من جديد، حلقة أخرى من البرنامج الثقافي (مشارف) الذي تبثه القناة الأولى تغيب، ولا أحد كلف نفسه في تلفزتنا الوقورة أن يشرح للمشاهدين، مساء الأربعاء الماضي، لماذا لم تبث الحلقة، ولماذا عوضت بشريط هندي، ولماذا لم يتجرأ أحد في (اتمنا) على تقديم اعتذار للجمهور كما تفعل كل المؤسسات الإعلامية التي تحترم نفسها. منذ أيام جرى الكلام عن حلقة البرنامج الذي يعده ويقدمه الشاعر الشاب ياسين عدنان، والتي كانت استضافت الإعلامي المغربي محمد العلمي، وبعد تأجيل وتأجيل بثت الحلقة في لحظة سحور خارج شهر رمضان، واليوم تغيب حلقة أخرى ومن دون أي تفسير. ما معنى كل هذا؟ لماذا هذا الإصرار على قتل برنامج ثقافي هو الوحيد على شاشتنا الأولى؟ ولماذا كل هذا الاحتقار للبرامج الثقافية الجادة في برمجتنا التلفزيونية الوطنية؟ ألم يقتنع مسؤولو قطبنا العمومي بعد أن لحظتنا المغربية ذات الكثافة السياسية والاجتماعية تتطلب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إعادة الاعتبار للثقافي في إعلامنا وفي حياتنا، وبالتالي إعادة امتلاك السؤال الثقافي والفكري لمواكبة حراكنا المجتمعي ومن أجل فهمه؟؟؟ يمكن أن يفرض تطور كل برنامج، ثقافي أو غيره، ضرورة تحسين جودته أو تغيير بعض ميكانيزماته، وهذا طبيعي وبدهي في كل تلفزيونات الدنيا، لكن لا يمكن أن نقدم هكذا، وبجرة مزاج، على حجب حلقة من برنامج فقط لأننا أردنا ذلك. من جهة ثانية، فان حياتنا الثقافية وما تطرحه من أسئلة تستحق أكثر من برنامج ثقافي على قنواتنا التلفزيونية، وتستحق أن نوفر الإمكانيات المادية والتقنية اللازمة لصنع جاذبية تلفزيونية من دون أن يفقد الكلام جديته، ولكن أن نقرر بدل كل هذا حجب البرنامج الوحيد، وتغييبه، فهذا معناه أننا لم نتعلم بعد الإنصات لنبضات محيطنا المجتمعي. هذا نداء للقائمين على تلفزيوننا كي يتحلوا بقليل احترام لإبداعنا الثقافي ولصناعه. وللصديق المبدع ياسين عدنان جميل التحية والتقدير.