على إثر المسيرة الحاشدة التي عرفتها مدينة مراكش يوم 8 ماي 2011 من أجل التنديد بالهجمة الإرهابية التي تعرضت لها مقهى أركانة والتي أودت بحوالي 16 ضحية، قامت قناة «الجزيرة» في نشرتها المغاربية لنفس اليوم بنقل مقاطع من هذه المسيرة التي قالت القناة إنها من تنظيم حركة 20 فبراير، مع أن الحركة لم تكن إلا جزءا من هذه المسيرة التي انطلقت من باب دكالة وحتى مكان المقهى بساحة الفنا. ورغبة من القناة في إضفاء طابع الثورية على هذه المسيرة التي تؤكد مرة أخرى، مدى توحد الشعب المغربي حول قضاياه المشروعة وعلى رأسها الأمن، حاولت القناة الإيحاء بأن هناك مشكلا حقيقيا يعيشه المغرب في ظل تفجر الثورات العربية، وكأننا أصبحنا على شفا بركان قد يتفجر في أية لحظة، مع أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذه المسألة، حيث استضاف الصحفي بقناة الجزيرة حسن جمول الناشطة بحركة 20 فبراير، وعضوة لجنة إعلام هذه الحركة الزهرة بلعوادي، وحاول جرها إلى تبني أطروحة القناة في عدة مسائل خاصة ما يتعلق بالحرية والأمن، حيث تجاوبت المتدخلة هاتفيا مع المذيع ليظهر بالبنط العريض على شاشة القناة أن «المتظاهرين يطالبون بالحرية والأمن وينددون بالإرهاب» وهو عنوان يوح بأن النظام المغربي يقمع مواطنيه ولا يعطيهم الحرية الكاملة أو غير ذلك، خاصة وأننا أصبحنا متعوذين على تلقي الطعنات من كل الجهات وخاصة من إخواننا في الجزيرة الذين ومنذ إغلاق المكتب بالمغربي والتي نتمنى أن يعود في أقرب الآجال للعمل، يحاولون إظهار الجزء الأسود من الكأس المغربية، مع استثناءات قليلة يمكن أن نذكر من بينها أن الجزيرة كانت في طليعة من أشادوا ببعض تظاهرات حركة شباب 20 فبراير، وخاصة تلك التي نظمت يوم 20 مارس الماضي، غير أنها سرعان ما تعود إلى ممارسة لعبتها المفضلة في النبش بين ثنايا أية قضية من أجل إظهار المغرب كبلد تنعدم فيه حقوق الإنسان أو الحرية أو غيرها. ما على الزملاء في الجزيرة فهمه، هو أن المغرب في صدارة البلدان العربية التي تتمتع بالحرية وخاصة حرية التعبير والحقوق وما التظاهرات التي تنظمها حركة 20 فبراير وخروجها المتكرر إلى الشوارع دون أن تسقط أية ضحية إلا دليل على هذه الحرية خاصة وأن مطالب الحركة لا تتنافى مع مطالب الحركة الديمقراطية والأحزاب التقدمية التي انخرطت في دعم مطالب الحركة، بل إن خطاب الملك يوم 9 مارس الماضي جاء ليتجاوب مع الكثير من مطالب هذه الحركة بل ويتجاوز مطالبها في بعض الأحيان، وما النقاش الدائر حاليا في المغرب والتي يشارك فيه أعضاء الحركة بكل حرية إلا دليل على ذلك، بل إن الحركة ومطالبها حاضرة في كل المنتديات السياسية كما نرى قياديها وأعضائها مشاركين في الكثير من البرامج التلفزيونية الرسمية مثل برنامج «شباب في الواجهة» الذي تقدمه القناة المغربية الأولى والذي فتح الشاشة أمام شباب حركة 20 فبراير للدفاع عن مواقفهم بعيدا عن أية تشنجات وبالتالي، فإن ما أتمناه أنه بالقدر الذي نحترم فيه شباب الحركة وندعم مطالبها ونعبر عن استعدادنا لدعم أية خطوة تقوم بها ما دامت لا تطالب إلا بالمزيد من الديمقراطية ومحاربة الفساد الإداري والاقتصادي وإنشاء ملكية تستمد سلطاتها من الدستور وحكومة قوية تستمد أيضا سلطاتها من الدستور، فإن شباب الحركة مطالبون بعدم الانزلاق وراء بعض الأبواق التي تحاول النيل من المغرب، خاصة وأن مسيرة مراكش التي أظهرتها الجزيرة كشكل احتجاجي جديد بالمغرب، لم تكن إلا مسيرة للتنديد بالإرهاب شارك فيها إلى جانب حركة 20 فبراير كل من الجمعيات النسائية والنقابية والحقوقية والأحزاب السياسية وكل ألوان الطيف، وكان لشباب الحركة نصيب وافر من التغطية الإعلامية التي نقلتها القناة الثانية «دوزيم» في نشرتها لنفس اليوم، وهو ما يؤكد أن الحرية وتوفرها في المغرب هو الذي يجعل هذه الحركة تظهر في الإعلام الرسمي في الوقت الذي لم تكن فيه أي من الحركات الشبابية سواء في تونس أو مصر تظهر في الإعلام المصري أو التونسي قبل الثورة، كما أنه يستحيل حاليا أن يظهر زعيم من شباب حركة التغيير اليمنية على التلفزيون اليمني الرسمي، أو أحد نشطاء التغيير في سوريا على التلفزيون السوري، فيما يعد ظهور أحد ثوار ليبيا على القناة الليبية بمثابة الحلم الذي لن ولن يتحقق، مما ينبغي معه أن يدرك شباب حركة 20 فبراير أنهم يناضلون ويطرحون مطالبهم في ظل منظومة ديمقراطية تسمح لهم بالكلام داخل الوطن وتغنيهم عن التفوه بالترهات على الفضائيات أو الانجرار وراء تصريحات قد يتم تحميلها أكثر مما تحتمل.