«صدقية» بشار الأسد للبقاء تظل رهناً بالإصلاحات الموعودة بعد فراغ الرئيس السوري بشار الأسد من إلقاء خطابه أول أمس الاثنين سارعت كل من الولاياتالمتحدة وتركيا بانتقاده، وطالبتا دمشق بوقف العنف وتطبيق فوري للإصلاحات، بينما اعتبره الاتحاد الأوروبي مخيبا للآمال، ورفضته دوائر شعبية سورية. ففي واشنطن، ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى محادثات هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، واتفقا خلالها على ضرورة أن توقف الحكومة السورية استخدام العنف ضد المتظاهرين، وأن تقوم بإصلاحات ديمقراطية تلبي طموحات شعبها. وأضاف البيت الأبيض قائلا في بيان إن الزعيمين اتفقا «على أنه يجب على الحكومة السورية أن تنهي استخدام العنف الآن، وأن تشرع على الفور في إحداث إصلاحات ذات مغزى تحترم التطلعات الديمقراطية للشعب السوري». وفي السياق ذاته، قال الرئيس التركي عبد الله غل إنه كان يجب على بشار الأسد أن يكون أكثر وضوحاً بخصوص الوعود بالإصلاحات التي قطعها في خطابه الأخير، وإن عليه أن يحول سوريا إلى نظام تعددي حزبي. وعلى الصعيد الشعبي، أثار خطاب الأسد -الذي ألقاه بجامعة دمشق- ردود فعل سلبية لدى اللاجئين السوريين في مخيماتهم التي أقامتها تركيا في مدينة أنطاكية الحدودية، والتي تستضيف أكثر من 11 ألف لاجئ سوري، حسب المصادر الرسمية. وأعرب اللاجئون عن رفضهم التام لمضمون الخطاب ولدعوة الرئيس لعودتهم إلى سوريا. كما رفض «ائتلاف شباب الثورة السورية الحرة» وعود الرئيس الأسد. وقال تصريح صحفي باسمه إن «خطاب الأسد الثالث تعبير عن أزمة يعاني منها النظام، وأهمها أزمة فهم الواقع، وإدراك مطلب الشعب في الحرية». وأضاف البيان، «انطلاقاً من ذلك يؤكد ائتلاف شباب الثورة السورية الحرة أن شعبنا مستمر في مظاهراته السلمية للخلاص من النظام الفاسد وكل ما يمت إليه بصلة، وانتزاع حريته وكرامته دون انتظار لوعود خادعة وخطابات واهمة، وسيكون ردنا الفعلي في كل مدينة وبلدة وقرية سورية». من جانبه اعتبر المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني أن خطاب الأسد خيّب آمال الذين عقدوا عليه الآمال، ولم يأت بجديد. غير أن بثينة شعبان المستشارة الإعلامية للرئيس السوري قللت من أهمية الانتقادات الغربية الموجهة إلى سوريا. وشددت -خلال لقاء مع قناة الجزيرة الاثنين- على أنه حري بالولاياتالمتحدة والدول الأوروبية أن توفر الدعم لما وصفته بالمسيرة الديمقراطية التي تشهدها سوريا والإصلاحات السياسية التي يعكف الرئيس الأسد على تطبيقها. وكان الأسد تعهد -في كلمته المطولة، وهي الثالثة له منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس الماضي- بانتهاج طريق الحوار للتوصل إلى دستور سوري جديد. وقال إنه سيبدأ عما قريب حوارا وطنيا يمهد الطريق لتشريعات جديدة، بما في ذلك القوانين المتعلقة بالانتخابات البرلمانية ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية والنظر في تعديلات دستورية محتملة. من جانبه، عبَّر الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله في خطاب الرئيس السوري. وفي بيان صادر عن وزراء خارجية دوله عقب إلقاء الأسد خطابه، وعد الاتحاد الأوروبي باتخاذ «خطوات حثيثة» لتوسيع نطاق القيود التي يفرضها، «مستهدفا تحقيق تغيير جوهري للسياسة التي تتبعها القيادة السورية دون تأخير». وصرح دبلوماسيون من الاتحاد بأن العقوبات الموسعة التي تشمل تجميد أموال مزيد من الأفراد، وفرض قيود على مزيد من الشركات المرتبطة بأفراد ذوي صلة بالقمع، من المتوقع أن تقر في وقت لاحق هذا الأسبوع. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إنه «يجب على الأسد أن يطلق حوارا جديرا بالمصداقية وحقيقيا وشاملا»، مشيرة إلى أن الأمر متروك للسوريين للحكم على رغبته في الإصلاح. وأضافت في إفادة صحفية أنه «يجب أن أقول للوهلة الأولى إن خطاب اليوم مخيب للآمال». ووصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الخطاب بأنه «غير مقنع»، قائلا «إذا كان للرئيس الأسد أن يستعيد أي مصداقية فالشعب السوري بحاجة لأن يرى عملا ملموسا وليس وعودا غامضة». كما وصف وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه القمع في سوريا بأنه «غير مقبول»، وقال إن الأسد فقد شرعيته. وقال للصحفيين «نحتاج إلى تشديد العقوبات وتلقينا التأييد من زملائنا الأوروبيين».