الملكية بصلاحيات محددة في الحقل الديني والعسكري وصلاحيات مشتركة مع رئيس الحكومة أرسى مشروع الدستور الجديد المطروح للاستفتاء الشعبي يوم الجمعة المقبل دعائم ملكية مواطنة، وتضطلع بمهام سيادية وتحكيمية. من خلال جعل صلاحيات الملك ترتبط أولا بالاختصاصات التي ترمز للدولة، وثانيا بإرساء الآليات الدستورية الكفيلة بالقيام بوظائف التحكيم بين الفاعلين السياسيين والمراقبة العامة لشؤون الدولة والتدخل لحماية التوازن وضمان استمرار الدولة. واختفت من مشروع الدستور أي إشارة إلى القداسة، واكتفى بالتنصيص على أن شخص الملك لا تنتهك حرمته، وله واجب التوقير والاحترام. وقلص المشروع من صلاحيات المؤسسة الملكية في تعيين الوزراء، وإصدار القوانين. ويمارس الملك، حصريا، السلطات الدينية، بوصفه أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، بواسطة ظهائر. إلى جانب سلطات سياسية، بوصفه رئيسا للدولة وممثلها الأسمى، وله مهام محددة في الدستور. فهو بهذه الصفة الملك الممثل الأسمى للدولة، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. واعتبر حسن طارق أستاذ القانون، وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الوثيقة الدستورية التي يجري الاستفتاء الشعبي حولها مطلع الشهر المقبل، متقدمة جدا، بحيث مكنت من الانتقال إلى المبدأ الأساس المؤسس للملكيات البرلمانية، وتؤسس لملكية مواطنة، من خلال إعادة تعريف للمؤسسة الملكية، وتقسيم الفصل 19، وحصر صلاحيات الملك في فصول خاصة ومحددة في الدستور. ويتولى الملك، بمقتضى المشروع، منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. ويعود له حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما يمكن له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق. وفوض المشروع للملك صلاحية رئاسة المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى إصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، والمجلس الأعلى للأمن، المحدث بموجب المشروع الجديد، كهيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة، ويرأس أيضا المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويوافق على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وأكد حسن طارق أن السلطات المخولة للملك بمقتضى مشروع الدستور تبقى متمركزة في مجال محدد، هو الشأن الديني، والمجال العسكري. مشيرا إلى أن لا أحد من الشعب المغربي يعارض في تولي الملك هذه الصلاحيات. وأناط المشروع بالملك صلاحية تعيين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها، ويعين كذلك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. كما أن له حق إعفاء عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيسها. ويرأس الملك بموجب الدستور المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء، وينعقد المجلس الوزاري بمبادرة من الملك، أو بطلب من رئيس الحكومة، غير أن المشروع ينص على أن للملك حق تفويض رئاسة مجلس الوزراء، بناء على جدول أعمال محدد، لرئيس الحكومة. ويرى حسن طارق أن الجديد في الوثيقة الدستورية الحالية أننا انتقلنا من منطق الحكومة المسؤولة أمام الملك، إلى منطق الحكومة المسؤولة كليا أمام مجلس النواب. وهو ما يعني بحسبه «ربط تعيين رئيس الحكومة بالمنهجية الديمقراطية، وبالتالي فإن الانتخابات المقبلة بالمغرب سيكون لها رهان قوي جدا يتمثل في اختيار الناخبين ليس فقط من يمثلهم في المؤسسة التشريعية، بل أيضا باختيار رئاسة الحكومة أيضا. وأضاف حسن طارق في تصريح لبيان اليوم إن الوثيقة الدستورية استجابت لكثير من مطالب القوى التقدمية والديمقراطية، بخصوص صلاحيات المؤسسة الملكية، لتجاوز ما أسماه «التداخل في السلطات» كما هو معروف في الدساتير السابقة، الذي يفتح الباب أمام إمكانية تأويل الدستور. مبرزا أنه من الطبيعي أن يعين الملك رئيسا للحكومة، كما هو معمول به في أنظمة مشابهة، في بريطانيا وفي إسبانيا مثلا. ويختص المجلس الوزاري في التداول في التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشاريع القوانين الإطار، ومشروع قانون العفو العام، ومشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، وإعلان حالة الحصار، إشهار الحرب، و التعيين، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية لوالي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية. وخول المشروع للملك صلاحية حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، كما يعود له اختصاص ممارسة حق العفو، وإعلان حالة الاستثناء في حالة إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة. ويُختص الملك، حصريا، بصلاحية اتخاذ كل الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية. غير أن المشروع ينص على أن مؤسسات الدولة تمارس مهامها بشكل اعتيادي أثناء الإعلان عن حالة الاستثناء، وبالتالي لا يمكن حل البرلمان، وتبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور مضمونة. وخول المشروع للملك اعتماد السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يُعتمد السفراء، وممثلو المنظمات الدولية، كما يعود له اختصاص التوقيع على المعاهدات والمصادقة عليها. وحد المشروع، في هذا الصدد، من صلاحيات التصديق إذا تعلق الأمر بمعاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون. ويحدث بمقتضى المشروع مجلس أعلى للأمن، يرأسه الملك، كهيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات. ويخول الدستور للملك صلاحية تفويض رئاسة اجتماع هذا المجلس لرئيس الحكومة، على أساس جدول أعمال محدد. ويضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، بالإضافة إلى رئيس الحكومة، كلا من رئيسي مجلسي البرلمان، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووزراء الداخلية، والخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، والضباط السامين للقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يُعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس.