المسابقة الرسمية، والذين أسندت لهم في دوراته السابقة مهمة رئاسة لجان التحكيم ومنهم عبد الرحمان سيساكو (موريتانيا) والشيخ دوكوري (غينيا بيساو) ولورونس كافارون (فرنسا) ومحمد برادة وثريا جبران ومصطفى الدرقاوي (المغرب)... والأجمل في هذا المعرض هو ملصقات الدورات، التي نظمت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب والجمعية الثقافية بخريبكة أولاها ما بين 25 و31 مارس 1977، وتوالت الدورات، ولو بعد توقف لفترات، تحت شعارات تعالج كلها تيمات ذات بعد كوني، «السينما والصداقة بين الشعوب» و»السينما والتسامح» و»السينما والتنمية» وغيرها من الشعارات التي كانت تدور حولها نقاشات بين النقاد والمبدعين.