وسط حضور إعلامي مكثف، ومراقبين قضائيين فرنسيين حضروا لمتابعة الملف في إطار الإنابة القضائية، أرجأت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا المكلفة بقضايا الإرهاب، أمس الخميس، النظر في ملف خلية «عادل العثماني»، المتهم الرئيسي في تفجيرات مقهى أركانة بمركش، إلى غاية يوم 18 غشت المقبل، فيما أرجأت البث في ملتمسات السراح التي تقدم بها دفاع المتهمين ما عدا دفاع المتهم الرئيسي إلى نهاية الجلسة. وقد مثل صباح أمس سبعة متهمين على ذمة هذا الملف أمام هيئة غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف ملحقة سلا، وسط حضور قوي لعائلات المتهمين الذين رفعوا لا فتات أمام مبنى المحكمة مطالبين ببراءة أقاربهم وضمان محاكمتهم محاكمة عادلة. كما حضر جلسة أمس وفد قضائي فرنسي يتكون من عشرة قضاة ومحقيقين تابعوا أطوار الجلسة وحضروا بعض جلسات التحقيق في إطار الإنابة القضائية وفي إطار الاتفاقية القضائية ببن الرباط وباريس، وقد أثار دفاع المتهمين الذي تقدم بملتمسات السراح المؤقت لموكليه، حضور هذا الوفد القضائي واعتبره تدخلا في الشأن السيادي للمغرب، بل ذهب البعض إلى التعبير عن احتجاجه، واصفا حضور الوفد القضائي الفرنسي لإحدى جلسات التحقيق ب «الغريب وغير المفهوم».. وأثار المحامون وضعية المعتقلين داخل السجن المحلي بسلا، وقالوا إن موكليهم يعشون وضعية مزرية داخل زنازن انفرادية وأنهم محرومون من أبسط حقوقهم، كالحق في الزيارة العائلية، والحق في القراءة ومطالعة الجرائد، بالإضافة إلى ضعف التغذية ورداءة الأفرشة والظروف المحيطة باعتقالهم. وطالبت الهيئة بتمتيع موكليها بكافة حقوقهم المنصوص عليها في القانون المنظم للسجون، بل طالبت بتطبيق المقتضيات الجديدة الواردة في مشروع الدستور الجديد المعروض يومه الجمعة على الاستفتاء. كما أوردت الهيئة ذاتها، أن العديد من ساكنة أسفي وقعوا عرائض يؤكدون من خلالها أن المتهمين باستثناء المتهم الأول والثاني، يتمتعون بأخلاق عالية ولا تظهر عليهم علامة التطرف، وأن علاقتهم كانت علاقات طيبة، ويثقون ببراءة هؤلاء المتهمين. واعتبر ممثل النيابة العامة في إطار تعقيبه على ملتمسات الدفاع أن هذا الأخير خرج عن حيثيات طلبات السراح المؤقت، وبدأ يناقش الموضوع، ووصف القول بوجود عرائض من ساكنة أسفي تبرأ المتهمين ب «الخطاء» على اعتبار، يضيف ممثل النيابة العامة، الذي التمس من هيئة المحكمة رفض ملتمسات السراح، أن القضاء هو وحده الذي يقول ببراءة المتهمين من عدمها، مشيرا إلى واقعة التفجير هي واقعة حقيقية موجودة في الواقع وراح ضحيتها أبرياء مغاربة وأجانب، وأن الحديث عن التهويل هو مجانب للصواب. كما أكد ممثل النيابة العامة على أن قرينة البراءة هي الأصل وأن الشك يفسر لفائدة المتهم، وأضاف أن ضرورة توفر مقتضيات المحاكمة العادلة، أمر لا نقاش فيه، نافيا أن يكون المتهمون قد تعرضوا لأي تعذيب كما ذهبت إلى ذلك هيئة الدفاع، وقال في هذا الصدد إن مصالح النيابة العامة لم تتوصل بأي شكاية في الموضوع. وطيلة أطوار جلسة أمس، لم يظهر على المتهم الرئيسي عادل العثماني أي ارتباك أو قلق، بل ظل يلتفت من الحين لآخر حاملا شارة النصر بأصبعيه، ويوزع الابتسامات على القاعة إلى درجة أن أحد رجال الأمن نبهه بالإشارة إلى أن عليه أن ينظر إلى القاضي مادام واقفا في قفص الاتهام. يشار أن خلية «العثماني» تتكون من سبعة متهمين مشتبه في تورطهم في تفجير مقهى أركانة بمراكش، يوم 28 أبريل الماضي، وهم متابعون بتهم «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، والمس الخطير بالنظام العام، والقتل العمد مع سابق الإصرار والترصد، وصناعة متفجرات، وحيازتها، والانتماء إلى جماعة دينية محظورة، وعدم التبليغ»، كل حسب المنسوب إليه. وقد أودى هذا الاعتداء الإرهابي بحياة 17 شخصا مغاربة وأجانب، وجرح 21 آخرين، وبعد مرور أيام على الحادث الذي استنكره العالم بأسره، ألقت مصالح الأمن القبض على المتهم الرئيسي في الملف، وكشفت عن اسمه، ومسقط رأسه، وقام أمام الملأ بتمثيل وقائع الجريمة وكيفية وضع المتفجرات، واستعمال تقنية التفجير عن بعد بواسطة هاتف نقال.