بات واضحا بجلاء أن قرار إغلاق معبري مدينتي سبتة ومليلية «المحتلتين»، لم يكن قرارا صائبا في ظل غياب إجراءات قبلية، تمكن من توفير بدائل للمتضررين. فقد أضر القرار بالحياة المعيشية لفئة كبيرة من الأسر الشمالية. ولم توفر الحكومة مسبقا مشاريع استثمارية لإنعاش المتضررين. لم تنتبه الحكومة وهي توقف مصدر الموارد المالية الوحيد لمئات الأسر، وآلاف التجار، إلى تقرير مجلس النواب، الذي صدر قبل سنة. وأكد أن المغربيات الممتهنات للتهريب المعيشي بمعبر سبتة، يعشن وضعا مأساويا. و أنهن ينمن ليومين وأكثر في العراء، من أجل الظفر بسلع يحملنها لساعات على أكتافهن وظهورهن من أجل تسويقها والاستفادة من مداخلها المالية الهزيلة. كما أكد التقرير أن هناك حوالي 3500 امرأة و200 طفل قاصر يمتهن تجارة التهريب بمعبر سبتة. طبعا فهناك آلاف المستفيدين من سلع النساء والأطفال المهربين، بطرق مباشرة أو غير مباشرة. وكل هؤلاء تضرروا بعد صدور قرار إغلاق معبري سبة ومليلة في فترة الزمن الكوروني، الذي أضر بعدة قطاعات وموارد رزق آلاف الأسر المغربية. وحتى إن كانت الحكومة، تسعى بقرارها إلى وقف نزيف تجارة التهريب. فإن التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أكد أن القرار لا يعالج أسباب انتشار تجارة «التهريب المعيشي» شمال البلاد. وأوضح التقرير الذي سلم للملك محمد السادس، ونشر بالجريدة الرسمية، أن قرار إغلاق المعبرين شهر مارس الماضي، وقبله قرار منع العمليات التجارية عبر ميناء مليلية شهر يوليوز 2018، هي تدابير من شأنها أن تكون ناجعة على المدى القصير فقط. بل إن المجلس حمل مسؤولية انتشار التهريب المعيشي، للقصور الحاصل على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي راكمته المناطق المحيطة بالمدينتين منذ عقود. و للقضاء على هذا النوع من التجارة، أوصى المجلس بمنح تحفيزات ضريبية وتمويلية، وتبسيط الإجراءات الإدارية أمام الشركات الوطنية، وتشجيعها على التوسع في المناطق المحاذية لسبتة ومليلية. حسنا فعل، نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية. بمراسلته رئيس الحكومة. وتنبيهه إلى ضرورة توفير بدائل العيش، بعد إغلاق معابر التجارة المعيشية على مستوى الثغرين المحتلين سبتة ومليلية، والتوقفٍ شبه التام للحركة التجارية عبرهما. مذكرا إياه بأن تلك المعابر تُشكل النشاط الاقتصادي الأهم بالنسبة لعشرات الآلاف من المواطنات والمواطنين القاطنين بالمدن المجاورة للمدينتين السليبتين. رسالة ذكر فيها بأن حزب التقدم والاشتراكية الذي يؤيد كل الإجراءات الرامية إلى خفض الاستيراد ودعم المنتجات الوطنية وتشجيع المغاربة على استهلاكها. الحزب الذي يقف ضد التهريب وشبكاته، يُعبر عن انشغاله وقلقه بخصوص انقطاع مصدر عيش عشرات الآلاف من الأسر المغربية بهذه المدن المغربية، والتي باتت تشهد أوضاعاً اجتماعية مزرية من جراء الإغلاق المذكور. وطبعا يبقى السؤال الأهم الذي طرحه المسؤول الأول بحزب الكتاب، يدور حول ما وفرت الحكومة من بدائل لرفع الضرر عن المتضررين من إغلاق تلك المعابر التجارية الحدودية. وعن الإجراءات التي أقرتها الحكومة، أو تعتزم إقرارها، في ما يتعلق بالبدائل الاقتصادية والاجتماعية التي تستوجبها الأوضاع الحالية، حمايةً لهؤلاء المواطنات والمواطنين من الفقر والبطالة والركود، وما ينطوي عليه كل ذلك من مخاطر مجتمعية حقيقية ومآسي اجتماعية مؤكدة. ضرر الإغلاق زادت حدته ، وهو ما أخرج المتضررين للشوارع للاحتجاج، دون أدنى احترام للإجراءات الاحترازية المفروضة رسميا من أجل الحماية من الإصابة بفيروس كورونا ومشتقاته. فليس فوق البسيطة فيروس أو وباء أشد فتكا وقساوة فظاعة من الفقر والجوع. قبل البدء في تطبيق إجراءات الحجر الصحي، وحتى قبل تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، بادر الملك محمد السادس إلى إصدار قرار إحداث حساب خصوصي لصندوق خاص بتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا. وطبعا كان لهذا الصندوق الدور الكبير في دعم عدة أسر وقطاعات متضررة. كما عزز أسطول وزارة الصحة. أحدث الصندوق قبل بدء تأثير الجائحة اقتصاديا واجتماعيا. وكان بديلا ماديا خفف من المعاناة والضرر المالي. وعكس المبادرات الملكية. نجد قرارات الحكومة المتسرعة. والتي تضررت بسببها عدة فئات من الشعب، لأن الحكومة التي تقرر التغيير لا توفر مسبقا البديل. بقلم: بوشعيب حمراوي