،وجه جلالة الملك محمد السادس، مساء أول أمس السبت، خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة. وأكد جلالة الملك في هذا الخطاب أن المغرب لن تؤثر عليه الاستفزازات العقيمة، والمناورات اليائسة، التي تقوم بها الأطراف الأخرى، والتي تعد مجرد هروب إلى الأمام، بعد سقوط أطروحاتها المتجاوزة. وجسد الخطاب الخطاب السامي التطلع إلى نموذج تنموي للأقاليم الصحراوية يجعل منها قطبا للتكامل الجهو، بما يضرب في الصميم أطروحات دعاة الانفصال. في ما يلي نص الخطاب السامي: "الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. شعبي العزيز، شكلت المسيرة الخضراء، التي نخلد اليوم، ذكراها الخامسة والأربعين، نموذجا فريدا في التعبئة الجماعية، والالتزام والانضباط، والتشبث بالحق. فقد استجاب المغاربة، بكل تلقائية، وبروح الوطنية الصادقة، لنداء مبدعها، والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه. فأثبتوا للعالم قدرة الشعب المغربي على رفع التحديات، ودخول التاريخ، بمسيرة سلمية، تكللت باسترجاع أقاليمنا الجنوبية. فالمسيرة الخضراء ليست مجرد حدث وطني بارز، في مسار استكمال وحدتنا الترابية. إنها مسيرة متجددة ومتواصلة، بالعمل على ترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، وجعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري. وقد عرفت السنوات الأخيرة تطورات ملموسة، على عدة مستويات : فعلى مستوى الأممالمتحدة : أقبرت القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، المقاربات والأطروحات المتجاوزة وغير الواقعية. كما أكدت على المشاركة الفعلية للأطراف المعنية الحقيقية، في هذا النزاع الإقليمي؛ ورسخت بشكل لا رجعة فيه، الحل السياسي، الذي يقوم على الواقعية والتوافق. وهو ما ينسجم مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى بدعم مجلس الأمن، والقوى الكبرى، باعتبارها الخيار الطبيعي الوحيد لتسوية هذا النزاع. أما على مستوى الاتحاد الإفريقي: فقد تخلصت هذه المنظمة، بفضل رجوع المغرب إلى بيته الإفريقي، من المناورات التي كانت ضحيتها لعدة سنوات. وأصبحت تعتمد على مقاربة بناءة، تقوم على تقديم الدعم الكامل، للجهود التي تبذلها الأممالمتحدة، بشكل حصري، من خلال أمينها العام ومجلس الأمن. وعلى المستوى القانوني والدبلوماسي: فتحت عدة دول شقيقة، قنصليات عامة في مدينتي العيونوالداخلة؛ في اعتراف واضح وصريح بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن ثقتها في الأمن والاستقرار والرخاء، الذي تنعم به أقاليمنا الجنوبية. وبالموازاة مع ذلك، ترفض الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، الانسياق وراء نزوعات الأطراف الأخرى. فقد بلغ عدد الدول، التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة، أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. وقد تعزز هذا التوجه باعتماد القوى الدولية الكبرى لمواقف بناءة، ومنها إبرام شراكات استراتيجية واقتصادية، تشمل دون تحفظ أو استثناء، الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لايتجزأ من التراب المغربي. واستنادا إلى هذه المكتسبات، يؤكد المغرب التزامه الصادق، بالتعاون مع معالي الأمين العام للأمم المتحدة، في إطار احترام قرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل نهائي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي. كما سيظل المغرب ثابتا في مواقفه. ولن تؤثر عليه الاستفزازات العقيمة، والمناورات اليائسة، التي تقوم بها الأطراف الأخرى، والتي تعد مجرد هروب إلى الأمام، بعد سقوط أطروحاتها المتجاوزة. وهنا نؤكد رفضنا القاطع، للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي، بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة. وسيبقى المغرب، إن شاء الله، كما كان دائما، متشبثا بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية. وإننا واثقون بأن الأممالمتحدة والمينورسو، سيواصلون القيام بواجبهم، في حماية وقف إطلاق النار