جنوب السودان.. مسيرة دولة تنطلق دعا المجتمع الدولي بما فيه الولاياتالمتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي ودول كبرى أخرى، إلى الاعتراف بدولة جنوب السودان الحديثة العهد، مؤكدا دعمه لهذا البلد الذي يعتبر من أكثر البلدان فقرا في العالم وأعلن السبت عن ميلاده. وفي بيان يعلن اعتراف واشنطن الرسمي بجنوب السودان قال الرئيس باراك اوباما «في حين يبدأ سودانيو الجنوب مهمة بناء بلدهم الجديد الصعبة، تعد الولاياتالمتحدة بأن تكون شريكتهم في سعيهم إلى الأمن والتنمية والحكم الذي يلبي تطلعاتهم واحترام حقوق الإنسان». وفي قرار تلاه الجمعة وزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح أعلنت حكومة السودان اعترافها رسميا بقيام دولة جنوب السودان وأفاد القرار «تعلن جمهورية السودان رسمياً اعترافها بقيام جمهورية جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة». وأضاف حسن صالح «تعلن جمهورية السودان اعترافها رسميا بدولة جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة وفقا للحدود القائمة في الأول من يناير 1956 والحدود القائمة عند توقيع اتفاق السلام الشامل في 2005 انطلاقا من اعترافها بحق تقرير المصير واعترافها بنتيجة الاستفتاء الذي اجري في التاسع من يناير 2011 وإنفاذا لمبادئ القانون الدولي». وأكد أن السودان يعلن «التزامه بإنفاذ اتفاق السلام الشامل وحل القضايا العالقة مع الجنوب»، مضيفا أن الحكومة السودانية «تدعو حكومة جنوب السودان للاستمرار في الاعتراف بالاتفاقيات الدولية والثنائية التي وقعتها حكومة السودان». وكان شمال السودان وجنوبه وقعا اتفاق سلام العام 2005 في العاصمة الكينية نيروبي أنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وهي الحرب الأطول في القارة الإفريقية. إلا أن الطرفين ما زالا يتفاوضان على قضايا اقتصادية عالقة وبينها اقتسام عائدات النفط الذي يأتي 73% من إنتاجه البالغ 490 ألف برميل يوميا من جنوب السودان، وكذلك اقتسام مياه النيل وكيفية حل سداد الديون الخارجية للسودان والبالغة 40 مليار دولار. ويسعى السودان خصوصا إلى سحب اسمه عن اللائحة السوداء الأميركية «للدول الداعمة للإرهاب». وأوضحت رايس الخميس أن هذا الإجراء لا يمكن أن يطرح إلا بعد حل المشاكل العالقة بين الشمال والجنوب: ترسيم الحدود وتقاسم عائدات النفط ووضع المواطنين الجنوبيين في الشمال بعد الاستقلال. وستساهم الأممالمتحدة في جنوب السودان في «إعداد مهام الحكومة المركزية والخدمات الأساسية وإقامة دولة القانون واحترام حقوق الإنسان وإدارة الموارد الطبيعية وتطوير الأمن وتحسين العمل للشباب وتنشيط الاقتصاد». ووجه الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف برقية تهنئة إلى نظيره السوداني الجنوبي سلفا كير بعد إعلان استقلال جنوب السودان، وفق ما أعلن الكرملين في بيان. واعتبر الرئيس الروسي في برقيته أن إقامة «علاقات حسن جوار» بين جنوب السودان والسودان سيتيح «تعزيز السلام في وسط إفريقيا وشرقها». من جهتها أملت الصين، وهي اكبر شريك تجاري للسودان واكبر مستثمر في صناعته النفطية، بان يحترم الشمال والجنوب «حسن الجوار وان يكونا شريكين وشقيقين إلى الأبد» كما أعلن الموفد الخاص للرئيس هو جينتاو في الاحتفالات بالاستقلال. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي حضر الاحتفالات في العاصمة جوبا عن ارتياحه لفتح «صفحة جديدة لجنوب السودان» وحض البلدين الجارين على إقامة علاقات «ثقافية وسياسية وتجارية ايجابية وسلمية». غير انه استذكر انه لا بد من «الإصغاء لصوت شعب ابيي -الولاية الحدودية المتنازع عليها- وجنوب كردفان» الولاية النفطية الوحيدة في الشمال والتي تشهد معارك بين القوات الحكومية وميليشيات موالية للجنوب. من جانبه، أكد الاتحاد الأوروبي انه «يدرس اتفاق شراكة مع جمهورية جنوب السودان (...) ويشجع قادتها على احترام التعددية والتنوع بهدف إقامة مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة ويقوم على القانون واحترام حقوق الإنسان». كذلك التزمت الدولتان العضوان في الاتحاد والعضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي بريطانيا القوة الاستعمارية سابقا في السودان وفرنسا بتقديم الدعم لجنوب السودان. