الفوز الكبير الذي حققه المنتخب الوطني لكرة القدم مساء أول أمس على نظيره الجزائري في مراكش، وبغض النظر عن طبيعته الرياضية الصرفة، فان الرباعية المسجلة مثلت لحظة فرح لمجموع المغاربة بمختلف مدن ومناطق المملكة. لقد فرح المغاربة للانتصار، وفرحوا لرمزية الفوز ولبقية الدلالات... لم يعد شعار (الشعب يريد...) حكرا على مسيرات الشوارع ومظاهرات الاحتجاج، بل لقد تسيد المدرجات واقترن بالأهداف وبإبداعيات لاعبي الفريق الوطني، وحتى عندما كان اللاعبون (يستجيبون للمطلب) ويسجلون الهدف، كان الجمهور يصيح يريد المزيد، ونجح في تحويل المدرجات إلى ساحة ثانية لإبداع الفرجة، من خلال الشعارات وأشكال وملابس الاحتفال...، تماما كما فعل آلاف المواطنين فور نهاية المباراة عندما احتلوا ساحات وشوارع المدن بمختلف جهات البلاد... ساحرة هي الكرة.. ساحرة نشوة الفوز والانتصار... مباراة مراكش تجاوزت الحجم الطبيعي لمثل هذه المنافسة الاقصائية ، وأسست لولادة فريق وطني جديد، ومرحلة جدية لكرة القدم الوطنية على الصعيدين القاري والدولي، ما يحمل مسؤولي كرتنا اليوم مهمة تاريخية تقوم على استثمار هذه اللحظة من أجل (إسقاط الهزيمة) التي عششت في منظومتنا الكروية الوطنية. مباراة مراكش قدمت لنا الأهداف والفرجة ، ولكن أيضا لاعبين جدد لا بد من رعايتهم ، والانطلاق في إعداد منتخب وطني حقيقي قادر على التنافس وعلى ... الفوز. مباراة مراكش نبهتنا (من خلال مغادرة تاعرابت مثلا ) إلى اختلالات يعاني منها بيت المنتخب ولا بد من الانكباب على معالجتها بحزم وجدية واحترافية . مباراة مراكش تفرض علينا اليوم تفعيل تغيير حقيقي في منظومة تسيير وإدارة كرة القدم الوطنية ، باعتماد الشفافية والمهنية وبمحاربة الفساد والزبونية وبتطبيق القانون. إن الانتصار الرائع الذي حققه أسود الأطلس في مراكش مكن الفريق الوطني من استعادة التفاف الجمهور حوله، وليس من المصلحة ولا من الذكاء التفريط في حافز مثل هذا، بل من الواجب الحرص على تقويته وعلى تمتين ارتباط المغاربة بمنتخبهم، ولن يتحقق ذلك إلا بامتلاك فريق قوي وتنافسي ومنتج للفرجة وللفرح، وأيضا بتطهير البنية التسييرية العامة للكرة الوطنية وتأهيل البطولة المحلية. الانتصار على الجزائر كان ضروريا ليس فقط لكل الرمزيات المعروفة ، حقيقية كانت أم متخيلة، ولكنه كان ضروريا لجعله بداية مسلسل تغيير حقيقي ينهض بكرتنا الوطنية وبرياضتنا كلها ، وأساسا بصورة المغرب الرياضي عبر العالم، ولهذا لا يجب أن تضيع الفرصة ، لأن (الشعب يريد...). هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته