يشكل اليوم العالمي بدون ورق، الذي يصادف ال25 أكتوبر من كل سنة، مناسبة هامة للوقوف على أهمية التقليل من استعمال الورق وخلق بيئة عمل يتم الاستغناء فيها عن هذه المادة، أو على الأقل تقليصها إلى حد كبير، لاسيما في الأوساط الإدارية والتعليمية، من خلال رقمنة المستندات والتخزين الرقمي للمعلومات. ويبرز البحث عن بدائل أخرى صديقة للبيئة، من قبيل التخزين الرقمي للمعلومات، كحاجة ملحة أمام الارتفاع المهول للكلفة البيئية لإنتاج الورق، لاسيما وأن الرقمنة ستساهم في توفير المال وزيادة الإنتاجية وتوفير المساحة، وتقاسم المعلومات بشكل أسهل، إضافة إلى حماية المعطيات الشخصية بشكل أكبر. وتأتي الدعوة إلى عالم بدون ورق، حسب منظمة السلام الأخضر، بعد تنامي الأخطار المرتبطة بالاستهلاك المفرط للورق، والذي نجم عنه ارتفاع وتيرة قطع الأشجار، حيث تشير آخر الإحصائيات الأممية في هذا المجال، إلى أنه يتم قطع 900 مليون شجرة سنويا لصنع الأوراق، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، بسبب ارتفاع كمية غاز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وعلى الرغم من التدابير المتخذة، لاسيما على مستوى إعادة التدوير واستخدام الورق غير المصنع من الأشجار، في محاولة للتقليل من التأثير البيئي للأوراق، فإن هذه الأخيرة ينتهي بها المطاف في مدافن النفايات، علاوة على أن إنتاج الورق يساهم في ارتفاع نسبة تلوث الهواء، بسبب إنتاج نسب هامة من ثاني أكسيد النتروجين (إن أو2)، وثاني أكسيد الكبريت (إس أو2) وثاني أكسيد الكربون (سي أو2). ويعد ثاني أكسيد النتروجين وثاني أكسيد الكبريت من العوامل الرئيسية المسببة للأمطار الحمضية، في حين أن ثاني أكسيد الكربون هو أحد الغازات الدفيئة المسؤولة عن التغير المناخي. وتحتوي مياه الصرف المفرغة من مصانع اللباب والورق، على مواد صلبة، وعناصر غذائية، ومواد عضوية مذابة تصنف على أنها ملوثات. ويمكن للعناصر الغذائية مثل النيتروجين، والفوسفور، أن تسبب أو تفاقم الإثراء الغذائي في مسطحات المياه العذبة. وانطلاقا من هذه المعطيات، تدعو المنظمات الدولية المعنية بقضايا البيئة، إلى الاستغناء بشكل "تدريجي" عن الورق والاتجاه نحو التخزين الرقمي للمعطيات، من خلال نسخ إلكترونية يسهل حفظها واسترجاعها ومشاركتها في الأوساط التعليمية والإدارية. ويعتبر الاعتماد على تقنيات التخزين الرقمي مثل "الحوسبة السحابية" من الحلول الناجعة التي يمكن أن تلجأ إليها الإدارات والشركات، لكونها تساهم في التقليص من التكاليف وتمكن من ربح المساحة المخصصة لتخزين المستندات، وكذا من الحد من الاعتماد على الموارد الطبيعية ذات الصلة بإنتاج الورق، وبالتالي تخفيف الضرر البيئي الناجم عن الاستهلاك المفرط لهذا المنتوج. كما تساهم بعض البرامج اللاورقية في تسهيل العمل بشكل عام، خصوصا على مستوى تنظيم المستندات، وإجراء توقيعات إلكترونية علاوة على توفير أنظمة لجمع الوثائق وأرشفتها، هو ما يعد تدبيرا آمنا للمستندات. وإذا كانت الكثير من البلدان عبر العالم قد أدركت المخاطر الكبيرة للاستعمال المتزايد للورق، خصوصا على البيئة، فإن استعمال ورق الطباعة لازال يعرف نموا مطردا، بسبب الإقبال المتزايد عليه لاسيما في المجالات الإدارية والتعليمية. ولهذا يوصي المختصون، في هذا الإطار، بتتبع مجموعة من الإرشادات الرامية إلى التقليل من استهلاك الورق من قبيل استخدام الملفات الرقمية بدل اللجوء إلى الطباعة، وتبادل المعلومات عن طريق البريد الإلكتروني، في محاولة للبحث عن بدائل صديقة للبيئة.