«على إثر قراراكم الممنوح إليكم في إطار سلطة الملائمة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية اتخذتم قرارا شجاعا ونادرا يقضي بإخضاع ابنيكم لقواعد الحراسة النظرية وتفعيل مسطرة المتابعة في حقهما وإيداعهما بالسجن في انتظار عرضهما على المحاكمة». هذا ما نسبته وسائل إعلام مغربية لمحمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في رسالة تنويه بعث بها إلى وكيل الملك بابتدائية مراكش مهنئا إياه بقرار اعتقال ابنيه.. وكان الأستاذ أحمد بودالية، وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، قد أصر على توقيع أمر باعتقال نجليه (عمرهما على التوالي 28 سنة و22 سنة) إثر ملابسات وتطور نزاع طرقي بين سائق سيارة من نوع «بارتنير» قطعت على نجل الوكيل خط سير سيارته من نوع «أودي». تقول الوقائع، أنه بعد تبادل الشتم، قام الابن الأكبر للقاضي بالاعتداء على سائق «البارتنير» وهو في حالة هيجان، مما استدعى نقله إلى المستشفى. ولما تدخل رجل أمن طالبا نجل الوكيل تسليمه أوراق السيارة، واصل هذا الأخير هيجانه وتلفظ بعبارات شتم وسب في حق موظف عمومي، ولم يسلم من لسانه رجال أمن كانوا على متن سيارة للشرطة توقفت بمكان النزاع. أمام ما حدث،لم يتردد الأب، وكيل الملك، في توقيع أمر بتوقيف نجليه وتقديمها للنيابة العامة في حالة اعتقال، ولم تنفع عن ثنيه تدخلات بعض المحامين ولا وثيقة التنازل التي وقعها سائق سيارة «البارتنير» المعتدى عليه. وأفادت التقارير الصحفية، أنه وكيل الملك أصر على تنفيذ القانون، بيد أنه في تطور مفاجئ توصل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش بتنازل كتابي من الإدارة العامة للأمن الوطني، وحينها ارتأت النيابة العامة أن يتم تقديم نجلي الوكيل في حالة سراح. في تعاليق حول ما حدث، هناك من اعتبر أن ما أقدم عليه وكيل الملك أحمد بودالية يسجل سابقة في تاريخ القضاء، وهناك من اعتبر أن قرار وكيل الملك بمراكش هو جزء من قرارات شجاعة ومن سلوكات تعكس النزاهة اتخذها، تحلى بها في صمت، نساء ورجال ينتمون للقضاء الواقف والقضاء الجالس. ولقد أكدت رسالة الصبار هذا الطرح لما خاطبت وكيل الملك بمراكش قائلة: «...إن ترجيحكم لقيم النزاهة والاستقلال الذاتي وخضوعكم للقواعد وأحكام القانون في هذه النازلة الفريدة، الشاذة والمحرجة، يدل أن بيننا وحولنا قضاة من الطراز الرفيع يستحقون التقدير والتنويه والولوج المظفر لباب التاريخ».