في تطور ينذر بالمزيد من التصعيد بين وزارة الصحة والأطر الطبية وشبه الطبية، هددت وزيرة الصحة ياسمينة بادو الأطباء الاختصاصيين الذين تلقوا تكوينهم التخصصي بالمراكز الاستشفائية وسبق لهم أن وقعوا على عقد التزام مع وزارة الصحة بالخدمة في القطاع العمومي لمدة 8 سنوات، لكن لم يلتحقوا لحد الآن بمقرات عملهم، باتخاذ قرار عزلهم من أسلاك الوظيفة العمومية. الإعلان عن هذا القرار تضمنته الإجابة التي قدمتها ياسمينة بادو ردا على سؤال حول عدم التحاق الأطباء والأطباء الاختصاصيين بالمستشفيات العمومية، وذلك خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين مساء أول أمس الثلاثاء، إذ أوضحت أن وزارة الصحة تباشر حاليا الإجراءات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل لاستصدار قرارات توجه بموجبها إنذارات للأطر الطبية والشبه طبية وإيقاف راتبهم، قائلة «إنهم ملزمون بالالتحاق بقرات تعيينهم بعد إجراء القرعة بحضورهم، وفي حالة عدم امتثالهم سيتم إصدار قرار بعزلهم من أسلاك الوظيفة العمومية».وأضافت أن وزارة الصحة تحدد المناصب المفتوحة للتعيين موازاة مع المناصب المرصودة للحركة الانتقالية، وذلك بمنح الأسبقية للحركة الانتقالية في اختيار المناصب المتوفرة، وفي نهاية العملية فإن المراكز المتبقية هي التي يتم عرضها على الخريجين الجدد من أجل التعيين، وذلك لضمان إعادة انتشار الأطر الطبية والتمريضية في جميع مناطق المملكة. وأشارت أنه بالموازاة مع ذلك أقرت الحكومة إجراءات تهم التحفيزات المادية خاصة بالموظفين العاملين بالمناطق القروية والنائية، كما قامت بوضع وتعديل دورية وزارية متعلقة بالانتقالات لتنظيم هذه العملية، ولتسهيل الانتقال من المناطق النائية إلى الحواضر والمدن بعد قضاء سنة أو سنتين من العمل، وتعويض المنتقلين بالخريجين الجدد. وأفادت بخصوص مناطق التعيين أن وزارة الصحة وتفعيلا لاستراتيجيتها منذ سنة 2008، دأبت على توزيع الموظفين من أطر طبية، شبه طبية، وإدارية بطريقة يراعى فيها التقسيم المتوازن بين جميع جهات المملكة بدون استثناء، مع إعطاء الأولوية للجهات التي عرفت تهميشا خلال سنوات طويلة، وخصوصا بالعالم القروي والمناطق النائية، حيث أن نسبة 75% التعيينات تمت بهذه المناطق، فأكثر من 4760 من الأطر الطبية وشبه الطبية التي تم توظيفها بين سنتي 2008 و2010 أحيل منهم 3562 للعمل بالعالم القروي والمناطق النائية. وأكدت أن الوزارة حرصت في هذا الصدد على الخروج من التعيين بمحور الدارالبيضاء-الرباط، المكان المفضل في التعيين لدى الأطر العاملة بالوزارة، لتركز الاهتمام على تعيين الموظفين الجدد بالمناطق الصعبة والنائية، وتلك المتواجدة بالعالم القروي، مع ما يتطلبه ذلك من العناية بهذه الفئة التي يتم إرسالها إلى هذه المناطق لتحفيزها على العمل، والعطاء الدائم خدمة لمصلحة المواطن وحاجته الماسة للعلاج. وفي مقابل هذه التصريحات، أكدت إحدى الطبيبات التي تنتمي إلى فوج الطبيبات الاختصاصيات ال30 اللواتي رفضن الالتحاق بمقرات تعيينهن ، في تصريح لبيان اليوم، أن قول الوزيرة مردود عليه، ذلك أن امتناعهن عن الالتحاق بمكان تعيينهن لم يأت كما يتم الترويج له من أنهن لا يمتلكن روح المواطنة، أو لا يلتزمن بروح قسم الطبيب الذي يفرض التضحية من أجل تلبية حاجيات المرضى في الدواوير والمداشر والجبال، بل إن امتناعهن يأتي احتجاجا على الاختلال الذي شاب عملية التعيين، حيث تم توظيف عدد من الطبيبات بأماكن عمل اخترنها في حين تم استثناء أخريات، مضيفة أنهن لم يطالبن بالتعيين بمحور الرباطالدارالبيضاء كما يتم الترويج له، بل طالبن بأماكن العمل التي تتواجد بها أسرهن أو القريبة منها. وأضافت أن صدقية طرحهن عززته مسألة تمكنهن كطبيبات اختصاصيات من ربح الدعوى القضائية من أجل إلغاء مقررات التعيين الأولى التي رفعنها ضد الوزارة وذلك في مختلف درجات التقاضي، مبرزة أن الوزارة لجأت بعد هذه الأحكام القضائية إلى التحايل عبر إلغاء مقررات التعيين تلك وإصدار قرارات توظيف جديدة للطبيبات الاختصاصيات في أماكن تبعد بكثير عن مقرات سكنى أطفالهن وأزواجهن، كعقاب على تجرؤهن على مواجهة الوزارة أمام القضاء، وهو ما يعد «تعسفا جديدا»، تشير المتحدثة.