جرى، مساء الثلاثاء الماضي بالدار البيضاء، تقديم الإصدار العلمي الجماعي "تقليص المخاطر: البيان"، الذي يعرض لموضوع مستقبل السياسة الصحية، والذي أدارت فريق تأليفه الدكتورة إيمان القنديلي إلى جانب البروفيسور جلال توفيق والبروفيسور عبد الحق نجيب. والمؤلف، الذي يقع في 350 صفحة، والصادر عن منشوراتOrion ، جمع ثلة من الكفاءات المنتقاة المشهود لها بالخبرة والمعرفة، من خلال سلسلة من الدراسات والنصوص المتعمقة والتفسيرية والتعليمية أحيانا، بلغة بسيطة، توخت الوصول إلى أكبر عدد من القراء في المغرب وخارجه. وعبر مجموع صفحاته، يقدم هذا الكتاب الجماعي نظرة عامة وشاملة بخصوص مفهوم الحد من المخاطر في المجال الصحي، مستهدفا في الآن ذاته العاملين بمهنة الطب وعموم المواطنين، الحريصين على الحصول على كتب مرجعية قادرة على مساعدتهم على حماية أنفسهم بشكل أفضل، وعلى مواجهة الأزمات الصحية والإنسانية التي تهدد كوكب الأرض. ويهدف هذا الإصدار إلى تقديم إجابات علمية على العديد من الأسئلة ليس فقط التي يطرحها المرضى، ولكن أيضا المتخصصون، كل في مجال خبرته. وينضاف إلى كل هذا، طرحه لوجهات نظر فلسفية، وتحليلات سوسيولوجية، إلى جانب قضايا أخرى ذات طابع ثقافي وإنساني، وكذا موضوعات للتفكير الاقتصادي والمالي، في ظل عالم يشهد تغيرات عميقة، وفقا للمؤلفين المشاركين في الكتاب. وأبرز الناشر والصحفي وأحد مؤلفي الكتاب عبد الحق نجيب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الإصدار الجماعي يعطي الكلمة ل 25 حساسية من مختلف الاتجاهات، ليس فقط من الميدان الطبي، وإنما أيضا من علم الاجتماع والفلسفة والثقافة والأنطولوجيا، قصد تقديم إضاءات في هذه الفترة العصيبة من الأزمة الصحية التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد. وأشار إلى أنه "لهذا، قررنا بمعية مجموعة من الأصدقاء والصحفيين والأطباء الباحثين من داخل وخارج المغرب، تجميع كل هذه الكفاءات حول مشروع مشترك، وهو التفكير في اتجاه تقليص المخاطر في العالم الذي نعيش فيه". ويتعلق الأمر، بالنسبة إليه، بتوضيح مفهوم التقليص من المخاطر، وتحديد وسائل الحماية والآليات المطلوب وضعها لمقاومة فعالة لمختلف الإشكاليات المتعلقة بالصحة العمومية، مثل كوفيد الذي كانت له تداعيات كبيرة على المجتمع وعلى العلاقات الإنسانية والصحة العقلية. فيما قالت الأخصائية النفسية والمتخصصة في طب الإدمان والكاتبة إيمان القنديلي، التي كانت من المساهمين في هذا الكتاب، إن هذا الإصدار خرج في نسخة فرنسية هذا الشهر، ويرتقب صدور نسخته الإنجليزية في شهر شتنبر المقبل، موضحة أنه يجمع ثلاثين شخصية من تخصصات متنوعة وخبرات مهمة، التأمت عبر صفحات هذا المؤلف للحديث عن مفهوم تقليص المخاطر الذي ظهر منذ 30 سنة. وتابعت، في تصريح مماثل، أن الحد من المخاطر ما بعد كوفيد مطلوب، لأن التدابير الاحترازية هي التي مكنت من تدبير الأزمة الصحية، معتبرة أن تقليص المخاطر اليوم له كلفة اجتماعية واقتصادية، إلا أنه من الممكن اعتماده كسياسة للصحة العمومية، ومؤكدة أن هذا الكتاب هو مبادرة مغربية، بمشاركة العديد من الكفاءات الأجنبية. وفي تقديمه للكتاب، كتب الدكتور جون ماري هيدت أن "عالمنا لم يسبق له أن تعرض لهزات كما تعرض لها خلال الأشهر الأخيرة. ثقافة المخاطر التي شكلناها جميعا عقدا بعد عقد، لتتحول إلى علم جديد للمعرفة المتقنة، تجد نفسها مرة أخرى تحت مرمى التشكيك". وأضاف أنه "في الوقت الحالي، إذا لم تتم محاصرة المخاطر بالشكل المطلوب، سنجد أنفسنا أمام حالة من عدم اليقين وفقدان الثقة. فالخطر يبقى تحديا يتعين علينا ألا نخاف منه، (...) ولابد أن نتعلم كيف نبني يومياتنا بوجود جزء من المخاطر، بالتأكيد أقل المخاطر، لكن شرط تكييفها مع العيش المشترك، الخطر غالبا ما يكون مبعث تخوف، سوى أنه بالوسع أن يصبح في الوقت نفسه قوة لمن يحسن التعاطي معه". وخلص إلى أن هذا الكتاب "يقدم إضاءة جديدة ومعقلنة بشأن المكانة التي تحتلها المخاطر في عالم يبحث عن العلامات المرجعية التي يحتاجها لكي يعيد بناء نفسه".