"اليوم العالمي للمراحيض" هو حدث سنوي يتم الاحتفال به في 19 نونبر منذ عام 2013 للتأكيد على أهمية الصرف الصحي وتعزيز الوصول إلى النظافة وسلامة المراحيض للجميع. ويؤكد خبراء المناخ أنه في أفق عام 2050 سيعيش حوالي 5.7 مليار شخص في مناطق معينة من العالم ولمدة شهر واحد بدون ماء، مما سيخلق منافسة غير مسبوقة للوصول إلى هذا المورد الحيوي، وفي يومنا هذا أصبحت معالجة أزمة الصرف الصحي العالمية تهدد مسعى تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة: "المياه والصرف الصحي للجميع في أفق 2030″، وبناء عليه يجب أن يحصل كل شخص في العالم على خدمات الصرف الصحي المستدامة، فضلا عن مياه الشرب المأمونة ومرافق غسل اليدين، من أجل حماية الأمن الصحي والحفاظ عليه للجميع والمساعدة في الحد من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية الفتاكة، مثل كوفيد 19 والكوليرا والتيفويد. ولفهم آثار تغير المناخ على المياه وخدمات الصرف الصحي في زمن كورونا وما بعد كورونا، يأتي هذا المقال لاقتراح مناهج عملية للتفكير في عملية تكييف خدمات الصرف الصحي وتكيفها مع تغير المناخ، هذا الأخير الذي يزداد سوءا يوما بعد يوما، حيث تشكل الفيضانات والجفاف وارتفاع منسوب سطح البحر أكبر التهديدات لأنظمة الصرف الصحي من خزانات ومحطات المعالجة. ويمكن لمياه الفيضانات أن تلوث آبار الماء الصالح للشرب، كما يمكن للفيضانات أن تلحق الضرر بالمراحيض وتنشر الفضلات البشرية في المجتمعات والمحاصيل الزراعية، مما قد يتسبب في أمراض مميتة أو مزمنة، لهذا تم اختيار شعار "الصرف الصحي المستدام وتغير المناخ" لإحياء اليوم العالمي للمراحيض لهذا العام (19 نونبر 2020)، من أجل زيادة الوعي بمحنة 4.2 مليار شخص عبر العالم يعيشون بدون مرافق صحية، ثلاثة مليارات شخص منهم يعيشون بدون مرافق أساسية في المنزل لغسل أيديهم بالماء والصابون خصوصا ونحن نعيش زمان كرورنا حيث الحاجة الملحة للنظافة للحماية من الإصابة بالفيروس، هذا دون أن ننسى أنه يتوفى سنويا 297 ألف طفل دون سن الخامسة بسبب الإسهال الناجم عن شرب المياه غير المأمونة أو من نقص الصرف الصحي أو نظافة اليدين. على الصعيد العالمي، يلقى ب80٪ من المياه العادمة الناتجة عن المجتمع مباشرة الى الأوساط الطبيعية دون معالجتها أو إعادة استخدامها، ويمكن أن تساهم المراحيض بدورها في مكافحة تغير المناخ، حيث تحتوي المياه العادمة والحمأة الآتية من المراحيض على مياه ومغذيات وطاقة قيمة، وتستخدم أنظمة الصرف الصحي المستدامة هذه النفايات بشكل منتج لتعزيز الزراعة الآمنة وتقليل الانبعاثات من أجل طاقة أكثر اخضرارا. المغرب نموذج رائد عالميا في تدوير مياه الصرف الصحي يعد المغرب "نموذجا" رائدا عالميا في مجال إعادة استعمال مياه الصرف الصحي من أجل خلق فضاءات حضرية خضراء كمشروع الحزام الأخضر لورززات الذي تستخدم فيه مياه الصرف الصحي المعالجة في محاربة التصحر، ويلعب الحزام الأخضر حول مدينة ورززات دور الحماية لهذه المدينة من الرياح القوية والغبار، ويوفر مكانا للسكان المحليين للاستمتاع بالطبيعة، ويسمح بخلق فرص العمل الزراعي وتشجيع المشاركة العامة في منع تدهور الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي عبر إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة لورززات من أجل سقي هذه الساحات الخضراء الجديدة، وبصفته مشروعا مستداما سيحسن أيضا نوعية الهواء المحلي، ويحافظ على التنوع البيولوجي، ويوفر العلف، ويعزز سبل كسب العيش للمجتمعات الحضرية والهامشية. يعد هذا المشروع، الذي تم إطلاقه في إطار حماية