يرصد تقرير رئاسة النيابة العامة الصادر برسم سنة 2020، أداء النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية، في سياق ظرفية استثنائية اتسمت بتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد. وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، في تقديم هذا التقرير السنوي الرابع، أن رئاسة النيابة العامة، عاقدة العزم على المضي قدما في ممارسة ترسيخ سيادة القانون وتفعيل مبادئ التخليق والحكامة وصيانة حقوق الأفراد والجماعات والإسهام في حماية الأفراد والمجتمع من مختلف مظاهر الجريمة، مبرزا أن المؤسسة تستشرف آفاقا واعدة من أجل تطوير أدائها وتفعيل دورها بتنسيق وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة ومختلف المؤسسات الوطنية والسلطات العمومية المعنية. ويتميز تقرير هذه السنة بتناول كل محور من محاوره لمختلف التدابير المتخذة والمجهودات المبذولة من قبل مؤسسة النيابة العامة، سواء على مستوى رئاستها، أو على صعيد المحاكم، من أجل مواكبة الطرفية الصحية الاستثنائية التي عرفتها سنة 2020، مع بيان مختلف تأثيراتها على السير العادي للعدالة، وبيان المجهودات المبذولة من أجل الحفاظ على الصحة العامة، وتعزيز الحقوق والحريات. وجاء في تقديم التقرير أن الإشراف على النيابات العامة خلال 2020 اتسم بخصوصية أفرزتها الظرفية الوبائية، إذ اقتضى الأمر تحقيق الموازنة بين متطلبات تنفيذ أولويات السياسة الجنائية، بما فيها ضمان سلامة وطمأنينة الأفراد وتمتعهم بحقوقهم القانونية، وضرورة حماية صحة المرتفقين والعاملين بالنيابات العامة، من خلال التقليص من أعداد الوافدين، واعتماد العمل عن بعد، وتقديم خدماتها عبر الآليات الحديثة والوسائل التقنية المتاحة. ويشكل تقرير سنة 2020، بما تضمنه من أرضية إحصائية، فرصة لإجراء تقييم علمي لدراسة مدى تأثير انتشار الوباء على سير عمل النيابات العامة، وعلى مختلف مكونات العدالة الجنائية. ويتضمن التقرير السنوي بابا تمهيديا يستعرض المجهودات المبذولة من طرف رئاسة النيابة العامة لتعزيز الإشراف وتحسين أداء النيابات العامة لدى المحاكم وتسهيل ولوج المواطنين لخدماتها عبر تطوير أساليب العمل والانفتاح والتواصل. كما يتضمن التقرير بابين أساسيين، يرصد الأول معلومات ومعطيات إحصائية حول سير النيابة العامة، من خلال تسليط الضوء على النتائج المحققة في مختلف مناحي عملها وفق ما هو مقرر قانونا ، فيما يستعرض الباب الثاني أوجه تنفيذ أولويات السياسة الجنائية، وتشمل حماية الحقوق والحريات، وصون الأمن والنظامين العامين، وتعزيز الحماية المقررة لبعض الفئات، والتصدي لمختلف مظاهر الجريمة. ويعتبر التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، الذي يندرج إعداده ضمن تنفيذ أحكام المادة 110 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مرجعا أساسيا بشأن سير العدالة الجنائية بالمغرب، ووسيلة لتقييم السياسة الجنائية الوطنية لما يوفره من معطيات دقيقة حول واقع النيابة العامة وتحديات السياسة الجنائية، من أجل تعديل مضامينها وتطويرها بما يكفل الفعالية في مكافحة الجريمة، وتدعيم الحماية الواجبة للحقوق والحريات بمختلف أبعادها وتعزيز سيادة القانون. انخفاض الشكايات الرائجة ب 8 في المائة خلال 2020 أفاد تقرير لرئاسة النيابة العامة أن سنة 2020 عرفت انخفاضا في معدل الشكايات الرائجة بنسبة 8 في المائة مقارنة مع سنة 2019 . وأوضح التقرير الرابع لرئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة 2020 ، أن هذا الانخفاض في عدد الشكايات الرائجة يعزى إلى التراجع الحاصل في عدد الجرائم المرتكبة هذه السنة بسبب الحجر الصحي، كما توضح ذلك الأرقام الخاصة بظاهرة الجريمة . وأشار إلى أن تضحيات مختلف مكونات النيابة العامة، من قضاة وموظفين، قد ساهمت رغم تحديات الجائحة خلال سنة 2020 في الحفاظ على نتائج مستقرة برزت من خلال نسبة تصفية الشكايات الرائجة ، وكذا من خلال مقارنة المعطيات المتعلقة بالمخلف والمحفوظ . وأضاف أن عدد الشكايات المحفوظة سنة 2020 بلغ ما قدره 144522 شكاية، أي بنسبة 34 في المائة من مجموعة الشكايات المنجزة برسم هذه السنة، وهي نسبة تفوق المعدل المسجل السنة الفارطة والذي وصل إلى 36 في المائة. كما تم الحفاظ على استقرار نسبي في المخلف مقارنة مع سنة 2019 ، حيث بلغت نسبة 27 في المائة من مجموع الشكايات الرائجة، بما قدره 156197 شكاية، بينما سجلت سنة 2019 نسبة مخلف بلغت 25 في المائة، بما قدره 155571 شكاية. وذكر أن النيابات العامة وبالرغم من ظروف الحجر الصحي سجلت 421048 شكاية جديدة سنة 2020 ، أضيف إليها المخلف عن السنة الماضية ليبلغ مجموع الشكايات الرائجة 576619 شكاية، وقد تمت تصفية ما قدره 420422 شكاية، أي ما يقارب 72 في المائة من مجموع الشكايات الرائجة خلال السنة، مما يؤكد الحرص الكبير الذي تبذله النيابات العامة لمعالجة تظلمات المرتفقين رغم الصعوبات التي أفرزتها جائحة كورونا. وأبرز أن رئاسة النيابة العامة تسعى إلى تحسين ظروف ووسائل استقبال المرتفقين، وتمكينهم من تواصل فعال وسريع، من خلال إشعارهم بتسجيل وبمآل شكاياتهم عبر رسائل هاتفية قصيرة أو عبر البريد الإلكتروني، على غرار ماهو معمول به حاليا في فضاء الاستقبال بهذه الرئاسة . وبخصوص المحاضر، ذكر التقرير أن سنة 2020 عرفت تسجيل ما مجموعه 1.838.454 محضرا، وهو رقم قياسي يتجاوز ما تم تسجيله خلال سنة 2019 بأكثر من 275 ألف محضر (بنسبة زيارة تقدر بحوالي 18 في المائة) . وأوضح أن ذلك يعزى إلى أسباب كثيرة منها ما يتعلق بالصدور المستمر لتشريعات جديدة تتضمن مقتضيات جزرية، إضافة إلى خصوصية سنة 2020 التي عرفت إنجاز عدة محاضر في إطار زجر الجنح المرتكبة خرقا لحالة الطوارئ الصحية التي فرضها تفشي فيروس كورونا. وأضاف أن النيابات العامة لدى المحاكم الابتدائية توصلت خلال سنة 2020 بما قدره 1217114 محضرا معالجا بطريقة إلكترونية ، اي بارتفاع نسبته 13.54 في المائة مقارنة مع 2019 . نيابة عامة.. نسبة المحكوم من القضايا المسجلة بلغت 95 بالمائة خلال 2020 بلغت نسبة المحكوم من القضايا المسجلة بالمحاكم خلال سنة 2020، 95 بالمائة، أي مليونين و650 ألف و892 قضية من أصل مليونين و780 ألف و903 قضايا. وأوضح التقرير السنوي الرابع لرئاسة النيابة العامة، في ما يتعلق بالنشاط العام للنيابات العامة، أن المحاكم الابتدائية تهيمن على 85.91 بالمائة من مجموع المحكوم من القضايا حسب أنواع المحاكم، فيما تتوزع باقي النسب بين كل من محاكم الاستئناف (7.17 بالمائة) والمحاكم التجارية (4.01 بالمائة)، ومحكمة النقض بنسبة 1.53 بالمائة من مجموع القضايا المحكومة، والمحاكم الإدارية (0.84 بالمائة)، ومحاكم الاستئناف التجارية (0.27 بالمائة) ومحاكم الاستئناف الإدارية (0.27 بالمائة). أما حسب نوع القضايا، فيشير التقرير، الذي يرصد حصيلة أداء وسير النيابة العامة وكذا تنفيذ السياسة الجنائية برسم 2020، إلى أن نسبة المحكوم من القضايا المدنية بجميع المحاكم بلغت 4 بالمائة، وبلغت النسبة 95 بالمائة بالنسبة للجنائي بجميع المحاكم، و94 بالمائة بالنسبة للتجاري، فيما تصل النسبة إلى 101 بالمائة بالنسبة للإداري و129 بالمائة بالنسبة لمحكمة النقض. أما عدد القضايا الرائجة خلال سنة 2020 فقد وصل إلى ثلاثة ملايين و358 ألف و144 قضية. على صعيد آخر، يرصد التقرير كذلك أداء قضاة النيابة العامة برسم 2020، السنة التي اتسمت بظرفية استثنائية بفعل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، إذ عرف معدل إجراءات قضاة النيابة العامة لدى المحاكم العادية ارتفاعا طفيفا خلال 2020 مقارنة مع 2019، يقدر ب1.7 بالمائة، أي ما مجموعه 6898 إجراء سنويا. وقد بلغ عدد قضاة النيابة العامة، متم 2020، وفق التقرير، 1079 قاضيا وقاضية، يتوزعون بين كل من المحاكم الابتدائية (715)، ومحاكم الاستئناف (241)، ومحكمة النقض (43)، ومحاكم الاستئناف التجارية (6)، والمحاكم التجارية (19)، إلى جانب قضاة يعملون خارج المحاكم (55).