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في بيان «أننا نرحب بجنوب السودان بين مصاف الأمم كما نتطلع لمد أواصر أوثق بين بريطانيا وجنوب السودان خلال الشهور والأعوام المقبلة». وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه «يرحب باستقلال جنوب السودان» و»يهنئ سلطات الشمال والجنوب وكذلك شعبي هذين البلدين لأنهما عرفا كيف يجتازان سلميا هذه المرحلة التاريخية». وأضاف البيان أن فرنسا «تؤكد دعمها لجنوب السودان حكومة وشعبا بهدف بناء دولة ديمقراطية وإحلال السلام والأمن والتطور في كل إرجاء البلاد». وأعلنت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل «الآن تبدأ مهمة دعم جنوب السودان على طريق الاستقرار ما سيؤمن للناس السلام والأمن والتنمية الاقتصادية. وأكد الرئيس السوداني عمر البشير في حفل إعلان استقلال جنوب السودان في جوبا أن نجاح الدولة الوليدة هو نجاح لبلاده، مجددا مطالبته الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة برفع العقوبات عن الخرطوم. واعترفت مصر البلد الأبرز في المنطقة أيضا بجنوب السودان وأعلنت الخارجية المصرية الجمعة أن نائب رئيس الوزراء المصري يحيى الجمل ترأس الوفد المصري في جوبا لحضور مراسم استقلال جمهورية جنوب السودان. وقررت الحكومة الأردنية السبت الاعتراف باستقلال دولة جنوب السودان وإقامة علاقات دبلوماسية معها. كذلك اعترفت بجنوب السودان كندا وتركيا وسويسرا وجنوب إفريقيا وإثيوبيا وكينيا. كما اعترفت ليبيا التي تشهد حربا أهلية رسميا بجنوب السودان كدولة «مستقلة وذات سيادة». وأشاد الرئيس النيجيري ودلاك جوناثان الموجود في جوبا «ببزوغ فجر جديد» لشعب جنوب السودان، متعهدا بتقديم الدعم والمساعدة للدولة الجديدة، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. من جهته نقل رئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ إلى كير أطيب تمنيات بلاده، وذلك في رسالة إشادة بالتزام جوبا بحل «كل المشاكل العالقة بشكل سلمي» مع الخرطوم. كما هنأ رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في برقية سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان بعد إعلان استقلال بلاده رسميا السبت. وقال بازراني في البرقية إن «تلقينا بكثير من السعادة إعلان استقلال السودان الجنوبي، بعد نضال خاضه شعب الجنوب على مدى خمسة عقود». وأضاف بارزاني الذي ينحدر من أسرة قادت النضال ضد نظام الرئيس السابق صدام حسين وأسهمت في الحصول على منطقة حكم ذاتي في شمال العراق منذ العام 1991 «باسمي وباسم شعب كردستان نهنئ سيادتكم وشعب جنوب السودان، على ثمرة نضالكم الطويل من اجل نيل الحرية». واعتبر بارزاني الإعلان هو «يوم مشرق، ليس في تاريخ شعب جنوب السودان فقط، بل في تاريخ شعوب العالم عامة، وخاصة تلك الشعوب التي ناضلت للحصول على استقلالها». كما أكد بارزاني احترامه لقرار جمهورية السودان الاعتراف بنتائج الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، قائلا «انظر بإعجاب إلى جرأة قيادة جمهورية السودان في احترام قرار شعب الجنوب في الاستفتاء الذي حصل بداية هذا العام». وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتانياهو في بيان أن الحكومة الإسرائيلية اعترفت الأحد بجنوب السودان الذي أعلن السبت استقلاله ووعدت بدعمه. وأعلن نتانياهو في مجلس الوزراء إن «اسرائيل تعترف بجنوب السودان ونتمنى له النجاح».