حذر أطباء في إيطاليا، التي كانت من بؤر فيروس كورونا الرئيسية في العالم، من تداعيات أكبر بكثير مما يعتقد البعض للمرض، على أجسام المصابين على المدى الطويل، التي قد تطال المتعافين أيضا. وقال الأطباء في منطقة لومبارديا، شمالي إيطاليا، إن "كوفيد-19" ليس مجرد مرض يتسبب بالتهاب رئوي، لكنه من الممكن أن يكون قاتلا ويعصف بالجسم كله. وأوضحوا أن الفيروس أدى إلى مشكلات صحية عديدة لمرضى عاينوهم، مثل أمراض الكلى والتهابات العمود الفقري والسكتات الدماغية، والوهن المزمن، وفق ما ذكر موقع "سكاي نيوز". كما حذروا من أن بعض المرضى قد "لا يتعافون أبدا" من "كوفيد-19″، مشيرين إلى أن جميع الفئات العمرية معرضة للإصابة بالمرض وتداعياته المؤلمة. وكان الاعتقاد في البداية أن أقسى شيء ممكن أن يحدث لمريض فيروس كورونا هو الالتهاب الرئوي الحاد، ومع مرور الوقت تبين أن هناك تداعيات أخرى تطال أجزاء عديدة في الجسم، مثل الكلى والدماغ. وأشار الأطباء إلى أن رصد التأثير الشامل للفيروس على جسم الإنسان لم يتحدد بعد، ذلك أن الفيروس لا يزال مرضا جديدا لا يعرف عنه الكثير. وربما تساعد شهادة الأطباء الإيطاليين في لومبارديا، في توضيح الصورة أكثر عن هذه التأثيرات. وأوضح ذات المصدر، أن بعض المصابين، حتى وإن تعافوا، فإن قدرتهم على العمل بشكل صحيح وبتركيز "ستقل بشدة". وحذروا أيضا أولئك الذي يعتبرون أنهم في منأى عن المرض، لا سيما الشباب، كونهم يعرضون أنفسهم لمرض قد يغير حياتهم، في حال تجاهلوا قواعد السلامة. وأعاد الأطباء التذكير بضرورة التباعد الاجتماعي وغسل اليدين باستمرار، والمواظبة على ارتداء الأقنعة. ويأتي تحذير الأطباء، وسط مخاوف متزايدة من موجة جديدة ووشيكة من الفيروس. وقال أطباء في مستشفيين اثنين في المنطقة إنهم رصدوا حالات جديدة يعاني أصحابها من مشكلات تنفسية. كورونا والدماغ وقي سياق متصل، حذر فريق طبي بريطاني مؤخرا، من أن مضاعفات تصيب الدماغ من جراء وباء كوفيد -19، بينها الجلطات الدماغية والهذيان والهلوسة، قد تكون أكثر شيوعا مما كان يعتقد. ومن المعلوم أن الإصابات الخطرة بمرض كوفيد-19 تنطوي على مخاطر مضاعفات عصبية، غير أن البحوث التي أجراها علماء في جامعة "يونيفرسيتي كولدج لندن" (يو سي أل) تظهر أن مشكلات خطرة قد تحدث حتى لدى الذين يعانون من عوارض طفيفة. وركز الفريق على الأعراض العصبية لثلاثة وأربعين مريضا يعالجون في المستشفى بسبب إصابة مؤكدة أو مشتبه بها بكوفيد-19. ومن بين هؤلاء، ثمة 10 حالات لاختلال دماغي مؤقت، و12 حالة لالتهابات دماغية، و8 جلطات دماغية، و8 حالات تلف في الأعصاب. وقد تلقى أكثرية هؤلاء المرضى المصابين بالتهابات تشخيصا بوجود التهاب الدماغ والنخاع الحاد المنتشر لديهم، وهو مرض نادر يصيب عموما الأطفال بعد تعرضهم لأمراض فيروسية. وقال مايكل زاندي من معهد "كوين سكوير إنستيتيوت أوف نيورولوجي" التابع لجامعة "يو سي أل"، " حددنا عددا أكبر من المتوقع من الأشخاص المصابين باضطرابات عصبية (..) من دون وجود رابط دائم مع خطورة الأعراض التنفسية". وتظهر الدراسة التي نشرتها مجلة "براين" المتخصصة أن أيا من المرضى الذين شخصت إصابتهم بأمراض عصبية لم يكن لديه أثر لفيروس كورونا المستجد في سائل النخاع الشوكي، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن الفيروس لم يهاجم دماغهم مباشرة. وقال الباحث في "كوين سكوير إنستيتيوت أوف نيورولوجي" روس باترسون "بما أن المرض موجود منذ بضعة أشهر فقط، لا نعلم بعد ما الأضرار التي قد يسببها كوفيد-19 على المدى الطويل"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس". وأضاف "على الأطباء إدراك التبعات العصبية المحتملة لأن أي تشخيص مبكر قد يحسن النتائج على صحة المرضى". ومع أكثر من 11 مليون إصابة مؤكدة في العالم، ثبت أن مرض كوفيد-19 يؤدي إلى جملة مضاعفات، إضافة إلى الالتهابات الرئوية. ورغم أن هذه البحوث الجديدة تدفع إلى الاعتقاد بأن المضاعفات الدماغية قد تكون أكثر شيوعا مما يعتقد، يشير الباحثون إلى أن هذا الأمر "لا يعني انتشارا واسعا لهذه الحالات". وقال مدير معهد الصحة الذهنية في جامعة "يو سي أل" أنتوني ديفيد "بسبب الاهتمام الفائق الذي يولى إلى جائحة كورونا، من المستبعد انتشار جائحة كبيرة موازية من حالات التلف العصبي غير الاعتيادية بفعل كوفيد-19".