بالمنطقة. شعبي العزيز، إن التزامنا بترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، لايعادله إلا عملنا المتواصل، على جعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري. واستكمالا للمشاريع الكبرى، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، فقد حان الوقت، لاستثمار المؤهلات الكثيرة، التي يزخر بها مجالها البحري. وفي هذا الإطار، أكمل المغرب خلال هذه السنة، ترسيم مجالاته البحرية، بجمعها في إطار منظومة القانون المغربي، في التزام بمبادئ القانون الدولي. وسيظل المغرب ملتزما بالحوار مع جارتنا إسبانيا، بخصوص أماكن التداخل بين المياه الإقليمية للبلدين الصديقين، في إطار قانون البحار، واحترام الشراكة التي تجمعهما، وبعيدا عن فرض الأمر الواقع من جانب واحد. فتوضيح نطاق وحدود المجالات البحرية، الواقعة تحت سيادة المملكة، سيدعم المخطط، الرامي إلى تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية. وانطلاقا من هذه الرؤية، ستكون الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قبالة الصحراء المغربية، واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي. فإضافة إلى ميناء طنجة -المتوسط، الذي يحتل مركز الصدارة، بين موانئ إفريقيا، سيساهم ميناء الداخلة الأطلسي، في تعزيز هذا التوجه. وسنواصل العمل على تطوير اقتصاد بحري حقيقي، بهذه الأقاليم العزيزة علينا؛ لما تتوفر عليه، في برها وبحرها، من موارد وإمكانات، كفيلة بجعلها جسرا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي. وفي هذا الإطار، يتعين الاستثمار في المجالات البحرية، سواء تعلق الأمر بتحلية ماء البحر، أو بالطاقات المتجددة، عبر استغلال مولدات الطاقة الريحية، وطاقة التيارات البحرية. وبموازاة ذلك، يجب مواصلة النهوض بقطاع الصيد البحري، لدوره في النهوض باقتصاد المنطقة، وإعطاء دفعة جديدة، للمخطط الأزرق، تجعل منه دعامة استراتيجية، لتنشيط القطاع السياحي بها، وتحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية. شعبي العزيز، إن الوفاء لروح المسيرة الخضراء، ولقسمها الخالد، يتطلب من جميع المغاربة، مواصلة التعبئة واليقظة، والعمل الجاد والمسؤول، لرفع التحديات الداخلية والخارجية. فعلينا جميعا استحضار هذه الروح، وهذه القيم، لمواصلة إنجاز المشاريع، التنموية والاجتماعية، والدفاع عن مصالحنا وقضايانا العادلة، وتعزيز مكانة المغرب في محيطه الإقليمي والدولي. وهي مناسبة أيضا للترحم على الأرواح الطاهرة لشهداء المغرب الأبرار، وتوجيه تحية تقدير لكل مكونات القوات المسلحة الملكية، والقوات الأمنية، لتجندها الدائم، تحت قيادتنا، لصيانة وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته". *** قالوا عن الخطاب العثماني: الخطاب الملكي يبرز المكتسبات التي حققتها قضية الصحراء خلال السنوات الأخيرة أكد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن الخطاب السامي الذي جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة ، أبرز العديد من المكتسبات التي حققتها قضية الصحراء المغربية خلال السنوات الأخيرة. وأوضح العثماني أن من بين هذه المكتسبات التي اكتست طابعا دبلوماسيا، خاصة بعد رجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، تلك المسجلة، أساسا، على مستوى قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص هذه القضية، وسحب مزيد من الدول لاعترافها بالجمهورية الوهمية، وكذا فتح العديد من الدول لقنصلياتها في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وأضاف العثماني أن الأمر يتعلق أيضا بمكتسبات ذات طابع اقتصادي وتنموي، تحققت في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وتتمثل، على الخصوص، في إطلاق العديد من الاستثمارات والبنيات التحتية والمشاريع الكبرى في هذه المنطقة. وأشار رئيس الحكومة إلى أن الخطاب الملكي تطرق في هذا الصدد إلى ميناء الداخلة، وإلى العديد من المشاريع الفلاحية المرتبطة بالاقتصاد الأزرق والسياحة التي ستعطي دفعة قوية للتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة. كما أبرز العثماني دعوة جلالة الملك في خطابه السامي إلى الوفاء لروح المسيرة الخضراء، وما يتطلبه من تعبئة وطنية وانخراط، مؤكدا أن الشعب المغربي معبأ وراء جلالته للدفاع عن حقه في صحرائه باستمرار ودون توقف. محمد نبيل بنعبدالله: خطاب تأكيد الثوابت والتوجه نحو المستقبل يمكن القول إن الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة الخضراء هو خطاب تأكيد الثوابت وخطاب التوجه نحو المستقبل. ويظهر هذا التأكيد على الثوابت من خلال ارتباط المغرب بالمسلسل الذي تسهر عليه الأممالمتحدة من أجل التسوية النهائية لمسألة الوحدة الترابية، في إطار الحل السياسي والحكم الذاتي كمقترح تقدم به المغرب. فقد رحب جلالة الملك بالموقف الإيجابي للاتحاد الإفريقي الذي يدعم جهود الأممالمتحدة خاصة منذ عودة المغرب لهذا المنتدى. وعلاوة على ذلك ، لم يتوانَ جلالة الملك عن مخاطبة جميع الأطراف المعنية بهذا النزاع لحثهم، من جهة، على وقف أي شكل من أشكال الاستفزاز، والمضي، من جهة أخرى، بشكل إيجابي، في اتجاه البحث البناء عن حل سياسي. والخطاب الملكي السامي هو أيضا خطاب التوجه نحو المستقبل ، حيث كرس جلالة الملك مرة أخرى عزم المغرب على الاستثمار بكثافة من أجل تطوير وتحقيق نهضة أقاليمنا الجنوبية، وبلوغ التنمية والسماح لمواطنينا الصحراويين بالاستفادة من ثمار النمو المستدام، حتى تصبح أقاليمنا الجنوبية مركزا للازدهار، وقطبا مفتوحا على القارة الأفريقية. بنحمو: خطاب المسيرة الخضراء عزز مكانة الأقاليم الجنوبية كقاطرة للتنمية الآراء و الحوارات قال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إن الخطاب الملكي عزز مكانة الأقاليم الجنوبية كمحرك للتنمية على المستويين الإقليمي والقاري. وأضاف بنحمو أن المسيرة الخضراء تؤكد كل يوم عدالة القضية الوطنية، كما أنها تعزز مكانة الأقاليم الجنوبية كقاطرة للتنمية على المستويين الإقليمي والقاري. وأشار رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية إلى أن جلالة الملك أوضح في خطابه السامي أن المسيرة الخضراء "تمثل نموذجا فريدا في العالم من حيث التعبئة الجماعية، وتعكس قدرة المغرب على مواجهة التحديات". من جهة أخرى، اعتبر بنحمو أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي جعلت من الممكن وضع حد لجميع المناورات العدائية التي قام بها خصوم المغرب طيلة سنوات، مشيرا إلى أن الاتحاد الإفريقي صار يدعم جهود الأممالمتحدة ومجلس الأمن لحل النزاع حول الصحراء المغربية. وأضاف أن افتتاح قنصليات عامة لعدد من الدول الإفريقية والعربية في الداخلةوالعيون يعزز ويؤكد المواقف الداعمة للوحدة الترابية للمملكة، مذكرا بأن الغالبية الساحقة من دول العالم لا تعترف ب"الكيان الوهمي". وأوضح بنحمو أن جلالة الملك تطرق أيضا في خطابه السامي لقرارات مجلس الأمن، مبرزا أن هذه القرارات جددت التأكيد على ضرورة الانخراط الفعلي للأطراف المعنية في العملية السياسية، مشيرا إلى مصداقية اقتراح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب. وأضاف أن جلالة الملك أكد مجددا التزام المغرب بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وقال بنحمو إن جلالة الملك أكد "بوضوح وبمقاربة مرتكزة على الحق أن المغرب لا يزال على ثابتا على مواقفه ولن يتأثر بممارسات واستفزازات خصومه التي لا تمثل سوى هروب إلى الأمام". البلعمشي: الخطاب الملكي تأكيد للانتصارات الدبلوماسية للمغرب أكد عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الخطاب السامي تأكيد للانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب في الآونة الأخيرة. وأوضح البلعمشي أن هذه الانتصارات تتجسد، على الخصوص، في افتتاح عدد من البلدان الإفريقية والعربية، كما هو الحال بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لقنصليات في الأقاليم الجنوبية، مبرزا أن جلالة الملك أكد، من خلال هذا الخطاب، "زيف الأطروحات التي كان يراهن