البيئة، وخاصة إعادة التشجير انطلاقا من مناطق غابوية تلائم المنطقة وإعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة والطاقة الشمسية من أجل الضخ، تجسيدا "ممتازا" لاستعمال الطاقة الشمسية من أجل إعادة توجيه مياه الصرف الصحي في سقي هذا الحزام الأخضر. نظام الصرف الصحي المستدام يبدأ نظام الصرف الصحي المستدام من المراحيض التي تلتقط بشكل فعال الفضلات البشرية في بيئة آمنة والتي يمكن الوصول إليها بسهولة، ويتم بعد ذلك تخزين الفضلات في صهريج يمكن تفريغه لاحقا عن طريق خدمة التجميع أو نقله بواسطة شبكة الأنابيب، وتأتي الخطوة التالية وهي المعالجة والتخلص الآمن، حيث تؤدي إعادة الاستخدام الآمن للنفايات البشرية إلى توفير المياه والتي يمكن استغلالها في السقي وفق معايير معينة، بالإضافة الى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحويل النفايات البشرية إلى طاقة، بينما يمكن أن يزود القطاع الزراعي بمصدر موثوق للمياه الصالحة للسقي بعد المعالجة وموافقة المصالح.
خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة يحدد برنامج التنمية المستدامة الذي اعتمدته الأممالمتحدة للفترة 2015-2030 إطارا عالميا للعمل وأهدافا عالمية لإنهاء الفقر المدقع ومكافحة عدم المساواة والظلم، على أساس مبادئ التنمية المستدامة، هذا الإطار الجديد للعمل العالمي المعروف أيضا باسم أجندة 2030، يحدد 17 هدفا للتنمية المستدامة مقسمة إلى 169 هدفا محددا و 232 مؤشر رصد، من بين هذه الأهداف نذكر الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة مخصص لقضية المياه والصرف الصحي والنظافة، والهدف 13 مخصص لتدابير مكافحة تغير المناخ، ويشير التقرير الخاص للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بشأن الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية إلى أن تأثيرات تغير المناخ ودراستها ترتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في إطار يسمح بالتوازن بين الرفاه الاجتماعي والازدهار الاقتصادي، وحماية البيئة. خلال عام 2015 تم تسجيل حوالي 30٪ من سكان العالم يعانون من نقص في خدمة إمدادات مياه الشرب "المدارة بأمان"، أي يمكن الوصول إليها في المنزل أو في قطعة الأرض، والمتاحة حسب الحاجة ومحمية من التلوث، بالإضافة الى أن أكثر من 60٪ من سكان العالم لم تكن تستخدم خدمة صرف صحي مدارة بأمان، أي يتم التخلص من الفضلات بأمان في الموقع أو معالجتها خارج الموقع. تحديات مياه الشرب والصرف الصحي في سياق تغير المناخ، أصبح التكيف مع الاحتياجات المتزايدة للمستخدمين والمساهمة في الحماية الضرورية للموارد والبيئات الطبيعية أمرا صعبا بشكل متزايد، خدمات المياه والصرف الصحي هي في الواقع ضعيفة بشكل خاص: تعتمد على توافر وجودة موارد المياه، والتي تتأثر نفسها بشدة بتغير المناخ، الاحترار والأخطار المناخية لها عواقب يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على أداء الخدمات وقدرتها على البقاء بمرور الوقت. في الوقت نفسه، يمكن لخدمات المياه، وعلى وجه الخصوص خدمات الصرف الصحي، أن تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري وبالتالي تساهم في الاحتباس الحراري، على الرغم من أنها ليست من بين القطاعات الأكثر انبعاثا للغازات الدفيئة مقارنة بالأنشطة الصناعية الأخرى، فمن المهم مع ذلك تذكر كيف يمكن أن تكون خدمات المياه والصرف الصحي مصادر لإنتاج المياه بطريقة مستدامة قليلة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويواجه اليوم قطاع المياه والصرف الصحي تحديات مختلفة، من ناحية