المصريون يوجهون «الإنذار الأخير» للمجلس العسكري يتوافد الآلاف من المصريين إلى ميدان التحرير في القاهرة، وميدان الأربعين في السويس وميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية للمشاركة في جمعة جديدة، يتظاهرون فيها احتجاجا على بطء محاكمات رموز النظام السابق، وعدم تطهير الحكومة ومؤسسات الدولة من فلول الحزب الوطني المنحل، فضلاً على عدم استقلال القضاء والإعلام، وللمطالب بإقالة عدد من كبار المسؤولين والوزراء، وبالتأكيد لم ينسوا توجيه النقد للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد بعد إزاحة حسني مبارك عن الحكم في 11 شباط- فبراير الماضي. أسماء متعددة لجمعة واحدة كالعادة اختلف المصريون أو بالأحرى السياسيون والناشطون الداعون للتظاهرات المليونية حول تسميه جمعتهم، حيث أطلق البعض عليها اسم الإنذار الأخير»، على اعتبار أنه في حالة عدم استجابة المجلس العسكري للمطالب المرفوعة، سيتم اللجوء للعصيان المدني. فيما قال آخرون إنها «الإصرار»، ودعاها طرف ثالث «استكمال الثورة»، «القصاص الثانية»، غير أن الاسم الأغرب هو «الكفن»، على اعتبار أن المتظاهرين سيحملون أكفانهم ويطوفون الميدان في إشارة إلى أن قتلى الثورة لبسوا الأكفان. توحد المطالب وإذا كانت التيارات السياسية اختلفت حول تسميه الجمعة الجديدة في 15 يوليو الجاري، فإنها حاولت الاتفاق على حزمة من المطالب التي ترفعها في تظاهراتها اليوم، حيث عقدت مجموعة من ائتلافات شباب الثورة اجتماعا في ميدان التحرير لبلورة تلك المطالب، وأصدروا بياناً بها، وكان من الملاحظ أنه خلا من مطلب إسقاط حكومة الدكتور عصام شرف، ومنها: سرعة نقل الرئيس المخلوع إلى مستشفى طرة، تخصيص محكمة بكامل دوائرها بعد مراجعة بيانات الهيئة القضائية لمحاكمة قتلة الثوار، على ألا تخضع للحركة القضائية القادمة، استقلال القضاء والفصل بين السلطات، واستقلال الأزهر الشريف وانتخاب هيئة من كبار العلماء لاختيار شيخ الأزهر من بينهم. استقلال الإعلام وإلغاء وزارة الإعلام، إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، والمستشار عبد العزيز الجندى وزير العدل، وجودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، فصل وزارة الداخلية عن هيئة الشرطة المدنية، وتقليص الرتبة الشرطية إلى عقيد بحد أقصى، وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإفراج عن السجناء السياسيين قبل وبعد الثورة، وإلغاء قانون منع التظاهر السلمي، تشكيل لجنة عليا من مجلس الوزراء لقبول طلبات المتظاهرين، إصدار قرار بأن يكون 25 يناير عيداً وطنياً يكرم فيه أسر الشهداء، والمصابين. وضع حد أدنى للأجور 1200 جنيه، وحرمان أعضاء الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن 5 سنوات. هتافات ودعا شباب الثورة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء إلى المشاركة في «مليونية الكفن»، وهتفوا مساء الخميس «ياعصام ياعصام الشرعية من الميدان»، «يا عصام يا عصام خيمتك لسه في الميدان»، إضافة إلى هتافات أخرى تدعو للاعتصام المفتوح في ميدان التحرير إلى حين تحقيق كافة مطالب الثورة، وعلى رأسها القصاص من ضباط الشرطة ورموز النظام السابق، مثل «القصاص القصاص قتلوا ولادنا بالرصاص»، «يا شهيد نام وإرتح وإحنا نكمل الكفاح»، «دم الشهيد مش هيروح هدر»، «ده دم مش مية.. يا داخلية يا بلطجية»، «حقك على يا شهيد يوم إعدامهم ده يوم عيد»، ولم ينسوا هتافات تؤكد على الوحدة الوطنية، وإلتحام المسلمين والمسيحيين في الثورة، مثل: «مسلمين ومسيحيين برده هنفضل مصريين»، «أنا مش جبان أنا مش جبان.. الثورة لسه في الميدان». كما دعا