أول ائتلاف شبابي للثورة بسوريا ونشطاء يدعون إلى «جمعة العشائر» يسود الغموض الوضع في بلدة جسر الشغور بشمالي غربي سوريا، حيث ذكرت معلومات شبه رسمية بدمشق أن مسلحين مجهولين سيطروا أول أمس الأربعاء على البلدة وبعض أحياء محافظة إدلب، في حين تتأهب البلدة لعملية عسكرية متوقعة، يشنها الجيش بعد وصول الآلاف من القوات الخاصة وأرتال الدبابات إليها، بينما فر المئات إلى تركيا هربا من الأحداث. ودعا نشطاء سوريون إلى التظاهر يومه الجمعة تحت اسم «جمعة العشائر». وقالت صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية إن القوات الحكومية فقدت السيطرة على أجزاء كبيرة من محافظة إدلب غربي البلاد، وأضافت الصحيفة أن الجيش يشن ما سمته عملية حساسة لتجنب سقوط ضحايا مدنيين في بلدة جسر الشغور، مؤكدة اعتقال المجموعات المسلحة -التي تسيطر على أحياء في البلدة وأجزاء واسعة من محافظة إدلب- لعدد من المدنيين. وكانت دمشق أعلنت رسميا الثلاثاء أن 120 من قواتها الأمنية والمدنيين قتلوا في البلدة على يد من وصفتهم بعصابات مسلحة. بدوره أفاد ناشط سوري بأن مسلحين يسيطرون على بلدة جسر الشغور والقرى المحيطة بها، مانعين السكان من مغادرتها. وأبلغ الناشط المقيم في بريطانيا والذي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة يونايتد برس إنترناشونال، تلقيه أنباء «مؤكدة» من مصادر «موثوقة» بأن مئات المسلحين يُعتقد أنهم تابعون لجماعة إسلامية محظورة نصبوا كمائن وانتشروا في مناطق عديدة من البلدة بانتظار دخول الجيش. وقال الناشط إن المسلحين قاموا بتصفية ثمانين عنصراً من الأمن العسكري، ونقلوا بعض الجثث لعرضها في شوارع جسر الشغور قبل أن يرموها في نهر العاصي وعلى ضفافه ويتركوا جثثا أخرى في الشوارع. وأضاف أن المسلحين قتلوا أربعين عنصراً من قوى الأمن السورية في كمائن في حقل سنابل وأصابوا مروحية تابعة للجيش حاولت إخلاء هؤلاء من المنطقة قبل تصفيتهم، لكنها لم تتحطم. وفي تطور هام أعلن عن انطلاق «ائتلاف شباب الثورة السورية الحرة» وهو أبرز تحرك منظم من الداخل للعمل على إسقاط النظام. وتعهد الائتلاف في أول بيان له من دمشق بالعمل على إحداث التغيير المنشود وإسقاط ما سماه نظام العائلة الأمنية الفاسدة مهما كانت التضحيات. وعرض ناشطون سياسيون سوريون على الإنترنت صورا لنساء من منطقة دير الزور وهن يحيين «الشهداء الذين سقطوا في سبيل الحرية وصنع سوريا جديدة» وأعربن عن تضامنهن مع أهالي منطقة جسر الشغور. وفي تركيا التي تبعد بلدة جسر الشغور 20 كيلومترا عن حدودها، قالت وكالة أنباء الأناضول الأربعاء إن عدد اللاجئين السوريين منذ يومين بلغ نحو 1050 لاجئا. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تعهد الثلاثاء بألا تغلق بلاده حدودها في وجه اللاجئين السوريين. هذا وكانت بريطانيا أعدت مشروع قرار معدل حول سوريا تبنته فرنسا وألمانيا والبرتغال. وأشار السفير البريطاني مارك لايل غرانت عقب الاجتماع إلى خطورة الوضع وتدهوره في سوريا مشيراً إلى أن الأخيرة شهدت الأسبوع الماضي أسوأ أعمال العنف مع مقتل أكثر من مئتي شخص بمن فيهم متظاهرون وعناصر من قوات الأمن. وعن أهم بنود مشروع القرار الجديد، قال غرانت» يطالب مشروع القرار بالوقف الفوري للعنف ويدين الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان ويدعو السلطات السورية إلى رفع الحصار عن المناطق المتضررة فورا، ويدعو إلى اتخاذ خطوات لمعالجة الطموحات المشروعة للشعب السوري بما في ذلك الإصلاحات التي تسمح بالمشاركة السياسية والحوار الشامل وممارسة الحريات الأساسية. كما يدعو جميع الدول إلى توخي اليقظة ومنع توريد الأسلحة إلى سوريا». وأعرب السفير البريطاني عن أمله في التصويت على مشروع القرار في الأيام القليلة المقبلة. أما السفير الفرنسي جيرار أرو، فقال ان العنف تصاعد في الأيام الماضية. وأعرب عن خوفه من أن تنزلق البلاد إلى حرب أهلية، قائلاً «نعتقد أنه يجب على المجلس أن يتحرك في هذا الشأن. ومشروع القرار الذي قدمناه هو بمثابة رسالة إلى الحكومة السورية ندعوها فيها إلى اختيار الحوار السياسي كوسيلة لإنهاء الأزمة وإلى وقف القمع لأن ما حصل في الأسبوع الماضي أظهر أن القمع لم يستطع ردع الشعب السوري عن التظاهر». وعن احتمال عدم حصول القرار على الأصوات الكافية خاصة مع معارضة البرازيل وجنوب أفريقيا ومطالبة بعض أعضاء المجلس بتوافق الآراء قبل التصويت، أجاب السفير البريطاني «سنبدأ مشاورات موسعة حول هذا النص ونتمنى أن يكون جميع أعضاء المجلس قادرين على دعم القرار، فقد قمنا ببعض التعديلات على المشروع السابق للاستجابة للأحداث على أرض الواقع ولبعض المخاوف التي أثيرت من قبل بعض أعضاء المجلس. ونأمل ونتوقع من جميع أعضاء المجلس أن يدعموا القرار». وتشهد سوريا منذ مارس الماضي تظاهرات تطالب بالإصلاح تقول جمعيات حقوق الإنسان انه سقط خلالها أكثر من ألف قتيل ومئات الجرحى بينهم عناصر من الجيش والقوى الأمنية. وتتهم السلطات مجموعات مسلحة مدعومة من الخارج بإطلاق النار على المتظاهرين وقوات الآمن. واتهمت السلطة «عصابات مسلحة» بقتل 123 فردا من القوات الحكومية في مدينة جسر الشغور بعد سيطرتهم على البلدة، حيث تجري حاليا عملية أمنية لاستعادتها.