حتى الآن مازلنا غير قادرين على إيجاد تفسير مقبول ومقنع لما فعله أفضل لاعب بدوري الدرجة الأولى الإنجليزي... عادل تاعرابت قرر مغادرة معسكر المنتخب الوطني بطريقة مفاجئة ومن دون أن يقدم مبررات قوية عن سبب هذا القرار الأرعن، والحمد لله أن لقاء القمة انتهى بطريقة أروع وأفضل ملايين المرات عما كنا نأمل ونتوقع، حتى لا يتم إلصاق في حالة انهزام المنتخب الوطني في حادثة مغادرة تاعرابت وأن إيريك غيريتس ترك نجمه (الأول) يرحل، ولعل أبرز خلاصة للقاء المغرب والجزائر تتجلى في أن غيريتس أكد للجميع أنه يملك الكثير من الحلول لنماذج العصيان المدني أو الإصابات المفاجئة، ولن يؤثر فيه رحيل فتى أهوج يخال نفسه ميسي أو مارادونا، أو ربما صدق بالفعل أنه «زيدان المغربي». لا ننكر أن تاعرابت كان الأفضل بالمنتخب من الناحية الفنية والمهارية قبل أن يظهر السعيدي وفي الطريق كارسيلا وآخرون، إلا أن ذلك لا يسمح له بالاستهتار والتصرف كأنه النجم الأول للفريق. كان عليه أن يعلم أنه ليس كريستيانو رونالدو أو ليونيل ميسي حيث ينفخ ريشه كالنعامة الحمقاء ويتعجرف على قرار غيريتس بوضعه في دكة البدلاء أمام الجزائر، فالخيار الأول والأخير للناخب الوطني وعلى اللاعب المحترف أن يلتزم به، أما تاعرابت فعلى ما يبدو أنه مازال بعيدا جدا عن تعلم أصول الاحتراف، وأن المغاربة أفرطوا في إصباغ عبارات المدح والثناء على لاعب لم يشتد عوده بعد، وللصحف المغربية والأوروبية دور في جعل تاعرابت يصل إلى هذا المستوى من الأنانية والعجرفة حينما سمحت لنفسها بمقارنته مع نجوم أسطوريين كرونالدو وميسي بل وصل بهم إلى الأمر إلى حد وصفه ب «زيدان المغربي»، إنها قمة الحماقة والجنون!!؟ أو أن تقول إنه أفضل لاعب من الناحية المهارية بعد رحيل رونالدو إلى إسبانيا، حيث لم تستطع أن تكبح جماح التعصب للاعب كونه مغربيا، وها هي الآن ستخلع هذه العباءة لكي تتهجم عليه واصفة إياه بأبشع الصفات، ولا يوجد أكثر بشاعة من أن توصف ب»الخائن» وأنك لا تملك روحا وطنية، لكن تاعرابت هو من أثار الزوابع على نفسه بتصرف الصبيان. وكثيرون هم النجوم الكبار والذي لن يصل تاعرابت إلى مستواهم أو عقليتهم تقبلوا قرار جلوسهم على كرسي الاحتياط بروح رياضية عالية وعقلية احترافية متطور تؤمن بأن السبيل إلى إثبات الذات هو بذل المزيد من الجهد لإقناع المدرب، فان دير فارت الهولندي أحد أكثر اللاعبين معاناة من الجلوس الدائم رفقة منتخب بلاده بمقاعد البدلاء، رغم أنه يقدم مستوى طيبا رفقة توتنهام وقبل ذلك في ريال مدريد حيث طاله شبح الجلوس بديلا رغم أن اللاعب أثبت في كثير من المناسبات أنه يستحق رسميته في النادي الملكي، وبعد أن انتقل إلى توتنهام بات الجناح الهولندي الأنيق أحد أفضل صفقات الموسم الماضي إن لم نقل أنه كان الأفضل... وتاعرابت الذي لم يصل بعد إلى مستوى فارت كلاعب محترف ومتكامل، شق عصا الطاعة ورفض أن يجلس على دكة البدلاء أمام المنتخب الجزائري، لأنه يرى أن وجوده في التشكيلة الأساسية سيمنح منتخبنا الفوز على «الخضر»، لا أظن أنه نسي أنه كان حاضرا في لقاء الذهاب ومع ذلك كانت النتيجة عند نهاية المقابلة تشير إلى واحد صفر لصالح الجزائريين، الحقيقة التي تناساها تاعرابت أنه حضوره في ذلك اللقاء كعدمه وهو ما حصل ليلة السبت، فنحن لسنا بحاجة لأمثاله ممن تغلب عليهم الأنانية في حين تظل مصلحة المنتخب في سلة المهملات ومن دون اعتبار يذكر. شيء آخر يجب أن نذكره، أن صدور هذا التصرف من طرف لاعب بات محط أنظار الكثير من الأندية الأوروبية - وإن كنت أشكك في أن عملاق الكرة الإسبانية ريال مدريد مهتم بخدماته لأنه وبكل بساطة لا يحتاج له، ولن ننكر أن مثل هذه السلوكات قد تقع من طرف اللاعبين الأوروبيين لكنها لا تتجاوز حدود علاقة اللاعب بناديه، أما عندما يتعلق الأمر بحمل القميص الوطني فإن الكثيرين يعلنون الطاعة العمياء لأن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه لاعب محترف أن يتم استدعاؤه لتمثيل منتخب بلاده من بين مئات اللاعبين الذين لم تتح لهم هاته الفرصة. أتذكر أن أسطورة الكرة الإسبانية راوول غونزاليس الذي يعرف الكل أنه لاعب مثالي وخلوق ومحب لناديه ومنتخب بلاده، تمنى السفر إلى جنوب إفريقيا رفقة منتخب الفلامنغو، لكن ليس من أجل المشاركة مع رفاق الأمس بل فقط ليساند زملاءه في الفريق، وقال بتواضع إنه مستعد لمرافقتهم وتوزيع قارورات الماء، هذا قمة الاحتراف التي لن يصل إليها تاعرابت، فليحاول أن يتعلم من راوول وفارت وغيرهم معنى الاحتراف وحب الوطن وتقديم مصلحة المنتخب الوطني على أي شيء آخر.