اهتز سكان حي الرحمة بمدينة سلا نهاية الأسبوع الماضي على وقع جريمة قتل وصفت ب"البشعة"، لتطفو تساؤلات واستفهامات كثيرة لدى المواطنين حول الدواعي التي تدفع شخصا إلى ذبح وحرق ستة أشخاص من أسرة واحدة. وكشفت مصادر أمنية أن التحقيقات مستمرة للإحاطة بملابسات القضية، وأن الفرضية الأرجح هي كون الجاني أو الجناة على علاقة وطيدة بالضحايا نظرا لعدة مؤشرات توصل إليها بحث الشرطة القضائية. وما زالت دوافع الجريمة عصية عن التفكيك خاصة تلك المتعلقة بما هو نفسي واجتماعي. وقال أستاذ علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور إن "جريمة من هذا النوع لا يمكن لمنفذها إلا أن يكون مجرما محترفا، ويتضح أنه حاول من قبل أن يقوم بجريمة كيفما كان نوعها، الشيء الذي أكسبه تلك الاحترافية"، موضحا أن "سلوك ذبح عدة أشخاص بما فيهم رضيع، يدل على أن هذا المجرم يجد نوعا من اللذة والنشوة في القتل، ويعتبر حياة الآخر من حقه". وأضاف محسن بنزاكور في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن "الجريمة ليست حاجزا أمام المرور إلى فعل الجريمة بل قد تكون محفزا، والمجرم لا يفرق بين الأسرة والغريب أثناء قيامه بالجريمة" . وأشار بنزاكور إلى أن "أسباب الجريمة تعود للبنية النفسية للمجرم، وليس للعوامل الاجتماعية بالضرورة، أي أن مجرما من هذا النوع هو في طبيعته أصبح مؤمنا بالجريمة"، وذهب الدكتور المتخصص في علم النفس الاجتماعي إلى الإشارة بأن "الجريمة في المجتمع المغربي وعلى غرار جميع المجتمعات تهم العنصر البشري وتستهدفه أولا". وتساءل المتحدث ذاته، حول "كيف يمكن أن نبني إنسانا نستطيع من خلاله تقليص نسبة الجريمة في المجتمع المغربي؟"، وارتباطا بهذا قال إن "ارتفاع الجريمة يشجع المجرم على تبني الجريمة، ويعتبر نفسه بطلا إذا قام بسلوك عنيف أو إجرامي، مما يعني بأن المفاهيم أصبحت مقلوبة". وزاد موضحا بأنه تم "تكريس فكرة بأن من ترعرع بمدينة سلا مثلا يجب أن يشبه الآخر (البطل المجرم)، وهذا يزكيه سهولة الوصول إلى المخدرات مثلا"، محذرا من "تعزيز عقليات وأفكار الفساد والجريمة بهذه المدينة أو غيرها، تفاديا لوجود مشاريع مجرمين في المستقبل". وأرجع محسن بنزاكور تنامي الجريمة إلى وجود الخلل في بناء الأسرة داخل المجتمع، إلى جانب المشاكل التي تعاني منها المنظومة التعليمية، فضلا عن ترويج المخدرات التي يتم الوصول إليها بكل سهولة. وشدد بنزاكور في الأخير، على ضرورة وجود "المصاحبة النفسية وإعادة التأهيل بداخل المؤسسات السجنية بالمغرب، وذلك للتقليل من الجريمة والأخذ بأسبابها الحقيقية".