فهم أفضل لتأثيرات الأخطار المناخية على الخدمات من أجل فهم أفضل لدرجة ضعفها ومن ناحية أخرى، نمنح أنفسنا الوسائل اللازمة للتصرف في مواجهة هذه المخاطر على الرغم من عدم اليقين بشأن السيناريوهات المستقبلية للاحتباس الحراري وحجم التأثيرات، حيث يجب دمج التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته في الاستراتيجيات والتدخلات والسماح بأوجه التآزر بين القطاعات. استجابات عاجلة لتسريع تغير المناخ سجل الاحترار العالمي عام 2017 أعلى مقدار له بدرجة مئوية واحدة عن مستوى ما قبل العصر الصناعي، مما يوضح مدى إلحاح قضية المناخ، مهما كانت الانبعاثات القادمة، ستستمر الانبعاثات السابقة لمئات أو حتى آلاف السنين، وستستمر في إحداث تغييرات في المناخ والآثار المرتبطة به على المدى الطويل، يعتقد العديد من الخبراء أن المجتمعات البشرية قد تجاوزت بالفعل "حدود الكوكب" المتعلقة بالاحترار العالمي والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية. في مواجهة هذا الوضع، من الضروري الآن إجراء تخفيض جذري في انبعاثات الغازات الدفيئة وكذلك تنفيذ خطط التكيف. وتنشأ مخاطر الآثار المرتبطة بالمناخ من التفاعل بين الأخطار المناخية، وقابلية التأثر والتعرض للأنظمة البشرية والطبيعية، حيث يمكن التعبير عن مخاطر المناخ من خلال اتجاه طويل الأجل أو من خلال حدوث أحداث متطرفة كالعواصف والأعاصير، حيث مع نفس النوع من المخاطر المناخية يمكن أن تكون التأثيرات متعددة، ومن أجل التكيف مع هذه الآثار، من المهم معرفة مستوى الخطر الذي يتم النظر فيه، فيما يتعلق بنوع الخطر المناخي وما هي درجة الضعف ومستوى تعرض المستخدم؟ يؤدي ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية إلى اضطرابات مناخية: تغيرات في اتجاهات المناخ التي يمكن ملاحظتها على المدى الطويل، والتي يمكن أن تولد حدوث ظواهر متطرفة يميل تواترها وشدتها إلى الزيادة، كارتفاع مستوى سطح البحر الذي يهدد المناطق الساحلية والجزر؛ تقلب أنماط هطول الأمطار الموسمية مما يؤدي إلى مواسم جفاف أطول: يمكن أن يكون متوسط هطول الأمطار على مدى عام مستقرا ولكن الفترات الفاصلة بين موسمين مطريين يمكن أن تكون أطول بكثير؛ زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية، أما الأحداث المتطرفة فيمكن تحديدها في موجة حر؛ وفترة الجفاف التي أدت إلى ندرة الموارد المائية؛ زيادة في التردد والشدة والظواهر المتطرفة، مثل الأمطار الغزيرة والعواصف والرياح العاتية والأعاصير، كل هذه المخاطر المناخية لها عواقب وخيمة على دورة المياه الكبرى وموارد المياه، مما يتسبب في مخاطر مختلفة لخدمات المياه والصرف الصحي، يمكن أن تشكل مخاطر المناخ مخاطر مباشرة على حسن سير الخدمات. وترتبط الدورة الكبيرة ودورة المياه الصغيرة ارتباطا وثيقا على مستوى معالجة المياه لجعلها صالحة للشرب واستمرارية الخدمة بشكل واضح تعتمد على الكمية والنوعية الأولية للموارد المائية، وتعتمد جودة الموارد الطبيعية على الصرف الصحي الجيد، والذي يهدف إلى ضمان الإدارة الآمنة للفضلات ومياه الصرف الصحي، وتشمل خدمة المياه المستدامة عدة مكونات: تعبئة موارد المياه عن طريق الجمع أو الضخ، والمعالجة، والتخزين، ثم توزيع مياه الشرب على المستخدمين، ويجب أن تكون المياه الموزعة بكميات ونوعية كافية وبتكلفة معقولة، يجب أن يكون متاحا في أي وقت تحتاج إليه، يعتمد مستوى الخدمة على السياق والاحتياجات والموارد الفنية والمالية، الخدمة عرضة للتغيرات في توافر وجودة موارد المياه، الموضحة في القسم السابق، بالإضافة إلى الأخطار المناخية