كشفت هيئة الأممالمتحدة في دراستين استقصائيتين منفصلتين أجرتهما عبر شبكة الانترنت، إحداهما همت 15 بلدا والثانية همت تسع(9) دول تتوزع بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتعلق الأمر في تونس، ليبيا، المغرب، لبنان، الأردن، فلسطين، مصر، العراق واليمن، على أن النساء يواجهن حاليا خطرا متزايدا للتعرض للعنف من أزواجهن جراء جائحة "كوفيد 19″، مسجلة أن أقل من 40 في المائة من النساء اللواتي يتعرضن للعنف يقدمن على طلب المساعدة كيف ما كان نوعها أو يبلغن عن الجريمة. وقالت المنظمة الأممية للمرأة، في التقديم الذي تصدر وثيقة النتائج الأولية للدراسة الاستقصائية الأولى والتي تمحورت حول " تأثير جائحة "كوفيد-19″على الأعراف الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي والعنف ضد المرأة"، " إن زيادة أوجه عدم المساواة التي لطالما وكانت مشكلة من قبل الجائحة ولكن جاء الفيروس ليكشف عن نقاط الضعف المتأصلة في النظم الاجتماعية والاقتصادية التي بدورها أدت إلى تضخيم آثار المرض"، مشيرة إلى أن كل هذه التأثيرات تتضخم بشكل أكبر في سياقات مجتمعات ضعيفة وهشة وبها صراعات أو حالات الطوارئ حيث يتم تقويض التماسك الاجتماعي بالفعل والقدرات والخدمات المؤسسية المحدودة". وأبدت الهيئة الأممية منسوبا مرتفعا من التفاؤل، حيث اعتبرت بناء على نتائج هذه الدراسة الاستقصائية أن مسارات التقدم على نهج المساواة ما زالت واعدة نح الأفضل ، إذ بينما تسود مواقف الرجال غير المتكافئة عبر البلدان التسعة فإنه يتضح من هذا البحث أن هناك بعض الفرص من خلال التجارب الحياتية للرجال والنساء الذين شاركوا في هذا الاستطلاع والتي تظهر أن تحقيق المساواة بين الجنسين أمر ممكن وأنه يمكن إعطاء الأولوية لمنع العنف ضد المرأة والتصدي له". وبشكل لافت وقفت نتائج الدراسة التي شارك فيها أكثر من 16 ألف مشاركة ومشارك ، والتي توصلت جريدة بيان اليوم بنسخة منها، على اتفاق جميع المستجوبين على تعرض النساء لتهديد العنف خلال ظروف الحجر الصحي الذي فرضته مواجهة تفشي الجائحة، كما وقفت بشكل غير متوقع على مواقف إيجابية بشأن الاستعداد للإبلاغ عن حوادث العنف المنزلي، إذ أعرب ثلثا المجيبات والمجيبين على الأقل عن الرغبة في الانخراط في الأعمال التي من شأنها منع العنف ضد النساء في مجتمعاتهم، مع وجود رجال راغبين أكثر من النساء في اتخاذ الإجراءات. ووفق نتائج الدراسة التي أنجزها المكتب الإقليمي لهيئة الأممالمتحدة للمرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي حاول من خلالها فهم تبعات الجائحة بشكل أفضل وتقييم آثاره في شأن المساواة بين الجنسين والعنف ضد المرأة، فإن هذا المنحى الإيجابي المشار إليه سلفا ينحدر قليلا حيث يبرز الثقل الذي لازالت تشكله الأعراف الاجتماعية، حيث أن ما يقرب من واحد من كل ثلاثة مشاركين (رجال ونساء) يعتقد أنه يجب على النساء تحمل العنف أثناء جائحة "كوفيد-19 للحفاظ" على تماسك الأسرة. هذا رغم الأدوار البالغة الأهمية التي لعبتها النساء منذ وأن بدأت جائحة "كوفيد-19" تتفشى بين الناس، حيث أكدت المنظمة الأممية من هذا الاستطلاع على أن النساء في الدول العربية قمن بأدوار هائلة في مواجهة المرض، سواء كعاملات في مجال الرعاية الصحية حيث شغلن الخطوط الأمامية، أو مقدمات رعاية في المنازل، وكقيادات للتعبئة وفي المجتمع، هذا علما أنهن تأثرن بشكل غير متناسب على إثر الإجراءات الرامية للحد من انتشار الفيروس، ليس هذا فحسب بل ظهر أيضا العنف المنزلي كأثر إضافي للجائحة في المنطقة. وتشير النتائج الأولية للدراسة أيضا إلى أن "كوفيد-19″، فاقم من عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي لكل من الرجال والنساء في المنطقة، هذا رغم أن الأعمال المنزلية مثل التنظيف والطهي، لازالت على وجه الخصوص، بشكل شبه حصري من مسؤوليات المرأة. ورصدت الدراسة بعضا من التحول الذي باتت تعرفه العقليات، مشيرة إلى تسجيل توزيع مسؤوليات الرعاية