ووري جثمان أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح الثرى في الكويت أول أمس الأربعاء بعد وصوله من الولاياتالمتحدة، بينما أدى الشيخ نواف الأحمد الصباح اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة الكويتي، ليصبح أميرا للبلاد. وأعلنت الكويت الحداد الرسمي لمدة 40 يوما. ووصلت طائرة إيرباص حكومية كويتية من طراز اي 340 تحمل جثمانه بعد ظهر أول أمس الأربعاء، وقامت السلطات بإغلاق الطرق في العاصمة الكويت للسماح بوصول الجثمان إلى مسجد بلال بن رباح لأداء صلاة الجنازة ومن ثم إلى مقبرة الصليبخات. وكان الديوان الأميري أعلن أنه "امتثالا لمتطلبات السلامة والصحة العامة" فإن "مراسم الدفن ستقتصر على أقرباء سموه". وكان نائب رئيس مجلس وزير الداخلية في الكويت، أنس الصالح، قد أعلن عقب اجتماع لمجلس الوزراء الثلاثاء أنه عملا بأحكام الدستور بشأن أحكام توارث الامارة فإن مجلس الوزراء "ينادى الشيخ نواف الأحمد أميرا لدولة الكويت". وقال أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ، إن بلاده تمر بظروف دقيقة وتحديات خطيرة لا سبي وذكر أمير الكويت في كلمة أمام مجلس الأمة، أن الكويت تعرضت خلال تارييل إلى تحديات جادة ومحن قاسي وتعهد ب "حمل المسؤولية الجسيمة بروح الأمل والطموح (…) وبذل الجهود حفاظا على رفعة الكوي". وجاءت كلمة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال تأديته اليمين الدستورية أميرا للبلاد خلفا للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. وولد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى رسميا الثلاثاء، منصب أمير دولة الكويت، في 25 يونيو عام 1937 في فريج الشيوخ (موقع مجمع المثني حاليا) بمدينة الكويت. وتقلد الشيخ نواف مناصب سياسية ووزارية عدة، بداية من عمله محافظا منذ عام 1962 ولستة عشر عاما، ثم وزيرا للداخلية عام 1978، ووزيرا للدفاع عام 1988. وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد تحرير الكويت عام 1991، كلف الشيخ نواف بمهام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم أصبح نائبا لرئيس الحرس الوطني في 1994، قبل أن يتولى منصب وزير الداخلية من جديد عام 2003 إلى أن تمت تزكيته وليا للعهد في 2006. وخلال الرحلة العلاجية للأمير الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح، أسندت للشيخ نواف بعض مهام الأمير. ويتسلم الشيخ نواف سدة الحكم في بلاده في مرحلة حساسة تشوبها التوترات الاقليمية والدولية، فالأزمة الخليجية لا تزال مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، كما تشهد المنطقة توترا متزايدا في العلاقات مع إيران. وظل أمير البلاد الراحل ينأى ببلاده عن هذه الصراعات وتجنب الانخراط فيها وسعى للوساطة من أجل تسويتها وهو نهج يتوقع أن يسير عليه خلفه الذي ينتظر أن يتبنى سياسة قائمة على الوساطة والمساعي الحميدة. وبرحيل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تودع الأمة العربية واحدا من قادتها الحكماء الذي ظل طيلة المهام التي تولاها ببلاده حاملا لهموم الوطن العربي ومدافعا عن قضاياه بحكمة وتوازن. وظل الراحل، الذي توفي عن عمر ناهز 91 عاما، وتولي حكم الكويت سنة 2006، مستندا في حكمه إلى مبادىء راسخة، أساسها الدفاع عن القضايا العربية العادلة في مقدمتها القضية الفلسطينية. وعلى الصعيد الداخلي، واصل الراحل بكل أمانة مشعل بناء دولة حديثة وتحقيق النماء لشعبها وتعزيز الديمقراطية وحرية الرأي وتكريس المساواة في الحقوق والواجبات بين الكويتيين. ورغم قصر المدة التي قضاها في الحكم، شهدت البلاد في عهده قفزات تنموية وإنجازات في مختلف المجالات، خلدت اسمه في قلوب شعبه. وتولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قيادة مسيرة النماء في بلاده متسلحا بحكمته التي شهد له بها العالم، وبالخبرات التي اكتسبها من خوض معترك الحياة السياسية، والدبلوماسية. فعلى مدى أكثر من 50 عاما، تولى الأمير الراحل مناصب سياسية بارزة في بلاده، لا سيما حقيبة الخارجية التي حملها على مدار 30 عاما تقريبا، منذ الاستقلال وحتى مطلع تسعينيات القرن الماضي. كما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير للخارجية في أكتوبر 1992. وشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في مارس 1985، ووزيرا للإعلام بالوكالة بالإضافة إلى منصبه نائبا لرئيس مجلس الوزراء في الفترة من 4 مارس 1981 وحتى 9 فبراير 1982. وعمل خلال فترة توليه الحكم في البلاد على دعم الإصلاح، ومحاربة الفساد، وترسيخ دعائم التنمية، وتعزيز الاقتصاد بتنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات الخارجية. كما حرص على إقامة مركز تجاري ومالي دولي يعطي الكويت دورها الريادي. واهتم أيضا بقضايا المرأة في بلاده ومنحها رعاية خاصة منذ كان رئيسا للوزراء، مسؤولا عن متابعة التعديلات الخاصة بقانون الانتخاب عام 2005، التي منحت المرأة حق الانتخاب، وتمثل اهتمامه بالمرأة بالخصوص في دعم حصولها على حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية.