بعد توصلها إلى اتفاق على آليات إجراء أول انتخابات فلسطينية منذ 15 عاما، تكون الفصائل الفلسطينية قد خطت خطوة هامة نحو إنهاء حالة الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني وصياغة أسس واضحة للمستقبل الفلسطيني.وأكدت الفصائل في ختام جلسات الحوار الوطني، التي عقدت مؤخرا بالقاهرة،على أن الشراكة الوطنية تبدأ بانتخابات المجلس التشريعي، وهي المرحلة الأولى من انتخابات المجلس الوطني، تليها انتخابات الرئاسة ثم تشكيل المجلس الوطني بالتوافق أو الانتخاب حيثما أمكن. وقد شكلت جلسات الحوار الوطني، وبإجماع المكونات الفلسطينية، الأرضية للانطلاق نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية عبر بوابة الانتخابات العامة التي أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ال 15 من يناير الماضي مرسوما بإجرائها والتي سيكون فيها المواطن الفلسطيني هو صاحب القرار. وجسدت نتائج الحوار الفلسطيني تعبيرا حقيقيا عن الإرادة الوطنية الفلسطينية في تأسيس مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية القائمة على أسس الديمقراطية وإنهاء الانقسام عبر صندوق الاقتراع من خلال التمسك بعقد انتخابات حرة ونزيهة في جميع أنحاء فلسطين، بما يشمل الضفة الغربيةوالقدس الشرقية وقطاع غزة. وحظيت تفاهمات الفصائل الفلسطينية بترحيب شعبي واسع عكسه الإقبال المتزايد للفلسطينيين على التسجيل في اللوائح الانتخابية والذي تجاوزت نسبته 93 في المائة، مما يعكس بحسب مسؤولين فلسطينيين، توق الناخبين وتعطشهم، لا سيما فئة الشباب للمشاركة في الحياة السياسية، وممارسة حقهم باختيار ممثليهم ورسم ملامح مستقبلهم عبر المشاركة في العملية الديمقراطية التي تقوم على أسس من الحرية، والتعددية السياسية، والشراكة الوطنية. ويرى متتبعون للشأن الفلسطيني هذه النتيجة السياسية غير المسبوقة هدفها واضح يتمثل في تجديد شرعيات المؤسسات الفلسطينية التي تقودها حركة «فتح» وإدخال ومشاركة حركة «حماس» بهذه المؤسسات كي تكون جزءا من الشرعيات الفلسطينية المتجلية في مؤسسات السلطة وهي المجلس التشريعي والحكومة المقبلة، ومؤسسات منظمة التحرير (المجلس الوطني، المجلس المركزي واللجنة التنفيذية). غير أن موافقة الجانب الإسرائيلي على إجراء الانتخابات في القدسالمحتلة، برأي هؤلاء المحللين، تبقى العقبة الكبيرة في وجه أي تقدم في مباحثات القاهرة، وسط معارضة الفصائل والقوى الوطنية على إجراء العملية الانتخابية بدونها، وفي ظل مطلب فلسطيني من دول الاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل للسماح للمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس بالمشاركة في الانتخابات. ويرى المتتبعون أن التوافق الفلسطيني على إجراء الانتخابات يعد محاولة فلسطينية لتوجيه رسالة إيجابية إلى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بأن الفلسطينيين في طريقهم إلى الوحدة، وأن الغطاء الذي لطالما استخدمته الحكومة الإسرائيلية لعدم الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين حول قيام دولة فلسطينية في طريقه إلى الزوال. وفي هذا الصدد، يعتبر الأستاذ الجامعي الأردني جمال شلبي، أن الانتخابات الفلسطينية القادمة هي رسالة ليس فقط لأمريكا بل أيضا للعرب وللداخل الفلسطيني مفادها أن الفلسطينيين قادرين على أن يتوحدوا في مواجهة كثير من التحديات الحاصلة والتي كان من بينها صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرامية إلى مسح كل المقترحات بإيجاد حل للقضية الفلسطينية. وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن توقيت الإعلان عن الانتخابات لم يكن إلا دليلا على وعي الفلسطينيين بأنهم إن لم يأخذوا بزمام الأمور ويتجاوزوا الذات والمشاكل والقضايا العالقة بينهم فقد يؤدي ذلك إلى سحق القضية الفلسطينية ويخرجون خاوي الوفاض. وبرأي الباحث الأردني فإن المصالحة الفلسطينية تحاول أن تبعث برسائل ايجابية عن الداخل الفلسطيني وعن النخب والقيادات الفلسطينية من ناحية، وبرسالة مباشرة إلى القيادة الأمريكيةالجديدة بأن الفلسطينيين جاهزون ومستعدون لأي اتفاق قد يفضي إلى بناء دولة فلسطينية على أساس القرارات الدولية. ولفت إلى أن إجراء الانتخابات الفلسطينية جاءت بتوافقات ليس فقط فلسطينية ولكن أيضا عربية في سبيل توحيد الصف الفلسطيني واغتنام فرصة التغير الحاصل على مستوى السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض والذي لديه تصور ورؤى وتفكير مختلف بشأن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي عكس الإدارة السابقة حيث عبر عن رغبته في إعادة إحياء مبدأ حل الدولتين تعيشان جنبا الى جنب وبالتالي يحقق من خلالهما الهدف الأمريكي وأيضا الأمن البعيد المدى. وقال إن هذا الأمر يبعث على في الأمل في بدء عملية تفاوض جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعدما فقد الجميع فكرة التفاوض والوصول إلى حل خاصة في آخر ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.