المحتجون إلى إقالة عدد من قيادات القضاء وأجهزة الرقابة، وتحديداً المستشار عبد المجيد محمود النائب العام، والمستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية. إضراب عن الطعام يستمر العشرات من المضربين عن الطعام في إضرابهم لليوم الرابع على التوالي، وتدهورت صحة بعضهم بشكل لافت، ورغم ذلك رفضوا الانتقال إلى المستشفى لتلقي العلاج أو فض الإضراب، وتعمل سيارات الإسعاف المتواجدة بالميدان على تقديم الإسعافات اللازمة لهم. ومن المتوقع انضمام العشرات إليهم اليوم الجمعة. ونظم المئات من المعتصمين بالميدان مسيرات بالأكفان في مختلف أرجاء الميدان، في محاولة منهم لتذكير المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف بأن هناك شهداء فقدوا حياتهم، ولم يتم القصاص لهم حتى الآن، رغم مرور خمسة أشهر على نجاح الثورة في إسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. يزداد عدد المشاركين في تلك المسيرات بعد صلاة الجمعة، وتتسع دائرتها، وتصل إلى مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى في شارع قصر العيني القريب من ميدان التحرير. ويعقد المستشار محمود الخضيري رئيس المحكمة الشعبية لرموز النظام السابق جلسة لمحكمتهم اليوم في الميدان، بعد أن توقفت الجلسات لعدة جمعات متتالية، خشية وقوع أحداث عنف من قبل من يصفون ب»بلطجية النظام السابق». الإخوان والإسلاميون يمتنعون وبينما أعلنت غالبية القوي والحركات والأحزاب السياسية الليبرالية المشاركة في جمعة «الإنذار الأخير» أو «الكفن»، التزمت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» الصمت، وأعلن بعض كبار قيادييها عدم المشاركة في التظاهرات، واتخذ التيار السلفي الموقف نفسه، وكذلك الجماعة الإسلامية. الثورة ما زالت في الميدان وقال محمود سعيد عضو إتلاف شباب الثورة ل»إيلاف» إن التظاهرات اليوم ستكون مليونية، احتجاجا على بطء محاكمات رموز النظام السابق، واستمرار فلول الحزب الوطني في السيطرة على المناصب القيادية في الجامعات والإعلام ومؤسسات الدولة واستمرار الوجوه القديمة من المحافظين والوزراء، مشيراً إلى أن الثورة لابد أن تظل في الميدان حتى تكتمل مطالبها، ونبه إلى أنه عندما يغفل أو ينشغل الثوار عندها لعدة أسابيع تضيع، يحدث تباطؤ في الإصلاحات، لذلك لابد أن تظل متوقدة ومشتعلة. الإنذار الأخير وأشار محمد سمير عضو حركة شباب 25 يناير بالجيزة إلى أن بعض ائتلافات شباب الثورة أطلقت على جمعة 15 يوليو اسم «الإنذار الأخير»، لأنها بالفعل بمثابة الإنذار الأخير للمجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف من أجل تلبية مطالب الثورة، وإلا سيكون هناك دعوة لعصيان مدني شامل في مختلف أنحاء الجمهورية ويشمل كافة مؤسسات الدولة. وأضاف ل»إيلاف» أن مطالب الثورة واضحة لا لبس فيها، وأهمها سرعة وعلانية محاكمات رموز النظام السابق، وتطهير الحكومة ومؤسسات الدولة من رموز الحزب الوطني المنحل، واستقلال القضاء، وتحديد جدول زمني لإدارة المرحلة الانتقالية. حتى لا تتحول لانقلاب عسكري ويؤيد المرشح الرئاسي الدكتور أيمن نور استمرار التظاهرات والإعتصامات في الميادين العامة، حتى لا تتحول الثورة إلى انقلاب عسكري، على حد قوله، وأَضاف ل»إيلاف» أن الأزمة الحقيقية التي تواجهها الثورة المصرية أنها بلا قيادات واضحة يمكنها أن يسيطر على السلطة وتقوم بالإصلاحات أو حركة التطهير المطلوبة في شهور أو أيام معدودة، وأن هناك أناس قاموا بالثورة، بينما حكم آخرون، لذلك يجب أن يظل الثوار في الميدان يراقبون إنجازات ثورتهم، حتى لا تسرق منهم أو تختطف من قبل تيارات أو مجموعات غير مؤمنة بأهدافها.