غير المدفوعة بشكل أكثر توازنا بين النساء والرجال، لاسيما بين الأزواج المشاركين في هذا الاستطلاع، حيث كانت النساء عادة أكثر عرضة لتولي مسؤولية الاعتناء الجسدي بالأطفال، والرجال أكثر عرضة لتقديم الدعم التعليمي، فيما أفاد المشاركون الذكور في جميع البلدان التسعة بزيادة الوقت الذي يقضونه في رعاية أفراد الأسرة من كبار السن أو ذوي الإعاقة أو المرضى. واعتبر المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأممالمتحدة للمرأة للدول العربية، معز دريد ، معلقا على النتائج الأولية لهذه الدراسة، " أن جائحة "كوفيد-19″ أدت بالفعل إلى تعميق أوجه عدم المساواة بين الجنسين الموجودة مسبقا، والتي تتفاقم بشكل أكبر في سياقات الهشاشة والصراع وحالات الطوارئ، وزيادة خطر تعرض المرأة للعنف في ظل تدابير الإغلاق المفروضة يعد مصدر قلق على وجه الخصوص" وأفاد على أنه" بالرغم من التحديات الكبيرة، فإن الدراسة تشير إلى إحراز تقدم في نواح أخرى، إذ رغم أن النساء لازلن يتحملن عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر إلى حد كبير، فإن الجائحة دفعت الرجال إلى الانخراط بشكل أكبر في رعاية الأطفال وكبار السن". وفي المقابل، أظهرت نتائج دراسة استقصائية ثانية أجرتها هيئة الأممالمتحدة للمرأة حول تأثير HYPERLINK "https://arabstates.unwomen.org/ar/digital-library/publications/2020/08/brief-impact-of-covid19-on-vaw-in-the-arab-states-through-the-lens-of-women-csos" جائحة "كوفيد-19" في العنف ضد النساء والفتيات في الدول العربية، زيادة منسوب العنف المنزلي في منطقة الدول العربية خلال فترة الحجر الصحي أو يعرف بفترة الإغلاق. وأشارت نحو 50 في المائة من منظمات المجتمع المدني النسائية التي شملتها الدراسة الاستقصائية التي شارك فيها أكثر من 220 منظمة تنتمي ل15 دولة من المنطقة، وهي البحرين، مصر والعراقوالأردن والكويت ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وفلسطينوتونس والمملكة العربية السعودية والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن، إلى أن زيادة الضغط على إثر المصاعب المالية نتيجة ظرفية مواجهة تفشي جائحة كورونا، والبقاء المطول في الأماكن المغلقة، فضلا عن وقف الخدمات أو أنظمة دعم النساء تعد كأسباب رئيسة لارتفاع تهديد العنف المنزلي. وأن هذه الأسباب وراء أيضا تسجيل ارتفاع حالات العنف ضد النساء، مشيرة في الوقت ذاته إلى زيادة العنف على الإنترنت ضد النساء والفتيات مع تزايد نشاط الجناة على مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية. وفضلا عن ذلك، أفادت منظمات المجتمع المدني التي شملتها الدراسة، أنه بينما أدت الجائحة إلى زيادة عدد حالات العنف ضد المرأة المبلغ عنها في المنطقة، اقترن هذا الاتجاه بتعطيل الخدمات الأساسية للناجيات من العنف بسبب تدابير الإغلاق، بما في ذلك خدمات الصحة والشرطة والعدالة والخدمات الاجتماعية. وأورد المكتب الإقليمي للهيئة الأممية للمرأة أمثلة على ما سلف ذكره، حيث أن الجهات المجيبة، أي منظمات المجتمع المدني في بعض البلدان، أوضحت أن الملاجئ، أو ما يعرف في المغرب بمراكز الاستقبال والخطوط الساخنة أي الخطوط الهاتفية التي تضعها الهيئات أو السلطات لتلقي الشكايات بشأن هذه الحالات ، تأثرت بالجائحة (بنسب تتراوح بين 15 في المائة و 29 في المائة على التوالي) حيث تلقت الخطوط الساخنة عددا أكبر من المكالمات وكان عليها التكيف لتقديم خدمات الاستشارة عن بعد. ووفقا لنتائج الدراسة الثانية، إلى كون الجائحة، وتدابير الإغلاق ذات الصلة أي الحجر الصحي، أدى إلى تسجيل تأثير كبير على الأقليات والسكان الأكثر تهميشا والتي تفتقد لهياكل الدعم المناسبة، حيث أكدت منظمات المجتمع المدني النسائية في هذا الصدد، أن اللاجئات والمهاجرات والنساء ذوات الإعاقة، فضلا عن الأقليات العرقية والأقليات الجنسية، يواجهن "تأثيرا مزدوجا" للجائحة بسبب نقاط الضعف الموجودة مسبقا.