هذَيانْ عندَ الرابعةِ قبيلَ الفجر أتيتِ مشاكِسةً تقتحمينَ وأعني تختلسينَ مجيئاً تَنْسَلّينَ بثنايا حلمٍ موجوعٍ، لا يمكنني -وإن أوْجَعهُ- قبولَ الهَتْكِ فأحلامي مُتهتّكتي وأيضاً مملكتي.. فحذارِ من التجوالِ هناكَ فلا تجوالَ، ولا أقوالَ، ولا أفعالَ، ولا أملَ بأنْ تقترفي النظرَ الساهمَ -والنابلَ!- أو حتى تقليبَ رموشٍ ولماذا أكْترثُ، الليلةَ أستأجرُ حَرَساً ليليّاً فظّاً سأحشّدُهم في أطرافِ الأجفانِ وعند الأذُنينِ كسدّاداتِ القُطنِ، وقلتُ الليلةَ أنْعُمُ في أحلامٍ لا يقربُها ذَنْبٌ أو آثامٌ ذنبُكِ: خيطٌ يترنّحُ يهبطُ من سقفِ قِبابِ التّابو - تابوهاتُكِ أنتِ- فيُبْقيكِ مُعلّقةً تسقيني العشقَ الناضِحَ والنّاضبَ ومواعيدَ رحيلٍ تبتكرينَ صياغتَها آثامي: تتقافزُ عابثةً إذ أُبْقيكِ وأُبْقيني في أُرْجوحةِ دورانٍ بينَ نكونُ، وقدْ، ولعلّ، ولا، ثمّ نكونُ، فقلتُ الليلةَ أهنأُ بالوحدةِ والصمتِ المتخللِ بين النوتاتِ لموسيقى شوبانَ ولكنّ حراكَ ظلالِ الحرسِ وهم يَمْضونَ سِراعاً ويجيئونَ وزعيقاً مكتوماً يُطلَقُ في همسٍ بين ذَهابٍ ومَجيءٍ أرّقَ أحلامي، ثم لمحتُكِ عن مَبْعدةٍ تبتسمينَ! أ تبتسمينَ على حلمٍ موجوعٍ ضاعَ أم من شوبانَ الحانقِ والغارقِ في ألحانٍ مُهمَلةٍ يمنعُها الحرسُ القُطْنِيُّ عن الأسماع؟ الآن سأصْرفُ كلَّ الحرسِ وكلَّ الصمتِ المتخلِّلِ بين النوتاتِ وكلَّ حسيسِ الوحدةِ، وأبقى منتظراً لو تأتينَ -وأعني طبعاً: تختلسينَ مجيئا!- +*+**+*+ «كابوس» يزورني في أناة الليل، يقف على قلبي ويرفع من إيقاع دقاته... باب جهنم يفتح بين شقتي صدري، تخرج الشياطين عطشى متسابقة للفوز بأكبر حصة من دمي.. كلما مر الوقت إلا وأحسست بثقل وزنه على أرض قلبي..في كل زيارة، أرى اصفرارا يلف عروقي.. صمت ثقيل رغم الفوضى العارمة والغبار المتناثر بين الشرايين. +*+**+*+ «اكتشاف» أحب أن يخوض في عالم النساء، من بعيد، تراءى له ظل فتاة.. حسبها في منتصف العمر... اقترب.. رمقها بعينين جاحظتين..اكتشف أنها لازالت طفلة.. وجه نظره حواليها.. لمح قطة صغيرة تداعب أطراف الطفلة.. تقرب منهما معا... تأمل فيهما معا... داعبهما معا... لما اشتد به عياء الغوص في التفكير.. عاد إلى مكتبه، وسجل في مذكرته: «لازلت صغيرا على عالم النساء».