الأخرى حيث يجب مراعاة طبيعة المخاطر وكذلك درجة ضعف الخدمة تجاه هذه المخاطر عند تصميم نظام إمداد بالمياه من أجل تكييف اختيار المعدات وحجمها مع السياق، وضمان استدامة عملها، ونقترح تصنيف التأثيرات الرئيسية للأخطار المناخية المختلفة من خلال ثلاثة أنواع من التأثيرات: التأثيرات على الاستهلاك المحدد، والذي يتوافق مع متوسط كميات المياه المستهلكة كل يوم لكل مستخدم والذي يؤثر على استهلاك المياه ووقت تشغيل خدمة تزويد مياه الشرب؛ التأثيرات على البنية التحتية والتجهيزات التي تضمن ظروف عملها تشغيل الخدمة واستدامتها وأداء الشبكات، والتأثيرات على جودة الخدمة، والتي يتم تقييمها فيما يتعلق بجودة المياه الموزعة وتوافر الخدمة من استمرارية تزويد المياه الى الضغط المتاح في نقاط التوزيع، حيث من الواضح أن هذه الأنواع الثلاثة من التأثير مترابطة ولكن يمكن ربطها بسهولة بمؤشرات الرصد. الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لتدهور جودة خدمة المياه ويؤدي تدهور جودة خدمة المياه أو انقطاعها بسبب المخاطر المناخية وتدهور الموارد المائية إلى تأثيرات صحية واجتماعية كبيرة، غالبا ما يكون الخطر أكبر بالنسبة للنساء والأطفال وكبار السن والمعاقين والفئات أكثر هشاشة من فقراء ولاجئين، حيث تزيد أمراض الإسهال في حالة حدوث تدهور في جودة الخدمة واستخدام السكان لموارد بديلة منخفضة الجودة عند انقطاع الخدمة؛ مضاعفة تضارب الاستخدام في سياقات ندرة المياه وتضخيم ظاهرة الهجرة أو رحيل السكان الذين لم يعودوا قادرين على الوصول إلى المياه، مما يؤدي إلى ظهور قضايا سياسية واجتماعية وبيئية؛ مع تسجيل الصعوبة المتزايدة في سحب المياه المرتبطة بزيادة المسافات التي يجب تغطيتها في حالة نقص المياه وجهود ضخ أكبر من أجل منسوب مياه أعمق وأقل إنتاجية. وتبقى لتدهور جودة خدمات المياه وعواقبها على صحة ورفاهية السكان لها أيضا تداعيات اقتصادية، قد تكون صلاحية خدمة مياه الشرب على المحك في حالة وجود تكاليف إضافية مرتبطة بآثار تغير المناخ كاستبدال المعدات التالفة، وأشغال الصيانة، بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب أو تقليل خدمة المياه يؤثر أيضا على سبل عيش السكان. التأثيرات على خدمات الصرف الصحي يتمثل التحدي الرئيسي لخدمات الصرف الصحي في تقليل المخاطر الصحية والبيئية الناتجة عن النقص الحاصل على مستوى التخلص السليم من مياه الصرف الصحي والفضلات التي تحتوي على الجراثيم المسببة للأمراض، ويعد تنفيذ خدمة الصرف الصحي المستدامة حقا من حقوق الإنسان، لاسيما النظر في الوصول الكافي إلى المرحاض في ظروف لائقة واحترام الخصوصية، ولخدمة الصرف الصحي الكاملة ثلاث وصلات: يمكن أن تتعرض الصناعة بأكملها لمخاطر مناخية مختلفة، كما تزداد مخاطر حماية الموارد في سياق تغير المناخ، حيث تضعف النظم البيئية الطبيعية، وبالتالي فإننا نميز بين التأثيرات على تشغيل الخدمة، بما في ذلك، تدهور البنية التحتية أو تعطيل عمليات المعالجة؛ والتأثيرات على البيئة ولا سيما على النظم الإيكولوجية الطبيعية وموارد المياه والآثار الصحية والاجتماعية، ويميل النمو السكاني وارتفاع مستويات المعيشة والتنمية الاقتصادية إلى زيادة الاستهلاك المحدد لمياه الشرب وبالتالي إنتاج المياه العادمة حيث يمكن أن تزيد هذه المتغيرات من ضعف خدمات الصرف الصحي، و كما هو الحال مع خدمات مياه الشرب، يجب مراعاة استدامة خدمات الصرف الصحي من حيث تشغيل الخدمة ومراقبتها وإدارتها وتمويلها، حيث من المرتقب أن تتأثر هذه الجوانب بشكل غير مباشر بعواقب تغير المناخ. التأثيرات