حذرت منظمة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، من تبني سياسات تقشفية لمواجهة تداعيات كورونا على اقتصادات بلدان العالم. وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي الذي أطلقته أول أمس الثلاثاء من القاهرة، أن العالم سيعيش "عقدا مفقودا" إذا ما لجأت الدول إلى تبني سياسات تقشفية لمواجهة الأزمة الناجمة عن كورونا. وأوضحت أنه في مواجهة ركود عالمي عميق وسط جائحة لا تزال مستمرة، هناك حاجة ملحة إلى خطة عالمية للتعافي يمكنها أن تعيد حتى البلدان الأكثر ضعفا إلى وضع أقوى مما كانت عليه قبل جائحة "كوفيد-19". ودعا التقرير إلى استخلاص الدروس من الأزمة المالية العالمية السابقة، ويرى أن التعافي والإصلاح، على المستويين الوطني والدولي، يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب، لأن إعادة البناء بشكل أفضل تتطلب تجاوز الشعارات لتصبح نموذجا لمستقبل أكثر مرونة. وسجل أن الاقتصاد العالمي لم يتعاف أصلا بشكل كامل من الأزمة الاقتصادية العالمية لعامي 2008 – 2009، حيث أن الإجراءات التي اتخذتها الدول أدت لزيادة هشاشة الاقتصاديات وزيادة حدة العولمة والاستقطاب، موضحا أنه قبل التعافي من هذه الآثار الاقتصادية، ظهرت أزمة كورونا في الوقت الذي اتبعت فيه معظم دول العالم إجراءات أدخلت الاقتصاد في حالة من الانغلاق العظيم الذي أدى إلى ركود اقتصادي غير مسبوق منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وتوقع التقرير خسارة اقتصادية في ظل جائحة كورونا في حدود 4 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي عام 2020، بقيمة 6 تريليونات دولار بما يوازي حجم اقتصاد الهند والمكسيك والبرازيل، أو 20 ضعف حجم الاقتصاد المصري. وأظهر التقرير تراجع تحويلات العاملين بالخارج بنحو 100 مليار دولار، كما أن حركة السفر والسياحة تراجعت في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 40 بالمائة خلال عام 2020. وبالنسبة لأثر الأزمة على العمالة، ذكر التقرير بأن منظمة العمل الدولية كشفت أن هذه الأزمة تهدد 500 مليون وظيفة على مستوى العالم، بالإضافة إلى احتمال اختفاء 100 مليون وظيفة بحلول نهاية العام الحالي، بما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الديون وعدم القدرة على السداد. ولفت التقرير إلى أن صانعي السياسات في دول العالم لديهم أدوات محدودة للتعامل مع الأزمة، فمعظم الدول النامية تتعامل مع صندوق النقد الدولي وتعاني من شروطه وعليها قروض، في الوقت الذي تشهد فيه هذه الدول تراجعا في عائدات الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، بما له من أثر على زيادة معدلات الفقر، فضلا عن أن 300 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي عبر العالم. وقلل من قيمة الإجراءات التي اتخذتها الدول المتقدمة تجاه الدول النامية حيث كانت جراءات إعفاء الدول النامية من الديون ذات أثر ضئيل للغاية، وحذر من إمكانية عدم التمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، الأمر الذي يستدعي تغيير السياسات المتبعة على المستويات العالمية والوطنية. ودعا الدول المتقدمة لمواصلة دعم الإنفاق العام ليستعيد القطاع الخاص الثقة ويعاود الإنتاج، كما دعا هذه الدول إلى تقديم الدعم المالي الكافي وتقليل ديون الدول النامية، والتنسيق بين السياسات النقدية والاقتصادية مع التركيز على دعم الأجور، ووضع حزمة من إجراءات الإنعاش الاقتصادي وزيادة الإنفاق الحكومي. كما طالب الدول النامية باستخدام القروض لأغراض إنتاجية بحيث تكون القدرة على السداد أعلى.