عليها خصوم الوحدة الترابية للمملكة لتغيير الاتجاه العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن حول قضية الصحراء المغربية. وأبرز الأستاذ الباحث في القانون الدولي أن الخطاب السامي يؤكد على نقطتين أساسيتين، أولهما تتمثل في تحقيق المغرب للتوازن فيما يتعلق بقضيته الوطنية، "فبمجرد عودة المملكة إلى حضن الاتحاد الإفريقي، لم يتم تسجيل أي كولسة تعارض الطرح الوطني". من جهة أخرى، يضيف البلعمشي، أكد جلالة الملك أن الأطروحات المتجاوزة وغير الواقعية التي كان يسوقها خصوم الوحدة الترابية للمملكة، "تتراجع وتتآكل" أمام الفهم المتجدد للمجتمع الدولي بشرعية ومشروعية حق المغرب في صحرائه". وعلاقة بالنقطة الثانية، أشار الأستاذ الجامعي إلى أن هذا الفهم المتجدد أفضى إلى مجموعة من الانعكاسات القانونية، مبرزا أن المغرب لم يعد يكثرت إطلاقا بمناورات خصوم وحدته الترابية، بقدر ما أصبح يترافع عن قضيته، مركزا في ذلك على الجانب القانوني والدبلوماسي والاقتصادي، والجانب التنموي في بعده الإفريقي". وفي معرض حديثه عن الاستفزازات والمناورات غير القانونية، التي يقوم بها أعداء الوحدة الترابية للمملكة، اعتبر البلعمشي أنها "تعد قبل كل شيء استفزازا للأمم المتحدة، الموكول لها تدبير هذا الملف". وقال إنه من خلال هذا الخطاب السامي، يؤكد المغرب أن ملف الصحراء المغربية محسوم من خلال العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن افتتاح مجموعة من البلدان الإفريقية لقنصليات عامة بالأقاليم الجنوبية يكشف أن خصوم الوحدة الترابية "متضايقون" وأصبحت "الدائرة تضيق حولهم أكثر فأكثر". وأضاف أن جلالة الملك أبرز أن هذا التوجه قد تعزز باعتماد القوى الدولية الكبرى لمواقف بناءة، ومنها إبرام شراكات استراتيجية واقتصادية، تشمل دون تحفظ أو استثناء، الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لايتجزأ من التراب المغربي. وخلص الباحث إلى أن جلالة الملك، أضاف أن المغرب، واستنادا إلى هذه المكتسبات، يؤكد التزامه الصادق، بالتعاون مع معالي الأمين العام للأمم المتحدة، في إطار احترام قرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل نهائي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي. السحيمي: تطورات القضية الوطنية تؤكد وجاهة الموقف المغربي قال المحلل السياسي مصطفى السحيمي إن تطورات القضية الوطنية تؤكد على وجاهة الموقف المغربي من أجل ترسيخ مغربية الصحراء. وأوضح السحيمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الخطاب السامي سلط الضوء على قضية الصحراء المغربية، لاسيما المكتسبات المحققة على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي. وأكد المحلل السياسي أن العمل على ترسيخ مغربية الصحراء على الصعيد الدولي أعطى أكله، متوقفا عند القرار الأخير لمجلس الأمن الصادر في 30 أكتوبر الذي جاء "ليكرس القرارت السابقة". وأشار السحيمي إلى أن "الاستفتاء بالمناسبة لم يعد مطروحا منذ قرنين"، لأنه وكما أبرز الخطاب الملكي تم إقبار "المقاربات والأطروحات المتجاوزة وغير الواقعية". وأبرز الأستاذ الجامعي أن الخطاب الملكي ذكر بمصادقة مجلس الأمن على معايير التفاوض المتاحة، لاسيما تأكيده على الانخراط الفعلي ل"الأطراف المعنية الحقيقية"، بما في ذلك الجزائر. وفي هذا السياق، يرى السحيمي أن الملف الوطني مؤطر بشكل جيد وفي الاتجاه الصحيح، فضلا عن أن الاتحاد الإفريقي، كما أعلن جلالة الملك، يعتمد على "مقاربة بناءة، تقوم على تقديم الدعم الكامل، للجهود التي تبذلها الأممالمتحدة". من جهة أخرى، أشار المحلل السياسي إلى أن جلالة الملك محمد السادس شدد على أن "المغرب سيظل ثابتا في مواقفه، ولن تؤثر عليه الاستفزازات العقيمة، والمناورات اليائسة، التي تقوم بها الأطراف الأخرى". وعلى الصعيد الاقتصادي، اعتبر السحيمي أن "جلالة الملك طور برنامجا كبيرا حول ميناء الداخلة"، مشيرا إلى "الإمكانات البحرية الهائلة" التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية، والتي سيتم العمل على "تعزيزها وتثمينها". وقال إن جلالة الملك قد أعلن مواصلة "العمل على تطوير اقتصاد بحري حقيقي" يزخر ب"موارد وإمكانات"، ومدعو لأن يكون "جسرا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي". ومن أجل ذلك، يضيف المحلل السياسي، تم تحديد أولويات تتعلق خصوصا ب"تحلية ماء البحر، أو بالطاقات المتجددة، أو بقطاع الصيد البحري، أو مخطط أزور..". علاوي: الخطاب الملكي ركز على البعدين التنموي والقانوني في قضية الصحراء المغربية اعتبرت الأستاذة الجامعية فاطمة الزهراء علاوي، أن الخطاب السامي ركز على البعدين التنموي والقانوني في قضية الصحراء المغربية. وأبرزت الأستاذة علاوي، وهي رئيسة شعبة القانون بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية أن ذلك تجلى في توضيح جلالته لبعض الجوانب القانونية القوية للمغرب لدى المجتمع الدولي، حيث بلغ عدد الدول، التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة، أي 85 في المائة من الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. وأضافت أن ذلك يظهر أيضا في إبرام القوى الدولية الكبرى شراكات استراتيجية واقتصادية تشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة، بالإضافة إلى تأكيد قرارات مجلس الأمن على وجاهة مبادرة الحكم الذاتي، مما يعني أن الأطروحات الأخرى متجاوزة. وأوضحت الأستاذة علاوي، وهي رئيسة فريق البحث في الدراسات القانونية والقضائية، أن جلالة الملك ذكر بالمسار الاقتصادي والتنموي الذي ينهجه المغرب في الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتزامه بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، في إطار احترام قرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل نهائي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي. الدرداري: الخطاب الملكي منهجية للبناء والتشييد ومنهاج لمواصلة العمل الوطني الجاد لرفع التحديات ذات الطابع التنموي قال أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، أحمد الدرداري، إن الخطاب الملكي يجعل من هذا الحدث منهجية للبناء والتشييد ومنهاجا لمواصلة العمل الوطني الجاد لرفع التحديات ذات الطابع التنموي. وأكد الأستاذ الدرداري أن الخطاب الملكي السامي بسط أهداف ومبادئ المسيرة الخضراء المظفرة ك"نموذج في التعبئة والالتزام والتشبث بالوطنية الحقة، دفاعا عن الحقوق المشروعة للمغرب"، مشيرا إلى أن المملكة أثبتت من خلال هذا الحدث، "وعلى امتداد ما يربو عن أربعة عقود من عودة هذه الربوع إلى حوزتها، قدرتها على رفع كل التحديات بمختلف تجلياتها، ومن صميمها تلك التنموية". وأوضح رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات أن الخطاب الملكي جدد محورية دور الأقاليم الجنوبية للمملكة كقاطرة للتنمية الشاملة على المستوى القاري والإفريقي، مضيفا أنه ذكر "التفاعل الإيجابي للأمم المتحدة مع مقترح الحكم الذاتي ورجاحته وسموه، وترسيخه كحل واقعي وحيد للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء". وعلى الصعيد السياسي، استشهد الأكاديمي بما تضمنه الخطاب الملكي السامي من انحسار الاعتراف بالمشروع الوهمي، ورفض أي مساس بالوحدة الترابية للمملكة وتأييد المقترح المغربي الذي يعكس قيم الواقعية ويمضي في تنزيل المشاريع التنموية بهذه الربوع الغالية. وخلص منسق ماستر التدبير الاستراتيجي للسياسات العمومية الأمنية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إلى أن الاعتراف بالمكانة الاستراتيجية للأقاليم الجنوبية للمملكة وأدوارها التنموية المفترضة يجعلها محرك تنمية مطردة بامتياز، مشيرا إلى أن "خلق دينامية للاقتصاد البحري بهذه الربوع الغالية يعد تعضيدا لمخطط المغرب الأزرق، ويجعل من الواجهة الأطلسية قبالة الأقاليم الجنوبية للمملكة مؤشرا إيجابيا على الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر من خلال الاستثمار في الطاقات النظيفة من قبيل الطاقات الريحية والشمسية، وترصيد اقتصاد البحار وجني ثمار السياحة الشاطئية".