العودة السياسوية للديمقراطية بدون مضمون اجتماعي يقع إشكال استعادة النموذج الليبرالي "الديمقراطي" المظفر اليوم بالمغرب، في صلب إشكال تمثل مفاهيم التنوير/ الحداثة المُفتعلة وغيرها، كمراحل أُريد لها أن تكون "مترادفة"، وهذا كله في إطار الموجة "الديمقراطية الثالثة" المُفتعلة؟ غير أنه وفي هذه الاستعادة المكثفة للنموذج إياه، فهي تتقاطع بدون مبالغة، مع أهداف السلطة الاستبدادية القائمة اليوم وبجميع ملحقاتها (أليس التجمع في هذا الإطار نموذجا). ثم أليست معارضة "الراديكاليات" في هذا الصدد، وعلى قاعدة شعارات التنوير والحداثة وغيرها (المرفوضة سابقا)، هو تعبير واضح وجلي عن تغييب مُفتعل، في حسابات خاصة وتنظيرات بئيسة، لحركية المجتمع المغربي وإوالياتها الأساسية المتلخصة في تراجيديا ما تشهده حركة التفارق الطبقي من وثيرة متصارعة حادة، أتت كمحصلة لاستتباعات المشروع البورجوازي التبعية الهجين بالوضع الاجتماعي المغربي (أخنوش رمزه بدون منازع؟) خصوصا بعدما تم إجهاض المشروع البورجوازي الوطني بُعيد الاستقلال صاحب الأولوية في انتهاج وتبني المشروع الليبرالي؟. مرادنا مما سبق تسجيل ملاحظتين هما: أ/ شكل شعارا التنوير والحداثة، على أهميتهما بالنسبة للراديكاليات، عنوانا رئيسيا لتراجعها وخيبتها في النفاذ إلى الواقع قبل العمل على المساهمة في تغييره، فيما شكل أيضا عنوانا لتواريها عن المشهد السياسي المغربي (=نموذج ما يسمى باليسار الواهن) بعد أن حلت مكانها "الراديكاليات الإسلاموية"… وليس التواري هذا ذا صبغة سياسية فقط، بل هو تعبير عن أزمة فكرية – ثقافية تمر منها هذه "الراديكاليات"، تعبر عن ذاتها مرة أخرى، في كيفية تأصيل ذاتها بالواقع، وكيفية التعايش معه في غير غربة، والبحث عن مرجعية / هوية ثابتة تمكنها من مواكبة الواقع مع صيرورة تطوره الحثيث. ب/ وبناء عليه، تبدو مهمة البحث عن هوية من لدن "الراديكاليات المسماة يسارية؟؟)، في أشد الارتباط مع تفعيل شعاري التنوير والنهضة إيجابيا على أرض الواقع، والبحث في سبل اجتراح إمكانات المجتمع المدني المغربي، عبر محاولة نقض أسس "المجتمع الشعبوي" الفكرية، السياسية والثقافية وغيرها.. فيما تبدو أيضا وفي نفس السياق صعوبة نفي الشروط والظروف الخاصة والعامة المؤطرة لاستمرار تواجد هذا المجتمع (الشعبوي). والحال فإن ما جرى ويجري الآن، بعد نتائج 8 شتنبر الانتخابية يؤكد هذا دون محالة.