على إدارة مياه العواصف يمكن تعريف إدارة مياه الأمطار على أنها جميع التدابير التي يتخذها الإنسان للتحكم بشكل أفضل في أحجام وتدفقات المياه الناتجة عن الأمطار والجريان السطحي في مناطق الموائل، فالمسألة قبل كل شيء صحية لأن الافتقار إلى إدارة مياه الأمطار يزيد من خطر الاتصال بالمياه الملوثة سواء عبر تسرب الملوثات إلى الأرض من حفر المرحاض التي غمرتها المياه وتشبع شبكات المياه أو بسبب النفايات، خاصة في الأماكن الحضرية غير المخططة، حيث تزداد قابلية التأثر، كما أنه يشكل مخاطر بيئية واقتصادية وأمن عام، يزيد التعرض للمخاطر بسبب زيادة التحضر مما يؤدي إلى زيادة معدل عدم نفاذية التربة. في البلدان النامية، تعتبر إدارة مياه العواصف الحضرية بشكل عام ناقصة أو حتى غائبة، أنظمة تصريف مياه الأمطار عند وجودها تخدم فقط المناطق المركزية أو الأكثر ثراء، وبسبب النقص المزمن في الصيانة فهي تكون في حالة سيئة بالإضافة إلى ذلك، عند وجود البنية التحتية المناسبة لإدارة مياه الأمطار، فإنه لا يجعل من الممكن التعامل مع أحداث هطول الأمطار الشديدة. مياه الأمطار وتغير المناخ ترتبط خدمة الصرف الصحي وإدارة مياه الأمطار ارتباطا وثيقا، ففي موسم الجفاف يؤدي تسرب المياه العادمة إلى نظام تصريف مياه الأمطار إلى حدوث مشاكل كبيرة في الروائح والصرف الصحي، اما خلال موسم الأمطار، تختلط مياه الأمطار مع نفس مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة، وتلوث المناطق المغمورة بالفيضانات والبيئة الطبيعية. التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ من أجل تقليل المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، يمكن تنفيذ نهجين تكميليين: التكيف الذي يسعى إلى تقليل مستوى تعرض الأنظمة وقابليتها للتأثر، والتخفيف الذي يهدف إلى مكافحة الاحتباس الحراري عن طريق تقليل إنتاج الغازات الدفيئة. ++ التكيف مع تغير المناخ: يعرف التكيف مع تغير المناخ بأنه عملية التكيف مع المناخ الحالي أو المتوقع، فضلا عن عواقبه، في النظم البشرية، ويتعلق الأمر بتخفيف أو تجنب الآثار الضارة واستغلال الآثار المفيدة في بعض النظم الطبيعية، حيث يمكن للتدخل البشري أن يسهل التكيف مع المناخ المتوقع وعواقبه. إن التكيف مع تأثيرات تغير المناخ أصبح أمرا لا مفر منه سواء كان مخططا له أم لا نظرا لأن عواقب الزيادة في متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية ظاهرة بالفعل وستزداد حتى في سيناريوهات مكافحة الاحترار العالمي الأكثر تفاؤلا، لذلك يجب أن تتوقع استراتيجية التكيف آثار تغير المناخ وتأخذها في الاعتبار من أجل الموقع الأمثل للمرافق والبنى التحتية والتنمية المستدامة للخدمات، وبالتالي يجب تنفيذ التكيف على المستوى المحلي في أقرب وقت ممكن لاحتياجات المناطق، وتتضمن عملية التكيف الحد من تعرض النظم البشرية أو الطبيعية للمخاطر المناخية وقابلية تأثرها، و يجب أن يعزز هذا النهج مرونة عمليات اتخاذ القرار والحوكمة الرشيدة لتلافي مخاطر سوء التوافق. إن التمييز بين الأنشطة المنفذة من أجل التكيف مع تغير المناخ وتلك التي يتم تنفيذها من أجل التنمية هو موضوع فيه الكثير من النقاش، ففي معظم الحالات، يتغذى التكيف من خلال التفكير في تقليل القابلية للتأثر في سياق التنمية "العادي"، ويمكننا التحدث عن سلسلة متصلة من التكيف: من ناحية، سنجد إجراءات تسعى إلى تقليل التعرض للتأثيرات المحددة لتغير المناخ، ومن ناحية أخرى، سيكون لدينا إجراءات تسعى إلى مكافحة هذه العوامل، نقاط الضعف المتعلقة بالتنمية. إن الحد من تعرض النظام للمخاطر المناخية هو جانب من جوانب التكيف الذي لا ينبغي إغفاله، ويفترض هذا النوع من إجراءات التكيف إنشاء البنى التحتية في مواقع مناسبة، ولكنه قد يشمل أيضا التفكير في إزاحة السكان وإعادة توطينهم خارج المناطق المعرضة للفيضانات أو المعرضة للخطر. ويستخدم مفهوم سوء التكيف للإشارة إلى تغيير في النظم الطبيعية أو البشرية التي تتعامل مع تغير المناخ والتي تؤدي إلى زيادة القابلية للتأثر بدلا من الحد منها، وتتوافق حالة عدم التكيف مع الاستخدام غير الفعال للموارد مقارنة بخيارات الاستخدام الأخرى كاستخدام تقنية تحلية مياه البحر حيث تكون الحماية والمعالجة الفعالة للموارد الجوفية كافية، والضخ في طبقات المياه الجوفية العميقة دون التشاور على مستوى مستجمعات المياه التي يمكن أن تقلل من الوصول إلى الجهات الأخرى. ++ التخفيف من آثار تغير المناخ: يتضمن هذا بشكل خاص تقليل استهلاك الطاقة والاستخدام الكبير للموارد المتجددة، ويساعد السعي لتحقيق هذا الهدف أيضا على تقليل الإنفاق المحلي وضمان استدامة الخدمات. إن فوائد التخفيف محسوسة عالميا، مما يتطلب جهدا جماعيا للتمكن من معالجة ارتفاع درجات الحرارة العالمية بشكل فعال، وتوجد العديد من أطر التدخل على مستويات تكميلية يتطلب العمل في سياق تغير المناخ مراعاة هذه المعايير المختلفة وإشراك الجميع في التنفيذ. ويتطلب التأثير الواسع لتغير المناخ على المجتمعات البشرية والنظم الإيكولوجية الطبيعية والتنوع البيولوجي استجابات عالمية ومتعددة القطاعات، وهكذا بدأت المناقشات حول تكييف أو تخفيف الخدمات قضية تدخلات هناك قضية رئيسية في التكيف تتعلق بمكانة المجتمعات المحلية ومشاركة المواطنين في تطوير استراتيجيات وخطط التكيف، وكذلك في تنفيذها، إنها مسألة إيجاد استجابات مناسبة للاحتياجات المعلنة للسكان من ناحية، والمستويات المختلفة لمخاطر المناخ من ناحية أخرى. وفي هذا السياق، يجب إيلاء اهتمام خاص لأكثر السكان ضعفا ولكن أيضا للسكان الأصليين. يعتبر الاعتراف بالمعرفة والممارسات المحلية وأخذها في الاعتبار جانبا لا ينبغي إهماله، تشير العديد من الملاحظات إلى أن معرفة السكان المحليين بشأن تغير المناخ تستند أساسًا إلى مراقبة مكونات الطبيعة وبعض الظواهر المناخية، لقد تطورت الممارسات التي لوحظت في مجالات التدخل المختلفة لتتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ. التخفيف لخدمات الصرف الصحي تنبعث من المحطات الرئيسية لأغراض الصرف الصحي الجماعي غازات مسببة للاحتباس الحراري، وتلعب هذه المحطات دورا هاما في تهوية المياه العادمة في المصانع والضخ في الشبكات فيما يتعلق بالصرف الصحي غير الجماعي، ونقل الحمأة البرازية عن طريق تفريغ الشاحنات مثلما يمكن أن تكون عمليات معالجة الحمأة شديدة الانبعاث، ومن اهم الغازات الدفيئة الرئيسية المنبعثة هي ثاني أكسيد الكربون الناتج أثناء نقل حمأة البراز (شاحنات التفريغ) في حالة الصرف الصحي غير الجماعي وأثناء معالجة المياه العادمة، ويرجع ذلك أساسا إلى تدهور المواد العضوية، وتلك المتعلقة بإنتاج الكهرباء التي تزود المحطة، أو أثناء تنقية الحمأة: حرق الغاز الحيوي أو حرقه، ترميد الحمأة في الموقع. ثاني هذه الغازات الدفيئة يأتي غاز الميثان المنبعث من خزانات الصرف الصحي بدون تفريغ متكرر للمواد، وعن طريق التصريف المباشر في الأنهار دون معالجة وعبر قنوات الصرف الصحي من خلال الانبعاثات في حالة المجاري الراكدة والمفتوحة والساخنة، وفي محطة معالجة مياه الصرف الصحي حيث يتم الإنتاج عن طريق تحلل المواد العضوية تحت ظروف لاهوائية، أو عبر تسربات الميثان المحتملة أثناء إنتاج الغاز الحيوي والانبعاثات أثناء التصريف في البحر أو النهر أو البحيرة، ثالث هذه الغازات الدفيئة نجد ثاني أوكسيد النيتروجين الناتج عن التصريفات المباشرة دون معالجة في المجاري المائية، وعلى محطة معالجة مياه الصرف الصحي، المرتبطة بمعالجة النيتروجين الموجود في مياه الصرف الصحي: اليوريا والأمونيوم والبروتينات، أو عندما يتم تصريف المياه المعالجة في البيئة الطبيعية، عند سماد أو نثر الحمأة أو كجزء من حرق الحمأة، وال ذي يلاحظه الخبراء هو أن انبعاث ثاني أوكسيد النيتروجين يحدث بشكل طبيعي في البيئات المائية الطبيعية (الأنهار ومصبات الأنهار والبحيرات). وينبغي أن يكون قياس معدلات انبعاث غازات الدفيئة المختلفة شرطا مسبقا لتنفيذ استراتيجية وخطة التخفيف، وهذا سيجعل من الممكن تحديد أكثر محطات الانبعاث في جميع أنحاء قطاع الصرف الصحي وبالتالي تقييم القضايا على سلسلة القيمة بشكل أفضل، وتحديد أولويات الإجراءات بشكل أفضل، بالنسبة لقطاع الصرف الصحي غير الجماعي، يمكن أن يمثل الإخلاء الميكانيكي للفضلات عن طريق تفريغ الشاحنات عنصرا عاليا في انبعاث الغازات الدفيئة، وبالتالي فإن الاستغلال الأمثل لمسافات النقل وخفضها يشكلان رافعة مهمة للعمل على تقليل الانبعاثات، ويمكن أن يشمل ذلك إنشاء أنظمة معالجة لامركزية صغيرة ليست بعيدة عن المناطق السكنية، ويمكن أن تساعد الصيانة الدورية لأسطول المركبات واختيار المركبات ذات المحركات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود أيضا في الحفاظ على انبعاثات غازات الدفيئة عند أدنى مستوى ممكن. فيما يتعلق بجمع الفضلات، يمكننا أن نسعى لتقليل الأحجام التي سيتم نقلها: تفضيل المعالجة في الموقع، وتشجيع الأنظمة المنفصلة عندما يكون هذا الحل مناسبا. أما بالنسبة لقطاع الصرف الصحي الجماعي يعد تقليل الأحجام المراد معالجتها أيضا وسيلة للتخفيف: زيادة وعي المستخدمين بالحفاظ على المياه واستخدامها اقتصاديا يمكن أن يجعل من الممكن تقليل كل من كميات المياه الرمادية وتلك الخاصة بالمياه السوداء إذا كانت هناك مراحيض مزدوجة، من أجل تقليل استهلاك الطاقة لمضخات الرفع، يجب أن يفضل تصميم شبكات تصريف المياه العادمة. ويجب أن يتضمن تنفيذ إجراءات التخفيف انعكاسات حول إدارة مياه الأمطار، يجب تفضيل الأنظمة المنفصلة عن تصميم الخدمات، عندما لا يكون الأمر كذلك، فإن بعض الحلول القائمة على الطبيعة تجعل من الممكن تعزيز تسرب مياه الأمطار وبالتالي تقليل أحجام المياه العادمة المراد معالجتها. التخفيف على رابط المصب: تمثل معالجة المياه العادمة الرابط الأكثر انبعاثا في قطاع الصرف الصحي بسبب استهلاك الطاقة للمحطات وبالتالي فإن تفضيل أنظمة المعالجة القائمة على الجاذبية، وعمليات المعالجة التي تنبعث منها أقل كمية ممكنة، واستخدام الطاقات المتجددة في اختيار الطاقة هي الخطوات الأولى للتخفيف، وعبر تحسين أداء الضخ حيث يتطلب الحد من الانبعاثات غير المباشرة المرتبطة بالطاقة لعمليات المعالجة أو عناصر الضخ أيضا تقليل استهلاك الطاقة الذي يمكن أن يعتمد على: تحسين طرق التشغيل: ساعات التشغيل ومدة الضخ وإحلال معدات بها محركات أكثر كفاءة وإضافة محركات متغيرة السرعة لتحسين استهلاك الوقود في الوقت الفعلي. الاقتصاد الدائري وخدمات الصرف الصحي يشير مفهوم الاقتصاد الدائري إلى نموذج اقتصادي للتجارة والإنتاج ويهدف إلى زيادة كفاءة استخدام الموارد وتقليل تأثيرنا على البيئة، ويفسح قطاع المياه نفسه بشكل جيد لرؤية الاقتصاد الدائري، حيث يمكن استخدام منتجات الصرف الصحي في الزراعة أو إنتاج