يظهر مشهد تلفزيوني متهكم لسيدة تقف طويلا أمام المرآة لتعديل زينتها، ثم تقضي وقتا مماثلا في اختيار أفضل ما لديها من ملابس، وبعد كل تلك حفلة الأناقة المتكلفة تظهر السيدة وهي تحمل كيسا صغيرا من النفايات لرميه في سلة مقابل باب منزلها! كانت فرصتها الوحيدة للخروج من الحجر المنزلي التي منحتها حقا طبيعيا كان تقليديا قبل كورونا في التأنق والخروج من المنزل. بينما تحول الخروج إلى توق ورجاء بعد انتشار الوباء، ذلك ما مثله المشهد التلفزيوني الساخر للسيدة وهي ترتدي أفضل ملابسها من أجل الخروج من الدار لرمي كيس النفايات! حسنا، كان لكوفيد تأثير فوري وهائل على طبيعة حياتنا، لكن كيف سيكون تأثيره على المدى الطويل؟ معرفة ذلك أصعب بكثير وفق مارتن وولف الكاتب في صحيفة فاينانشيال تايمز. كنا نهتم بأناقتنا ونفكر كثيرا بما نرتديه عند الخروج من المنزل، في المقابل لم نكن نفكر بنفس الدرجة بما نلبسه داخل المنزل. لكن بعد الركود الهائل الذي تسبب به الوباء، صار علينا أن نقلب المعادلة ونفكر بما نرتديه داخل المنزل بما أن ملابسنا بقيت معلقة عشرة أشهر لحد الآن وقد تبقى كذلك لوقت مضاعف. يكفي مطالعة معدل النمو في دول اليورو بسوق الملبوسات لنكتشف أنه لم يسجل أكثر من نسبة 2.1 في المئة خلال الأشهر الماضية، مع أن الجميع لا يمكن التخلي عن ملابسهم! نعلم أن التباعد الاجتماعي، الذي هو في جزء منه عفوي ومفروض بقوة القانون وفي جزء آخر، يضر بجميع الأنشطة التي تعتمد على التقارب البشري والاهتمام بنظرة الآخر إلينا في الشارع ومكاتب العمل، في حين استفادت من الحجر المنزلي الأنشطة التي تساعد الناس على البقاء في المنزل، ومن بينها ما يمكن أن نلبسه داخل المنزل، فليس من المعقول أن يكون أحدنا في أوج أناقته بينما جدوله اليومي هو العمل على الكمبيوتر أو القراءة أو حتى التحرك داخل حديقة المنزل. متاجر بيع الملابس الرياضية بدت أقل ضررا من متاجر الملبوسات الأخرى، فإذا كان لأي شخص على سبيل المثال قطعتان من الملابس البيتية الرياضية قبل كورونا صار يتحتم عليه أن يمتلك أضعافا منها اليوم، وإن كان ذلك على حساب ملابسه الأخرى، فما بقي معلقا في خزانة الملابس لم يعد ذي أهمية. دعك من الأثرياء، فحتى ونحن نقترب من قضاء عام كامل في التباعد الاجتماعي، لا يبدو أن الوباء أضعف رغباتهم في شراء الماركات الثمينة. لكن ما أهمية الماركة الثمينة في زمن محمّل بالترهل والتكرار! كرم نعمة