تعيش مدينة الدارالبيضاء أزمة حادة في وجود المساحات الخضراء، التي تعتبر متنفسا رئيسيا لساكنة المجال الحضري، حيث أدى زحف البناء الإسمنتي إلى القضاء على كل شجرة أو مساحة خصبة صالحة لزراعة الأشجار والزهور والعشب الأخضر. ولا زالت العاصمة الاقتصادية للمغرب، تحتفظ بالحدائق الخضراء التي أحدثت خلال فترة التسعينيات والثمانينيات (حديقة الجامعة العربية، ليرميتاج، مردوخ..)، حيث لم يتم الاجتهاد في الرفع من عددها خلال الألفية الجديدة من قبل المجالس البلدية التي تناوبت على تسيير شؤون المدينة. وحديقة "مردوخ"، واحدة من الفضاءات الخضراء التي تعتبر مكانا إيكولوجيا بيئيا بالمدينة، بالإضافة إلى أنها الفضاء المفضل لقضاء الحصص الرياضية بالنسبة للعديد من البيضاويين الذين يجاور سكناهم هذه الحديقة (حي الأحباس، مرس السلطان، 2 مارس..). بيد أن أوضاعها بدأت خلال السنوات الأخيرة تتدهور نتيجة الإهمال وعدم العناية بها من قبل السلطات المنتخبة، وهو ما حولها من فضاء بيئي إلى مكان للانحراف وتعاطي المخدرات وبيعها، أو تنظيم جلسات سكر علني في هذا المكان الذي تغيب فيه الحراسة. وتشتكي الساكنة المجاورة لهذا الفضاء من المآل الذي انتهت إليه هذه الحديقة، بعدما كانت مكانا نظيفا وآمنا، تلجه النساء والفتيات والعائلات والأشخاص المسنين، قبل أن يتحول اليوم إلى بعبع يهابه البيضاويون، بفعل تواجد الكلاب الشرسة، واللصوص، والسكارى، والمعتوهين.. وتحسر أكثر من صوت الذين تحدثت جريدة بيان اليوم معهم عن هذا الوضع "الكارثي" الذي أصبحت عليه هذه الحديقة، نتيجة اللامبالاة، وعدم الاهتمام بالفضاءات الخضراء من قبل مجلس مدينة الدارالبيضاء الحالي. وأكدت الساكنة، أن ما يتم بذله من جهد بهذه الحديقة، لا يعدو أن يكون مجرد بروتوكول ليس إلا، حيث يقتصر الأمر على تنظيف فضاءات الحديقة بشكل سريع، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى تشذيب أشجارها وسقيها، فضلا عن وضع طاقم خاص يسهر على حراستها بالليل كما في النهار. ودعت الساكنة أثناء حديثها مع الجريدة، إلى ضرورة أن يلتفت المسؤولين بمجلس مدينة الدارالبيضاء لهذه الحديقة التي لم تعرف أي تغيير منذ سنة 2006، أي 14 سنة عن آخر وضع تجهيزات لوجيستيكية وزرع بعض الأشجار بها، باستثناء بعض الروتوشات المحتشمة التي يتم إدخالها بين الفينة والأخرى. وتطالب الساكنة بتجهيز الحديقة بالمعدات الرياضية، وكراسي الجلوس، وزرع بعض الأشجار بها، ثم تحديد أوقات ولوجها بوضع طاقم مختص لحراستها وتنظيمها، وطرد كل الأشخاص الذين يقصدونها من أجل المخدرات أو السرقة. وفي هذا الروبورطاج، تنقل عدسة جريدة بيان اليوم، مجموعة من الصور التي تعكس الوضع المتدهور الذي يوجد عليه هذا الفضاء الإيكولوجي والرياضي الذي يعتز البيضاويين به، لاسيما وأنه المتنفس الوحيد بالمنطقة إلى جانب حديقة "ليرميتاج" وحديقة "الجامعة العربية". وأنشأت حديقة "مردوخ" عام 1907، وسميت باسم تاجر بريطاني مرضاك (Murdoch)، حيث مثلت عنصرا مهما في أول تخطيط مدني فرنسي لامتداد منطقة الدارالبيضاء الحضرية، حيث عمل على تصميمها المهندس ألبيغ تاغديف. جدير بالذكر أنه تمت إعادة تسمية هذه الحديقة يوم الجمعة 9 أكتوبر 1987 من قبل جلالة الملك محمد السادس والذي اختار لها اسم؛ حديقة الايسيسكو، وذلك بمناسبة تأسيس نوادي الإيسيسكو الألسكو بولاية الدارالبيضاء الكبرى وقتها. يوسف الخيدر تصوير: أحمد عقيل مكاو