الطاقة، ويتطلب تطوير اقتصاد دائري بيئة مواتية لتطبيق ممارسات جديدة وتغيير في العقليات من أجل اعتبار منتجات الصرف الصحي موارد، ويجب أن يفي تقييمها بالطلب حتى يكون مجديا اقتصاديا، وهذا غالبا ما يطرح قضايا من هذا الحجم، ويمكن استخدام روافع مختلفة لدعم هذه المبادرات، بما في ذلك التنظيم وتلك المتعلقة باقتصاد السوق، ويفسح التخفيف لقطاع الصرف الصحي نفسه جيدا لتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري، يشجع هذا النهج على تغيير العقليات من خلال رؤية مياه الصرف الصحي ومنتجات المعالجة الثانوية كموارد. ويجب إعادة النظر في استخدام هذه الموارد بالتنسيق مع قطاع الطاقة، والقطاع الزراعي، وإدارة النفايات الصلبة، وتشمل الموارد التي يجب مراعاتها ما يلي: الإمكانات الحرارية لمخلفات الصرف الصحي السائلة: استخدام الحرارة القاتلة من شبكات التدفئة المركزية أو إنتاج الطاقة؛ وإنتاج الطاقة الخضراء عن طريق إمداد الوقود من الكتلة الحيوية أو إعادة استخدام الغاز الحيوي؛ واستعادة المغذيات من معالجة المياه العادمة أو الفضلات في الزراعة، مما يسمح بالتعاون مع قطاع النفايات عبر إعادة استخدام النفايات الخضراء كمدخلات للتسميد المشترك. أثر تغير المناخ في العديد من المناطق عبر العالم مع تأثيرات كبيرة على دورة المياه الكبرى: ارتفاع مستوى سطح البحر، وتعطل أنماط هطول الأمطار الموسمية، وزيادة متوسط درجات الحرارة، والجفاف، وموجات الحرارة، وحدوثها وتكرار الأحداث المتطرفة، هذه المخاطر المناخية لها تداعيات على إمكانية الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي واستمراريتها ليس بسبب تدهور جودة الموارد المائية لوحدها، ولكن أيضا بسبب الافتقار إلى مواثيق مباشرة على مكونات الخدمة من بنية تحتية ومعدات وتشغيل وجودة الخدمة، هذا يزيد من نقاط الضعف الموجودة بالفعل بسبب النمو السكاني والتمدن السريع، يمكن أن تكون الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية أكثر شدة لا سيما في البلدان النامية وعلى السكان الأشد فقرا أو الأكثر تعرضا لآثار تغير المناخ، وبالتالي فإن مراعاة تغير المناخ وآثاره صار أمرا ضروريا لتطوير خدمات المياه والصرف الصحي، حيث من المستعجل أن نفهم جيدا التأثيرات والتحديات قبل أي إجراء يتعلق بالأهداف العامة للاتفاقيات الونية والدولية، ويمثل التكيف والتخفيف نهجين مكملين في هذا الصدد، مما يسمح بالنظر في الاستجابات المختلفة للحد من ضعف الخدمات، لذلك من الضروري إجراء تحول نموذجي في الأولويات والممارسات لا سيما من أجل معرفة كيفية إدارة أوجه عدم اليقين المرتبطة بالسيناريوهات المناخية وتجنب سوء التكيف، ويتطلب تنفيذ أنشطة التكيف أو التخفيف دمج مخاطر المناخ في جميع الإجراءات وعلى جميع المستويات، ويجب تسهيل ذلك من خلال خطوة تشخيصية أولية تجعل من الممكن تقييم قابلية التأثر والتعرض ودرجة الخطر لكل خطر، على المستوى المحلي ومستجمعات المياه، ويجب أن يكون اختيار الحلول في صالح النهج المتضافرة والمتعددة القطاعات وكذلك النهج القائمة بالفعل مثل الإدارة المتكاملة لموارد المياه، والنهج القائمة على الطبيعة، وخطط إدارة سلامة المياه أو مفهوم الاقتصاد الدائري يمكن أن تشارك في تصميم الحلول المناسبة و الدائمة. أخيرا، يجب التشجيع بشدة على رصد المبادرات وتبادل الخبرات بين الجهات الفاعلة، فضلا عن البحث عن آثار تغير المناخ، بدون ذلك سيظل تعزيز وتحسين الممارسات غير كاف لبناء استجابات طويلة الأجل. بقلم: محمد بنعبو خبير وناشط بيئي، رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة